مشاهد لم تلتقطها الكاميرات فى الرياض

بقلم: فادى عيد

بعد أنتهاء العم سام من حلب البقرة الحلوب بالرياض كما جرت العادة، وكما عودنا التاريخ، وحصول ترامب على قبلة حياة أمام الداخل الامريكي، وكذلك السعودية امام ايران، وبعد حربها فى اليمن ورهانها الخاطئي فى الملف السوري والعراقي، وبعد أن أنفش الحفل وعاد الحضور لبلادهم، ما عدا ترامب الذى يذهب لتل أبيب، كان علينا تسليط الضوء على عدة مشاهد تعمدت الكاميرات أغفالها، ولنا فى الاتى أهم الملاحظات.

تعمد تهميش رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الذى تواجد بالرياض، دون أن تلتفت له أيا من الكاميرات عن عمد، فى أشارة واضحة من الرياض لتل أبيب، قبل تهميش القضية الفلسطينية نفسها خلال كلمات المؤتمر، وهذا تم عن عمد، ولا أعلم أن كان ما حدث من تشتيت تركيز الحضور بالقمة الاسلامية بالنُدُل (موزعيين المشروبات) اثناء اهم كلمة فى القمة الاسلامية الامريكية كلمة الرئيس المصري، عمدا ايضا أم صدفة.

المشهد فى صلبه وأساسه وضع مفهموم جديد للارهاب وهو "أي خطر يواجه اسرائيل" هذا ما أكده الجبير وتيلرسون، وسلمان وترامب، فكلاهما ذكر بالترتيب ايران ثم حزب الله ثم حماس ثم داعش التى ذكرت مرة أو مرتين بالكثير فى تصرحيات الجانبين على مدار كامل زيارة ترامب، كذلك جاء الفعل بعد أن وضعت الرياض وواشنطن صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله على قوائم الارهاب، ومشروع مصادرة اموال حزب الله التى بدأت اسرائيل العمل عليه منذ شهرين بالتوقيت مع انشاء السعودية للمركز العالمي لمحاربة التطرف.

السعودية من اللحظة الاولى لاستضافة الحدث وجهت كل نيرانها هي وضيفها الاول تجاه ايران والنظام السوري وحزب الله، وتعمدت فى كل ساعة اختبار او بالادق ابتزاز لبنان، وضرب القاعدة الثلاثية "الجيش، الشعب، المقاومة" بداية باستبدال الرئيس اللبناني بأبن البيت (الشيخ سعد الحرير)، ثم التنديد بحزب الله أكثر من أي طرف اخر، وصولا لبيان الرياض الذى فاجئ الحاضرين بعد رحيلهم من الرياض (على غرار اعلان إنشاء التحالف الاسلامي) حتى أن وزير الخارجية اللبناني غرد قائلا: لم نكن على علم بإعلان الرياض، لا بل كنا على علم أن لا بيان سيصدر بعد القمة، وقد تفاجأنا بصدوره وبمضمونه ونحن في طائرة العودة

يحضرني مشهد هام أثناء مؤتمر الجبير وتيلرسون، سئل أحد الصحفيين السعوديين الجبير، قائلا: هل تحصلتهم على ضمانات امريكية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه؟ بعد تردد وحيرة لثواني معدودة الجبير نظر للورقة التى امامه وتطرق لتاريخ العلاقات السعودية الامريكية، خاتما كلامه بان امريكا لم تخل بكملتها معنا، فى ظل نظرة من تيلرسون تقول أكثر ما قال الجبير.

أما بخصوص انتاجنا من الارهاب (داعش وما الى اخره)، فقالها ترامب صريحة اطردوهم من بيوتكم من دار عباداتكم من اراضيكم(اللى حضر العفريت يصرفه وانا هتكفي بدعمكم فى مجلس الامن وتوفير غطاء سياسي)، ولكن لم يذكر لنا كيف ستتم عملية "نقل الارهابيين"؟ والى أين؟ وربما يكون ذلك هو أول أعمال المركز العالمي لمكافحة التطرف.

لم تتطرق قمة الرياض لحل الازمة الليبية، واكتفت بفتح الباب امام سوريا والعراق لمواجهة الارهاب الذى هو فى قاموس "واشنطن، الرياض، تل أبيب" كل من يهدد أمن اسرائيل، بعد أن تحصل ولي ولي العهد السعودي على ضوء اخضر لانهاء حرب اليمن بأى نتيجة ما كانت تكليفتها خلال 6 أشهر.

نقطة أخرى لا تفوت من يبحث عن الخيوط بيديه، بعيدا عن الصحف والمواقع الالكترونية، منذ اسبوعين تقريبا اطلق سلاحيّ الجو الإسرائيلي مناورة "جونيبر فالكون" النوعية المعقدة فوق البحر المتوسط، بمشاركة 30 طائرة اف35، والتى حاكت هجوماً مشتركاً لسلاحي الجو ضد دولة متقدمة، بها أهداف برية وجوية متطورة.

كلمة مني لكل أحبائي: من السهل علينا أن نوفر مجهودنا ونكتفى بما تراه العين المجردة، والذهاب لتناول المشاهد المبهجة التى يحبها العامة، ولكن نحن لا نبحث عن أكبر عدد من المؤيديين للسطحية، ولكن نبحث عن أكبر كم من المعلومات الغير مرئية، وأبعد نقطة يصل لها عقلنا فى ادراك ما وراء الجدران.

 

فادى عيد

المحلل والباحث السياسى بشؤون الشرق الاوسط [email protected]