لا قيمة لأي لقاء سيعقده الرئيس الأمريكي ترامب مع الرئيس محمود عباس، فقد سال الدم الفلسطيني فوق البساط الأحمر، وجرى الغضب في عروق الشعب الذي التحم بروحه ودمه مع أسراه في شهرهم الثاني للإضراب المفتوح عن الطعام، فالرئيس الأمريكي لا يحمل في جعبته السياسية إلا الوعود الكاذبة، عن مستقبل مزدهر للشعبين، وعن سلام إقليمي، وعن صفقة العصر لتصفية القضية الفلسطينية، في الوقت الذي يستخف فيه الإسرائيليون بكل غطرسة بمصير الشعب الفلسطيني، وبمصير أسراه الذين يموتون في السجون، ولم يكلفوا أنفسهم بذل أدنى جهد للتجاوب مع مطالبهم الإنسانية، وهذا دليل استخفاف بالرئيس الزائر.
الرئيس الأمريكي غير مرحب به على أرض فلسطين، فهذا الرئيس الذي يتقرب لإسرائيل رغم العنف والإرهاب الذي تمارسه تجاه آلاف الأسرى المضربين عن الطعام، وتجاه معاناة الملايين في قطاع غزة والضفة الغربية، ورغم مواصلة العدوان الاستيطاني، وتهويد القدس والاعتداءات على مقدساتها الإسلامية، لذلك لن تفتح مدينة المهد أبوابها لرئيس متوحش على العرب، ولن يستقبله سكان بيت لحم في شوارعها، التي ستنتفض بقضها وقضيضها في وداع الشهيد، الذي فضل الشهادة على أن يشهد لحظة العار، حين يكتب التاريخ الفلسطيني الحديث، أن رئيساً أمريكياً حظي بترحيب القيادة الفلسطينية رغم وقوفه العلني مع أعداء فلسطين، وتجاهله معاناة شعبها المحاصر وأسراه المضربين عن الطعام.
لقد انتهت زيارة ترامب عملياً في بلاد الحرمين، حين وقع ترامب على العقود المالية والاستثمارية بمئات مليارات الدولارات، العقود التي ستوفر مئات ألاف فرص العمل للشعب الأمريكي، وهذا ما أراده ترمب من زيارة بلاد العرب، بينما كان لقاؤه مع أكثر من خمسين ملكاً عربياً، ورئيس دولة إسلامية أقرب إلى لقاء بروتوكولي يهدف إلى تأكيد البيعة للسياسية الأمريكية الموالية لإسرائيل، والتي تعمل على تطهرها من الجرائم البشعة بحق الإنسان العربي وأرضه، ولاسيما حين يتهم ترامب حركات المقاومة الفلسطينية والعربية ضد الاحتلال الإسرائيلي بالإرهاب، في أرخص موقف أمريكي يعادي الحقوق العربية على أرض عربية.
زيارة ترمب إلى مدينة بيت لحم يجب ألا تتم، فهي زيارة لن تسفر عن أي جديد بالنسبة للقضية الفلسطينية، فلا استئناف للمفاوضات العبثية يصب في صالح فلسطين، ولا لقاء ثلاثي مع الإرهابي نتانياهو يخدم قضية الشعب العادلة، ولا مشاريع التسوية الإقليمية تنقذ الأرض من إرهاب المستوطنين اليهود.
لقد أكدت الممارسات الإسرائيلية العدوانية أن لا طريق لحل القضية الفلسطينية لصالح الشعب الفلسطيني من خلال التفاوض، وهذا ما تفصح عنه الأحزاب الإسرائيلية التي لم تبلور موقفاً نهائياً بشأن آلية تصفية القضية الفلسطينية، التي ما زالت قيد التشاور الحزبي الإسرائيلي، فكيف لرئيس أمريكي أن يطرح تصوراً لحل سياسي لا يجمع عليه الإسرائيليون؟.
الشعب العربي الفلسطيني في الوطن والشتات يشق طريقه إلى الحرية بدماء أبنائه وعذاب أسراه، وهو قادر على مواجهة المؤامرة مهما تعددت أطرافها.
د. فايز أبو شمالة