عندما اردت ان اكون في موقع اعلامي اعلم ان الاعلام مهنة المتاعب ، ونحن اليوم نواكب التطور الحاصل في السلطة الرابعة، بحيث لا يمكن أن تكتب أو تغطي بشكل كامل وخاصة اخبار فلسطين، او ما يجري في المنطقة او على المستوى الدولي ، حيث تعج هذه القضايا بملفات ثقيلة رغم ما يتعرض له الصحفيون ووسائل الاعلام إلى التهديد المعنوي ، ولكن نحن ما زلنا نؤمن بحرية الرأي، والتعبير وإبقاء الصوت من اجل ان تبقى فلسطين هي القضية المركزية .
واليوم القضية التي تشعل الرأي هي قضية الاسرى في سجون الاحتلال وايضا انتفاضة القدس المستمرة ، ولكن ما نراه نقول يجب العمل على وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ومواقع التواصل الاجتماعي ان تضع كل إمكانياتها بدعم قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب فى سجون الاحتلال الصهيوني ، ضمن استراتيجية إعلامية ممنهجة ومتكاملة وشاملة تقوم على خطة مدروسة تهدف إلى ابراز قضية الأسرى وانتفاضة القدس وفضح جرائم الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة بحق الاسرى والاعدامات التي تجري بحق شابات وشباب فلسطين ابطال انتفاضة القدس ، هذه الجرائم والانتهاكات التي تخالف المواثيق والاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة .
لذا بات من الضروري إعادة النظر فيما يقدم اعلاميا لخدمة هذه القضية ،وسيكون لوسائل الاعلام دور رئيسي في دعم قضية الأسرى من خلال توحيد الجهود وتطوير الآداء الاعلامى وتخصيص مساحات أكبر لها فى كل الوسائل الاعلامية الممكنة .
من هذا المنطلق نؤكد على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لبناء إستراتيجية إعلامية بالتعاون مع الأصدقاء ومحبى السلام والأحرار والشرفاء من العالم ، ورفدها بالخطط التنفيذية ، والسخاء في توفير الإمكانيات المادية كشرط للنجاح والاستمرار ، فمعركة الاعلام لا تقل أهمية عن المعارك الأخرى .
ان تدويل قضية الأسرى يحتاج إلى جهود جماعية " فلسطينية وعربية وجاليات فى دول غربية وأجنبية ، وهذا الأمر يحتاج لعقد المزيد من المؤتمرات الخاصة بالأسرى فى عواصم عربية وغربية وفى دول متنفذة بالقرار للتعريف بهذه القضية ، فمن خلال هذا الجهد يتم تشكيل رأي عام ضاغط يساهم في الضغط على المؤسسات الدولية المعنية بهدف التخفيف عن الأسرى والعمل الجدي على إطلاق سراحهم
من هنا لا يمكن النظر الى معركة الحركة الاسيرة على اعتبار أنها إضراب عن الطعام فحسب، بل هي معركة نضالية ومسيرة كفاح للشعب الفلسطيني، وتعتبر معركة الحرية والكرامة خطوة متقدمة في النضال ضد الاحتلال، مرحلة تؤسس لما بعدها من أشكال المقاومة.
في ظل هذه الظروف نرى ان معركة الحرية والكرامة لم تأت دون سابق انذار فقد تصاعد الارهاب ووسائل القمع غير الانسانية من قبل حكومة الاحتلال، بهدف كسر شوكة صمود هؤلاء
المناضلين بعد أن صمدوا في معارك اخرى من الاعتقال والتعذيب والتحقيق الذي لم تشهد له البشرية الا في أقبية وزنازين الفاشية والنازية.
لقد نجح الأسرى الفلسطينيون خلال عقود من النضال، في تحويل سجون الاحتلال إلى مدارس للمقاومة والصمود، ولعل الانتصارات التي حققها الأسرى الفلسطينيون على مدار عشرات السنوات، تشكل نبراسا لكل المناضلين من أجل الحرية في العالم.
وقد استفادت حكومات الاحتلال المتعاقبة من تواطؤ الماكينة الإعلامية الغربية الواقعة تحت تأثير اللوبيات الموالية لها في السراء والضراء، فأسدلت جدار صمتها على نضال الأسرى ما استطاعت، وتشويه صورتهم باعتبارهم إرهابيين أو متطرفين،ورغم اعتقالها لنواب وأكاديميين وحقوقيين، ونساء وشيوخ وأطفال، لذا ترى في معركة الحرية والكرامة نبراسا مضيئا في عتمة الليل ، رغم ان هذه المعركة اتت في ظروف غاية الصعوبة والتعقيد على جميع الصعد ، وخاصة على المستوى الفلسطيني فإن الحالة مؤلمة للغاية نتيجة الانقسام الكارثي وما نجم عنه من انعكاسات سلبية على مسار النضال الوطني الفلسطيني، واكثر من ذلك نجد أن الاوضاع العربية التي تمر بمرحلة صعبة تنعكس سلباً على مسار القضية الفلسطينية حيث لم تعد تحتل هذه القضية مكانتها كقضية مركزية وقضية للشعوب العربية، وتراجع اهتمام النظام الرسمي العربي بالقضية الفلسطينية، بل ان اختلالاً كبيراً قد حدث في التوازن العربي، ليس في صالح القضية الفسلطينية، وقد انتقل اغلب النظام الرسمي العربي من خندق تبني القضية الى خندق المشاركة في الحلف الامريكي الصهيوني، بل حتى وصل الى حد التآمر عليها، وإنه لمن المؤسف أن نجد هرولة العديد من الدول العربية نحو التطبيع مع كيان العدو بدون ثمن.
وامام كل هذه المعطيات تخوض الحركة الاسيرة المناضلة معركتها في زنازين الكيان المحتل ، من خلال وحدة متكاملة تشكل نموذجاً نضالياً يؤكد صلابة الصمود والارادة والتحدي، ولتقول العالم الصامت بان كل اجراءات الاحتلال وأساليبه لن تثني عزيمة وإرادة شعب فلسطين ونضاله حتى ينال العودة والحرية والاستقلال .
ختاما : لا بد من القول ، ان على احرار العالم والمؤسسات الدولية والإنسانية أن تأخذ دورها في لجم سياسة الأبارتايد الصهيوني على اعتباره أخر استعمار في العالم، فوحدة الجماهير الفلسطينية ومعها القوى العربية وشعوبها والقوى التقدمية العالمية تلتقي مع كلمة الاسرى خلف القضبان، وتتوحد في كل الجهود وعلى كل المستويات، وهذا يستدعي من الجميع فصائل وقوى ان ترفع صوتها الى جانب الاسرى بانهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية اولاً وقبل كل شيء، إنها رسالة وحدة وطنية عملية، لوقف المناكفات والعمل بنية وطنية صادقة لانجاز الوحدة.
بقلم / عباس الجمعة
كتنب سياسي