النكبة الاليمة وشحذ الهمم

بقلم: عباس الجمعة

تحتل الذكرى التاسعة والستون لنكبة فلسطين ، يوم الخامس عشر من أيار، اليوم الذي شرد فيه الشعب الفلسطيني بقوة سلاح العدوان والمجازر بموازاة مسلسل التآمر والتواطؤ والتخاذل والوعود الكاذبة، وكذلك ضرب قرارات الشرعية الدولية ولتنفيذ قرارات المؤتمر الصهيوني في بازل سنة 1897 ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته ، فهذه الذكرى تستدعي شحذ الهمم لدى الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال والمشرد في وطنه واللاجئ والمشرد خارج وطنه .

وامام فصول المأساة والنكبة التي تشكل منعطفاً حاسماً وخطيراً بكل نتائجها وأبعادها الأليمة والخطيرة على الشعب الفلسطيني شعب الجبارين وعلى المنطقة العربية كلها وتأثيراتها على العالم أجمع منذ سايس بيكو ، الا ان شعبنا الفلسطيني ظل ولا زال يخوض هذا الصراع الطويل والمرير والمليء بالتضحيات الجسام فوق ارضه دفاعاً عن الامة العربية وحتى لا تضيع فلسطين ، حيث نرى اليوم انتفاضة شابات وشباب فلسطين التي ترسم خارطة الوطن بالدم ، فيما تتصاعد وتيرة نضال الحركة الاسيرة في معركتها البطولية معركة الحرية والكرامة ، حيث يقف الشعب الفلسطيني الصابر والعريق والأصيل يدافع ويناضل مقدماً التضحيات الجسام من أجل حريته وأرضه ومقدساته، وفي اطار فعالياته المستمرة لاسناد الاسيرات والاسرى البواسل في معركتهم الشرسة في مواجهة السجان الصهيوني وادواته القمعية.

وفي ظل الظروف التي تعيشها القضية الفلسطينية وعلى راسها قضية الاسرى وحق العودة فاننا نرى اهمية استنهاض طاقات الاحزاب والجماهير العربية من خلال تنظيم أوسع حملة تضامن مع الحركة الاسيرة المناضلة في سجون الاحتلال، وأنه ان الاوان لمطالبة المجتمع الدولي ومؤسساته المعنية بحقوق الإنسان للتحرك العاجل لإنقاذ حياة المئات من الأسرى في سجون الاحتلال ومعسكرات الاعتقال المعزولة عن العالم الخارجي ولوقف سياسة العزل الانفرادي الوحشية التي تعود إلى حكم و ثقافة القرون الوسطى.

أن ما يتعرض له الاسرى البواسل في سجون الاحتلال، يكشف الحاجة الماسة والعاجلة لانهاء الانقسام الفلسطيني، واستعادة الوحدة الوطنية، والمضي قدماً في سعينا لنيل الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على طريق تحقيق أهداف شعبنا العادلة في الحرية والاستقلال والعودة.

ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ تسعة وستون عاما من مؤامرات صنعتها وشاركت فيها قوى دولية واستعمارية وصهيونية، وتوهمت هذه القوى أن القوة والبطش والمجازر والتآمر والتواطؤ والتخاذل والعدوان يمكنها أن تعطي من لا يستحق ما لا يملك لمن لا يملك ولكن خاب فألهم ورد شعبنا بانطلاقة ثورته المعاصرة وانتفاضاته المتواصلة بان شعب عصي على الكسر، وسيبقى صامداً في معاقل الفداء والتضحية والصمود والثورة ، مؤكدا للعالم أن فلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني الذي لا وطن له سواه، وأن هذا الشعب لن يرضى بديلاً عن وطنه طال الزمن أم قصر لأن هذه الأرض أرض فلسطين أرض الآباء والأجداد.

ومن هنا نقول ليس من حق أحد في هذا العالم أن يتنازل عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وارضهم وديارهم ،لإن قضية اللاجئين هي قضية الشعب والأرض وقضية الوطن وقضية المصير القومي كله فلا تفريط ولا تنازل ولا مساومة ولا توطين بل حق مقدس لكل لاجئ فلسطيني في العودة إلى وطنه فلسطين تطبيقاً لقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار الاممي 194

إن شعباً يرسم بالدم خريطة الوطن ويسعى بأمثولة كفاحية لتغير وقائع الأمس ..لقادر طال الزمن أم قصر على تحقيق حلم الانتصار والعودة وهو يتطلع الى الكل الفلسطيني من اجل انهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية وتجاوز المنعطفات الحادة والحاسمة التي تواجه مسيرة الكفاح الوطني ، فهذا الشعب العظيم سيكون بإرادته وتضحياته وصموده قادراً على قطع الطريق على كل محاولات الإجهاض والطمس والتجاوز لأهدافه الوطنية .

وفي ذكرى النكبة ،وفي ظل التطورات التي تحدث في الوطن العربي ..وما يعصف في العالم من أحداث تلقي بمزيد من الأعباء الجسام على الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله ، وعلى كل القوى التقدمية والديمقراطية في الوطن العربي والعالم قاطبة , مواجهة الإمبريالية المتوحشة والتي تطبق أبشع صور العولمة في سلب وغزو وقهر حرية وإرادة الشعوب ، وما تفعله حكومة الكيان الصهيوني في فلسطين , تجعل إرادة الشعوب وقواها الحية بانها قادرة ان تطلق صرخة مدوية لأحلام الحرية والعدالة , والديمقراطية في وجه ظلام العصر , والقوى الامبريالية والرجعية والارهابية التي تستهدف شعوب المنطقة ودولها ومقاومتها

ختاما : نحن على يقين بأن مشاعل الحرية والتي انطلقت من أجل الأسرى والمعتقلين ومن أجل الشهداء ومن أجل الحقوق الوطنية المشروعة لن تنطفئ ولن تتوقف الا بتحقيق الحرية والاستقلال الناجز وبعودة كل اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها ، وسيبقى شعارنا لا خيار إلا النضال والمقاومة حتى تحرير الارض والانسان.

بقلم/ عباس الجمعة