الكل يتساءل عن خطوة ترامب القادمة ..؟

بقلم: هاني العقاد

انتهي لقاء القمة بين الرئيس ابو مازن والرئيس ترامب بقليل من المعلومات وقليل من التوقعات الا ان الجميع بعد هذا اللقاء بدأ يتساءل عن الخطوة القادمة للإدارة الامريكية ..؟و يتساءل هل نجح اللقاء ام ان ابو مازن عاد بخفي حنين ولم يفلح في اقناع الادارة الأمريكية الجديدة بالمفهوم الفلسطيني الحقيقي لحل الصراع و ضرورياته ومخاطر استمرار الاستيطان على هذا الحل , واعتقد ان ابو مازن نجح في اقناع واشنطن بذلك وبالتالي تخفيض انحيازها لإسرائيل واصبح امامها مهمة اولي اقناع نتنياهو بالتخلص من الكراهية والتوقف عن الهجوم الشديد على القيادة الفلسطينية التي اعتبرتها شريكة في السلام ولديها بالفعل توجهات حقيقية لأنهاء الصراع في سلام تاريخي وهذا يعني ان ابو مازن نجح في احداث فتحة في الجدار الذي بنته حكومات اسرائيل والقوي اليهودية في واشنطن حول البيت الابيض لعشرات السنوات .
بات واضحا ان المنطقة مقبلة على حركة دبلوماسية وسياسة نشطة كلها تأتي في اطار ترتيب وتنسيق المواقف وتأكيد اقتناع كامل من كل الاطراف لانطلاق عملية السلام , لذا فان الايام القامة ستشهد تحرك الفلسطينيين والامريكان وحتى الأوروبيين في نفس الاتجاه لنفس الهدف ,الرئيس ابو مازن سيتوجه الى روسيا والهند والصين وعدد من العواصم العربية القاهرة وعمان والرياض لاطلاع شركاء العمل العربي على ما دار من محادثات في واشنطن وما التقدم الذي حققه بعد التحدث مع الامريكان ومدي اقتناع الامريكان بلعب دور افضل في علمية السلام المتوقعة , الرئيس ترامب سيقوم هو الاخر بجولة هامة في المنطقة هذا الشهر تشمل السعودية واسرائيل والفاتيكان , السعودية هي من اهم المحطات التي سيرسو فيها موكب ترامب للحديث عن المؤتمر الاقليمي ومدي مساهمة العربية السعودية في انجاح هذا المؤتمر الذي تتطلع واشنطن ان تؤسس من خلاله حلف جديد بالمنطقة تكون كل من مصر والاردن واسرائيل والولايات المتحدة والامارات العربية وقطر اعضاء بارزين في هذا الحلف .
اسرائيل ستكون محطة هامة لترامب لأنه سياتي للحديث مع نتنياهو في محاولة لتحفيف حدة الكراهية للقيادة الفلسطينية والهجوم عليها لان واشنطن قررت اعتبار ابو مازن شريك في صناعة السلام , ولقاء ترامب نتنياهو القادم يعني ان واشنطن تستشعر ان كراهية ونتنياهو لابو مازن يمكن ان تؤثر على كل مساعي واشنطن الحثيثة لتحقيق اختراق كبير واطلاق عملية سياسية شاملة وناجحة , وبالتالي سيكون ترامب قد انهي مرحلة الاقناع بالسلام لجميع الاطراف , لكن يبدوا ان نتنياهو يفعل ما يفعله من الهجوم على ابو مازن واعتباره ليس شريكا للسلام ليحظى بدلال امريكي مختلف يستطيع من خلاله ابتزاز واشنطن وتحقيق مكاسب سياسية وامنية وعسكرية لدولة الاحتلال . إسرائيل تعرف وتستشعر ان واشنطن اليوم ذادت قناعاتها و اصبحت اكثر اصرارا على حل الصراع اكثر من اي ادارة امريكية سابقة واليوم تأكدت ان امريكا تبنت حل الدولتين لذا فان تمنع اسرائيل ايضا يأتي في سبيل تحقيق حد ادني لتطبيق هذا الحل تحت دواعي الامن المستقبلي لدولة اسرائيل , وهذا يعني ان اي مفاوضات قادمة ستكون صعبة جدا والطاولة التي يتحاور عليها الطرفان مليئة بالأشواك والطرق التي ستوصل الطرفان لحل اي قضية مليئة بالألغام تحتاج من واشنطن والدول الراعية مزيدا من الجهد لإزالتها.
انا اعتقد ان الخطوة القادمة للرئيس ترامب قد تكون بدأت بمجرد ان انتهي لقاء ابو مازن ترامب وهذه الخطوة تعرف الادارة الامريكية كيف ستبدأها حيث الاعداد للمؤتمر الاقليمي الكبير الذي ستعلن من خلاله امريكا عن تشكيل تحالفها الجديد وبالتزامن اعتقد ان الاعداد لخطوة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين يمكن ان يتم من خلال قمة مصغرة امريكية اسرائيلية فلسطينية اولا وهي مفاوضات دقيقة وحساسة وشاقة على ان تحقق واشنطن تقدما محسوبا لحل الصراع ومن ثم الان عن المؤتمر الاقليمي فلا اعتقد ان الدول الاطراف والهامة في الحلف الجديد ستسمح بان تعقد مؤتمرا بحضور اسرائيل في اي مكان بالعالم علنا الا اذا اعترفت اسرائيل بالدولة الفلسطينية وقبلت بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي على كافة اراض العام 1967 بما فيها القدس الشرقية. الصفقة الكبرى التي تجهز لها ادارة ترامب تحتاج الى خطوات وادوار عالية الدقة من التنسيق والمتابعة والجدولة الدبلوماسية والزمنية لان اي مفاوضات ثنائية او اقليمية لن تنجح دون جداول زمنية ودون مرجعيات يقبلها الطرفان ويتفاوضوا على اساسها ستفشل.
ما يجب ان نعرفه ان الادارة الأمريكية تعمل بكامل طاقتها وكامل طواقمها من اجل انجاز هذه الصفقة وتذليل العقبات المتوقعة وتحييد اي تأثيرات على سير هذا العمل سواء بجذب الانتباه لأطراف اخري غير م ت ف لفتح مفاوضات او التعامل مع هذه الاطراف سواء كانت فلسطينية او عربية مشتركة لان واشنطن حددت وجهتها وحددت الشريك الحقيقي الذي تؤمن بالتوصل معه الى اتفاق سلام يسمح بتشكيل حلف جديد في المنطقة يكون جزءا من الصفقة الكبرى التي تريدها واشنطن ,واعتقد ان الوصول الى هذا يمكن ان يكون بالخريف القادم وعندها سيتبارى العرب بالسير في اشكال التطبيع مع اسرائيل دون خشية او لوم بان يتهم احد منهم بالالتفاف على القضية.

د.هاني العقاد
[email protected]