الحقيقة في الوثيقة !

بقلم: نبيل عبد الرؤوف البطراوي

_أول الرقص حجلان _مثل شعبي يتم تداوله حينما يراد الحديث عن طرف يحاول القيام بعمل ما ،
جميعنا يعلم ان حركة حماس منذ قيام السلطة الوطنية كانت ترفض كل تلك الاتفاقيات التي أدت إلى تشكيل السلطة وعودة كم ليس بسيط إلى ارض الوطن والذي لم يكن نتيجة لصحوة في الضمير الإنساني الصهيوني او الغربي او العربي ولكن هناك كانت الكثير من الأحداث التي أدت إلى إنهاك المقدرات العربية والتي كان لزاما إضعافها لكي تبقى إسرائيل هي الدولة الاقوى في المنطقة فتم في العام 1988م إعلان وثيقة الاستقلال التي كانت بعد حمل استمر ما يقرب من 14 عام (1974_1988م )
وخلال تلك الفترة وبالتحديد تم إسقاط حكم الشاه في إيران واستجلاب الخميني من منفاه البارسي ،صاحب النظرية الإسلامية الشيعية الثورية والتي أغلقت مقرات السفارة الإسرائيلية وحلت محلها سفارة منظمة التحرير وزينت مداخل سفاراتها في معظم دول العالم وخاصة الإسلامية بصور القدس الضخمة وأظهرت العداء للشيطان الأكبر أمريكيا وتجلى هذا الفعل في حادثة السفارة الأمريكية في طهران وبعد عام من ثورة الخميني اشتعلت حرب ضروس استمرت ثمان سنوات كانت كفيلة بأن تترك البلدين في حالة فقر وتخلف لسنوات ،بكل تأكيد ليس الأمة العربية والإسلامية المستفيدة من هذه الحرب ولا القدس وشعب فلسطين ،وفي هذه الفترة المشغول فيها المسلمين بحالهم وتدمير ديارهم شنت حروب على لبنان او بالتحديد على المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية والتي توجت بحرب 1982م وكانت أهم نتائجها خروج المقاومة الفلسطينية إلى المنافي وكسر العزلة عن النظام المصري والذي كان يخضع لمقاطعة عربية في الظاهر نتيجة كامب ديفيد ،وهنا كان تبادل الرسائل والصيغ والأفكار ما بين منظمة التحرير والاوربيين والأمريكان إلى أن خرجنا بوثيقة الإستقلال صاحبة الدبلجة والأفكار التي مختصرها الاعتراف بأن فلسطين هي الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية عاصمتها والتمسك بالثوابت وحق العودة وما تبقى من القضية لا إشكالية ان يبقى حلم او قصص تحدثه الجدات للاطفال قبل النوم أو يتناوله الشعراء في شعرهم والرسامون في رسمهم فالحلم لا تسطيع أي قوة ان تمنعه من خيال اي إنسان.
بعد كل تلك السنوات وبعد الحروب التي مهدت لمؤتمر مدريد ومن ثم أوسلو ورفضت في البداية وتحريم التعامل مع نتائجها بقدرة قادر تصبح واقع يجب التعاطي معه ،نعم جميل ،وجميل كان فوز حماس في الانتخابات وجميل ان تمتلك حماس مشروع مخالف للآخرين ولكن كل من يمتلك مشروع عليه ان يعي كيف يريد ان ينجز مشروعه وعليه ان يتعلم من تجارب الآخرين وعليه ان يدرس الواقع الذي يعيش والظروف التي تحيط به ومقدراته ومقدرات شعبه وأمته التي يريدها ان تكون بعدا له ،وهذا ما قدمه الرئيس ابو مازن من خلال خطاب التكليف لحماس حين فازت في انتخابات 2006م والتي أراد أن يضع الرئيس الخبرة التي اكتسبها من خلال الزمن الطويل في العمل السياسي ولكن هنا طغت المكابرة والمقامرة على قيادة حركة حماس وربما كان هناك عدة عوامل دفعت لهذا داخلية وخارجية فلم تتمكن من الوقوف عند نهاية النفق الذي مر منه الآخرين للوصول الى ما كان في 2006م فأدخلت حماس غزة في نفق يزداد ظلمة يوم بعد يوم ومشاكل لها أول وليس لها أخر ثلاث حروب ، آلاف الشهداء والجرحى والمعاقين، آلاف البيوت المدمرة،آلاف الخريجين والعاطلين عن العمل آلاف العوانس ،مليون محتاج لمساعدات الأونروا ،وفي النهاية يكون المثل الشعبي حاضر _ مطرح ما .........شنقوه_
وبعد كل هذا يخرج علينا البعض ليحدثنا عن 24 ساعة يحتاجها لتحرير فلسطين بالطبع بعد (تحرير )الضفة الغربية من الرئيس عباس والسؤال كم شبر تم تحريره من غزة _ المحررة_منذ عشر سنوات ويزيد على الرغم من ان شمال قطاع غزة منطقة سهلية افضل لسير الدبابات الفلسطينية ،وهل تسيطر الطائرات الفلسطينية على اجوائنا لتتمكن طائراتنا من قصف مقرات ومقدرات العدو الصهيوني ؟؟؟
في النهاية هل قدمت الوثيقة اكراما لما يعيشه شعبنا من أجل التواصل إلى توافق وطني لنقوي جبهتنا الداخلية امام العدو والمجتمع الدولي ،ام ان حماس تسعى حقيقة إلى تقديم نفسها كطرف منافس وعلى استعداد ان تتفاوض مع العدو وهنا نحن بحاجة إلى خمسون سنة أخرى للوصول إلى أوسلو آخر وسلطة أخرى ،اذا كان غير هذا لماذا هذه الحملة المسعورة على الرئيس عباس في هذا الوقت .
ام ان حماس قدمت هذه الوثيقة رسالة دعم للرئيس عباس خلال لقاءات الرئيس ترامب وأركان الإدارة الأمريكية، ليتمكن من القول أنني أمثل الشعب الفلسطيني وأمثل رؤية وطنية شاملة وثوابت لن يقبل أحد من الشعب الفلسطيني التنازل عنها ،من هنا كانت المسيرات التي سيرتها حماس في غزة تركز على مطالب حياتية لأنها تثق بأن خليفة ياسر عرفات لن يكون اقل منه تمسك بالثوابت .
اي كان الامر فإن الوثيقة على الرغم من سنوات الحمل التي استمرت عشر سنوات والمخاض الطويل المؤلم الا أنها لها ما بعدها بشرط تمكين الجبهة الداخلية وإعادة الوحدة
للنظام السياسي الفلسطيني وإعادة شرعية كل المؤسسات التي تدير الشأن الفلسطيني في الداخل والخارج والعمل على إيجاد حلول خلاقة لكل المشاكل التي يعاني منها الانسان الفلسطيني وان لا يكون شعبنا بحاجة إلى الكثير من القتل والدم للنزول عن الشجرة والتخلص من الأنا الحزبية والدخول في شراكة وطنية حقيقية يكون الهدف الانسان الفلسطيني و نبتعد عن التلاوم والتخوين واللغة السياسية التي هجرها العالم منذ سنوات وتحمل الكل مسؤوليته في الإطار الوطني العام.
للتذكير _معركة الأمعاء الخاوية ما زالت مستمرة
_الاستيطان مازال يقضم الارض
_القتل على الحواجز مازال قائم
_الحرب الرابعة يعد لها العدو بشكل قوي _
_التوغل في أطراف القطاع لم يتوقف
_الطائرات الصهيونية لم تختفي عن أجواء غزة
_ 3 ساعات كهرباء تتلف بيض التفقيص
واخيرا اتمنى ان لا يخرج علينا أصحاب المزامير والمفسرون ليقولوا لنا مالم تقوله الوثيقة
نبيل البطراوي