ولأنها رقيقة كالزهور التي تزين الحياة ولأنها طيبة حنونة تحمل في داخلها قلب طفل صغير طاهر وبري لم تشوه نبضاته خداعات الحياة ولا لوعتها لذلك قد لمها إحساسها بالظلم والجور من ذوي القربى كان لها ضربة قاصمة بل كالقشة التي قصمت ظهر البعير لم تكن تعلم أن الدنيا بزينتها هي كل غايتهم وأسمى أمانيهم هم لم يكترثوا بما غنموا سوا أكان ذلك حلالا أم حراما فكرت في لحظة يأس أن تتمرد عليهم أن تتمرد على نفسها فتغادر الحكمة والرزانة والفكر فتصرخ فيهم بأعلى صوتها كفاكم ظلما وكفاكم عنصرية حاولت أن تقوم بإعمال صبيانية خاصة أن طفولتها لم تكن طفولة عادية كقريناتها
ووسط حالة الهياج والتخبط التي أصابتها لمحت على عجالة عنوانا لأحد الكتب التي كانت ترقد على منضدة صغيرة في غرفتها و أمام عينيها قامت بسرعة وأمسكت بالكتاب وكأنها لأول مرة تراه احتضنته بقوة كما تحتضن الأم ولدها الذي غاب عن ناظريها سنوات طوال فابتسمت من جديد مودعة كل لامها وشجونها قائلة في قراره بصوت ضعيف اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا و لا إلي النار مصيرنا و اجعل الجنة هي دارنا و قرارنا يا رب العالمين وما هي إلا لحظات وإلا وقد استغرقت في النوم وشفتاها لا تردد سوى حسبنا الله ونعم الوكيل
بقلم حامد أبوعمرة