مؤامرة تنظيمية على إضراب الأسرى

بقلم: فايز أبو شمالة

المعطيات القائمة على أرض الضفة الغربية تؤكد أن اللجنة المركزية لحركة فتح غير موافقة على إضراب الأسرى، وهي غير داعمة له، وقد أشارت الأخبار المتواترة إلى أن اللجنة المركزية حاولت ثني الأسير مروان البرغوثي عن فكرة الإضراب المفتوح عن الطعام، وقد عبرت عن خشيتها من تطور التضامن مع الأسرى في قرى ومدن الضفة الغربية إلى صالح المقاومة وضد مشروع الهدوء والسكينة، لذلك فإن تعليمات اللجنة المركزية لحركة فتح قضت بقصر مساندة الأسرى على خيم الاعتصام المقامة وسط المدن، وأمام مقرات الصليب الأحمر، والتوصية هي ضرورة عدم الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي نهائياً، والالتزام بعدم اعتراض طرق المستوطنين أو الاعتداء عليهم بأي شكل كان.

حين أعلن الأسرى الفلسطينيون إضرابهم المفتوح عن الطعام، كانوا يدركون هذه الحقائق، وكانوا متأكدين أن القيادة الفلسطينية غير معنية بأية تصعيد مع المحتل الإسرائيلي، وحين دار نقاش داخلي بين الأسرى قبل الإعلان عن خطوة الإضراب، سأل بعضهم عن رأي القيادة، وحين تـأكد لهم أن القيادة غير مؤيدة لهذه الخطوة، اقتصر عدد المشاركين في الإضراب عن الطعام إلى نسبة 40% فقط من مجموع أسرى حركة فتح، وهذا ما أدركه الأسيران مروان البرغوثي وناصر عويص، وهما يقرران مع الأسرى مواجهة صلف السجان وصفاقة الخذلان.

ثمانية عشر يوماً من الإضراب المفتوح عن الطعام، والفعاليات التضامنية مع الأسرى لا تتعدى المظاهر الشكلية، والمشاهد التمثيلية، ولحس الملح والماء أمام الكاميرا، بشكل يوحي بأن القضية الفلسطينية صورة وتصريح إعلامي، بعيد عن التضحية الحقيقية، وبعيداً عن الفعل الجدي، الذي ينتظره أهل الأسرى الذين سئموا الكلمات الجوفاء والتصريحات التي لا تشكل ضغطاً، ولا تقدم للأسرى طباً، ولا تؤخر عنهم وجعاً، ولا تؤثر على قرار مصلحة السجون، ولا ينزعج منها وزير الأمن الداخلي جلعاد إردان، الذي قال: حتى ولو مات كل الأسرى، فلن أتفاوض معهم.

في اليوم الثامن عشر للإضراب تضيق الفرصة على المضربين، ويخفت بريق الأمل في عيونهم لإنهاء الإضراب بشرف وكرامة، ولاسيما مع انتهاء يوم الخميس، الذي سيعقبه دخول سبت اليهود بدءاً من عصر يوم الجمعة، وهذا يعني أن يتواصل الإضراب حتى يوم الاحد، لمدة واحد وعشرين يوماُ على التوالي، وهذا زمن مرهق، وقد يحمل الموت للأسرى المضربين، الذين اشتد عليهم الكرب، مع انتهاء زيارة محمود عباس لأمريكا، دون أن يلتفت إليهم أحد، ودون أن يغضب لهم أحد، ودون أن يكونوا مادة الضغط على طاولة المفاوضات، التي تجاهلت أوجاعهم وإضرابهم، لتتركهم غرقى في بحر القرف والتأفف من الحال الفلسطيني.

وسط هذه العتمة السياسية الفلسطينية، فإن الثاكل تبكي للثاكل، وإن المصائب يجمعن المصابين، لذلك كان قرار عدد كبير من أسرى التنظيمات الفلسطينية خلف الأسوار مساندة إخوانهم المضربين، واللحاق بهم، وخوص الإضراب معهم، ومن هؤلاء الأسير أحمد سعدات، والأسير حسن سلامة، والأسير عباس السيد وزيد بسيبسي ومحمد القيق، ونائل البرغوثي وعمر أبو الرب، وحكيم عواد وغيرهم العشرات من الأسرى الذي سيؤكد إضرابهم ان الوطن أكبر من أي تنظيم، وأن ملتقى التضامن مع الأسرى هو ساحات المواجهة مع المحتلين الصهاينة.

د. فايز أبو شمالة