أيقونة (ماء و ملح )
أنتَ الذي تُلِيتَ في أطهرِ الكتبِ السّماويّة..
أقداحُ مائِكَ صُبِغَت بِصُفرةِ الذهبِ المُكَنَّى ..
سُرِّبَتْ من خلفِ القضبان..
لِيَنهَلَ منها الطُّلَقاء
و تُصحّحَ اعوجاجَ الخارطة
و تمزّقَ مزاعمَ اللّاطعم و اللّالون و اللارائحة..
فَرَوائحُ السّجّانِ ولجَت من إبرة المسجون..
و خرقَ الأنينُ سَكِينةَ الأعداء
و غرّدَ البرغوثي بصوته المقدسيّ العتيق
و رُفِعَ النداءُ : حَيّ على الصلاةِ ، حيّ على العناد
رشفاتُ المِلحِ شَقّت طريقَها القويم..
تكدّسَت في حُلُوقِهم كَمسرَبِ الصبّار
حاولتُ أن أقلّدَ العُشّاق..
فاستَعنتُ بِمَطبخي المشؤوم..
مِن أينَ أجلبُ للكؤوسِ زنودَها كَتِلكَ التي..
من أين أعصرُ للنّمارقِ علقمَ الملح الذي..
و كيف لي طَهوُها؟ أنا لا أعي
مزجتُها في الإناء..
رُبِّتَ على كتفي المُلَثّم لِيُصنَعَ التمرّدُ على محاولاتي العنيدة..
يباغتني صوتُ الشبحِ الأسود :
ماذا تطهو أيّها المراهقُ الشّرِس؟
لم ينضجِ الملحُ في كأسِكَ بعد..
لم تخشن في حُنجرتِكَ أنفاقُ العويل..
ولم ينمُ في قصاصاتِكَ شِعرُ البلوغ..
لم تُصقَلِ الأمعاءُ بِمشحذِ السنين الجائعة..
فارجع..
تَوَارَ ..
و خذ فلتمضَغِ الإتخام..
عبدالسلام فايز / شاعر و كاتب فلسطيني