تزامن اعلان حماس عن وثيقتها الأخيرة والتي روجت لها بطريقة غير معتادة تسويقاً لما هو آت لم يكن بالتوقيت غير العادى, ولو أمعنا النظر في الوثيقة شكلا ومضمونا وتوقيتا نجد أنها جاءت في لحظة مخاض لمشروع ترامب اللاجديد كأحد مشاريع التسوية الامريكية على الطريقة الاسرائيلية لحل الصراع, وقراءة لتاريخ حماس منذ اعلانها كتنظيم مقاوم عام 1987والتحاقها بركب الانتفاضة الفلسطينية حتى خطفها لغزة بفعل فاعل واضح وضوح الشمس وادارتها "لسلطة تافهة" وكيانا مسخا على أنقاض المشروع الوطنى الذى قدم لأجله آلاف الشهداء والجرحى ومئات آلاف الأسرى الذين ما زالوا يئنون جوعا لكى لا يموتوا ركوعا وكأنك ترى نكبة فلسطين عام 1948 أمامك كمشهد لا يفارقك وكأنه يقول بأن المشروع الصهيونى وحلم رابين وقيادات الاحتلال بدأ في آخر حلقاته وبكل ما امتلك الاحتلال من عناصر القوة لتنفيذه إلا أنه لم يستطيع مدركاً أن القلاع لا تسقط إلا من الداخل , فبعد الصمود الأسطوري لمنظمة التحرير الفلسطينية في معركة بيروت عام 1982 أمام أكبر قوة في الشرق الأوسط وخروجها من أحد أهم الساحات المطلة على الأرض المحتلة فلسطين واستعادة الروح النضالية لها من خلال جماهير الأرض المحتلة وخصوصا "غزة" بوابة النصر والحصن المنيع وشرارة الثورة ومصنع الرجال برجالها ونسائها وأشبالها وشيوخها وعجائزها, وحتى بعد أن وضعوا المنظمة في الزاوية إما التوقيع على أوسلو أو شطب المنظمة , وإلحاقاً لذلك فإن الحركة الصهيونية أدركت أن ياسر عرفات ذاهب إلى دولة فلسطينية على جزء من فلسطين التاريخية وهو قادر بكل ما امتلكه الرجل من مقومات المناضل الثائر صاحب القضية الذى لم يرث ولم يورث إلا فلسطين فلا البزنس ولا مغريات الدنيا أضاعت بوصلته نحو القدس فقامت الصهيونية باغتيال رابين وهو الجنرال الوطنى إلا أنهم لم يغتالوا رابين بل اغتالوا فكرة أن يكون حلم الفلسطينيين أى كيان وطنى يحفظ الحد الأادنى لما تبقى من فلسطين شعبا وهوية , وكانت حماس تنفذ ما هو مطلوب منها فعملت وبتوجيهات واضحة بتخريب ما يقوم به عرفات وبعد اغتياله جاءت الفرصة الذهبية لتولى حماس وتبؤها ما هى عليه اليوم لتنفذ آخر المهمات المطلوبة لتعيد لذاكرة نكبة 48 نكبة أكبر بتصميمها من خلال ما ورد في وثيقتها الاخيرة بتأصيل الانقسام الفلسطينى الذى يقسم المقسم والمجزأ أكثر مما هو عليه, ولست بصدد الخوض في تفاصيل ما جاءت به الوثيقة بقدر التوقيت الذى يعطى شهادة الميلاد القادمة لمشروع الاحتلال وهو : لا دولة فلسطينية لا مستقلة ولا متواصلة جغرافيا ولا سياسيا ولا اجتماعيا بيد أن الجانب الآخر من المعادلة يتحمل العبئ الأكبر في هذا المشروع وهى قيادة المنظمة, ومن الطبيعى في ذكرى نكبة 48 ينبغى على الكل الفلسطينى احياء تلك المناسبة المؤلمة وهى ضياع فلسطين وطرد أهلها وتشتيتهم في أرجاء العالم إلا أن الواقع بوثيقة حماس اصرارها على أن تصنع نكبة ألعن من نكبة وكنا قد كتبنا في مقالات سابقة ذلك منذ انقلابها على الشعب الفلسطينى وعلى القضية الوطنية , فهل يعى الشعب الفلسطينى خطورة ما يحصل حوله من خيانة واضحة؟ أين قيادات العمل الشرفاء لوقف كل مشاريع التصفية للقضية؟ أين النخبة والمثقفين والكتاب والادباء والفنانون والعمال؟ ألهذا الحد وصل الشعب الفلسطينى؟ ألا يوجد أبو الخيرزان؟ إن مشروع الصفقة الكبرى لم يبدأ في عهد ترامب بل وضع منذ ترخيص الاحتلال الاسرائيلى للمجمع الاسلامى في غزة لضرب الكيان المرعب للاحتلال وهو منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها الوطنى المعقول, فهل سنشهد مفاجآت أم سيتم تنفيذ المشروع هذا ما سنراه في الأشهر القادمة ولكن قبل نهاية هذا العام.
بقلم/ أحمد رمضان لافى الاثنين 15/5/2017
[email protected]