خيبة أمل في الشارع الفلسطيني بعد زيارة ترامب

اصيب الشارع الفلسطيني، بخيبة أمل كبيرة، بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإسرائيل، ومدينة بيت لحم في الضفة الغربية، على مدار يومين.

ولم يُعطي الشارع أهميةً كبيرة لتلك الزيارة، وحكموا على نتائجها السلبية قبل أن تتم، خاصة وأن "ترامب" يحمل عداء للمسلمين، وتعده بنقل السفارة الأمريكية للقدس خلال حملته الانتخابية، قبل أن يُصبح رئيسًا للولايات المتحدة.

وما زاد الطين بِلة، تصريحاته التي خلقت حالة من التشاؤم والاستنكار لدى عموم الشعب الفلسطيني، عندما وصف من بلاد الحرمين المقاومة الفلسطينية "بالإرهابية"، ودعمه الواضح لإسرائيل.

واصيب بصدمة وخيبة شديدة، عندما أتى "ترامب" برفقة زوجته وابنته وحاشيته لإسرائيل، ومكث بها مدة أطول من مكوثه في مدينة بيت لحم، التي لم يزورها سوى فترة قصيرة، ألقى بها خطابًا مُشتركًا مع الرئيس محمود عباس، لم يأتي خلاله على ذكر القضية الفلسطينية.

فيما استفز "ترامب" مشاعر الفلسطينيين، عند زيارته حائط البراق في المسجد الأقصى المبارك، وتأكيده على أحقية الشعب اليهودي بالأرض الفلسطينية المُحتلة، وارتباط هذا الشعب بالقدس تاريخيًا؛ وحديثه عن "صفقة سلام" وليس اتفاقًا، ما كشف بشكلٍ واضح ما يحمله في جُعبت، خلال جولته للمنطقة.

ملاحظات الزيارة

وذهب بعض المتابعين للزيارة لوضع ملاحظات هامة عليها، خاصة عند قدومه لأراضي السلطة الفلسطينية، وزيارته لمدينة بيت لحم تحديدًا، منها : وصل "ترامب" للمدينة برًا في سيارة خاصة ضمن موكب مؤلف من نحو 60 سيارة؛ إغلاق جزء كبير من وسط وجنوب مدينة القدس المحتلة للسماح للموكب الرئاسي بالمرور من الفندق الذي يقيم به إلى بيت لحم التي تبعد ثمانية كيلومترات إلى الجنوب.

كذلك من ضمن الملاحظات، لم ترافقه في زيارته زوجته ميلانيا وأبنته إيفانكا رغم وصولهما معه إلى كل من السعودية وإسرائيل؛ أيضًا ألغى زيارته المقررة سابقًا لكنيسة المهد، على الأغلب بسبب اعتصام أهالي الأسرى؛ علاوة على التغيب المفاجئ لرئيس الوزراء رامي الحمد الله عن استقبال "ترامب".  

فضلاً عن أن اللقاء مع الرئيس عباس استمر 40 دقيقة، فيما زار بيت لحم لمدة ساعة مقابل 40 ساعة في إسرائيل؛ في المؤتمر الصحفي تحدث الرئيس للمرة الأولى عن "صفقة" وليس اتفاق سلام، لم يتطرق ع إلى مطالبه القديمة منذ سنوات بوقف الاستيطان، وتحديد مرجعية للسلام، والإفراج عن قدامى الاسرى من أجل استئناف المفاوضات.

في مقابل ذلك اكتفى "ترامب" مُجددًا بالحديث عن عموميات السعي إلى عملية السلام والتوصل إلى صفقة تاريخية، ولم يأت على ذكر "حل الدولتين، دولة فلسطينية، حق تقرير المصير للفلسطينيين، الحقوق الفلسطينية أو قرارات الشرعية الدولية بشأن الصراع".

تعليقات وقرأت

الكاتب والمحلل وجيه أبو ظريفة، علق في مقال له بالقول : "غادر (ترامب) وانتهت الزوبعة في فنجان الصراع، الذي بقي مفتوحًا ليستقبل مزيدًا من الضحايا الفلسطينيين والعرب والمسلمين وربما يكون الضحايا في المرات القادمة متهمين بالإرهاب وتقوم الولايات المتحدة بمحاكمة أرواحهم، لأن جثامينهم لا يمكن تطبيق العقوبات عليها".

وأضاف أبو ظريفة "ذهب ترامب وذهبت معه أدراج الرياح كل أمنيات وتخيلات البعض بأنه سيحدث اختراقًا كبيرًا في معادلات المنطقة، وأنه جاء بفكر جديد ونهج فريد، يستطيع أن يغلق الفجوات بين أطراف الصراع المرير ليجمعها فى حوار بناء يؤدي إلى صفقة القرن السياسية".

وتابع "حلت في المنطقة خيبة الأمل التي لا يستطيع زعماء العرب أن يظهروها الأن بعد أن قبل (ترامب) ساره نتنياهو وقبل حائط البراق/المبكى واعتمر قبعة الصهيونية الدينية، وأعلن أن نتنياهو ودولته محبون للسلام والتعايش مع جيرانهم إذا استكانوا وخنعوا واستسلموا لإسرائيل الدولة القومية اليهودية التي يراها تمامًا كما يريدها رئيس الحكومة الإسرائيلية ومستوطنيه".

أما الكاتب راسم عبيدات، فقال : "اتضح بعد انتهاء زيارات (ترامب) للمنطقة بأن ما تحقق هو المزيد من الانحياز الأمريكي لإسرائيل، التي أغرق الرئيس الأمريكي في كيل المديح لها، والوقوف إلى جانبها ضد إرهاب حماس وحزب الله وايران، حماس التي لم تشفع لها التغيرات التي أجرتها على رؤيتها وبرنامجها وإصدارها لوثيقتها السياسية من أجل التكيف مع التطورات القادمة والدخول في بازار ونادي التسويات السياسية، بعدم تصنيفها على لائحة الإرهاب الأمريكي".

وواصل في مقال له، "مع نهاية زيارات (ترامب) للمنطقة ذاب الثلج وبان المرج وتكشفت الحقائق الأولوية للتحالف الاستراتيجي – الإسرائيلي، وحماية أمن إسرائيل، والحرب على "الإرهاب" والتطبيع مع إسرائيل، وكل ملياراتكم التي استحلبها منكم، لم تجعله ينطق بكلمة احتلال أو وقف للاستيطان، أو أن الحل رغم عدم عدالته يقوم على أساس حل الدولتين، فهل تأتيكم صحوة من غيبوبتكم، أو انكم دخلتم غرف الإنعاش المركزة ولا امل في شفائكم؟!".

أراء الشارع

فيما اتفق الشارع الفلسطيني، على أن الزيارة لم تُجني شيئًا للقضية الفلسطينية، سوى مزيدًا من الإذلال لشعبنا، وإضفاء الشرعية للاحتلال، وتفويضه للقيام بما يحلو له بالشعب الفلسطيني، خاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ومواصلة تهويد المسجد الأقصى والأماكن المقدسة.

وقال محمود يوسف، لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" : "نحن لا نعول كثيرًا لا على زيارة (ترامب) ولا غيره من الشخصيات الغربية والعربية، لأنه سبق وأن جرب الشعب الفلسطيني مثل تلك الزيارات، التي كانت تصب فقط في صالح الاحتلال الإسرائيلي؛ فلم ينجح رئيس يومًا في تجريم إسرائيل، ووقف عدوانها بحق شعبنا".

أما محمد أيمن، فيؤكد هو الأخر لمراسلنا، أن تلك الزيارة ما كانت لتتم، بهذا الشكل والتوقيت، لولا ضعف القيادة الفلسطينية، التي استقبلته وسط حالة الانقسام والترهل والتشرذم التي تعيشها الساحة الفلسطينية؛ والواقع المرير الذي يُعتبر الأسوأ على الإطلاق يعيشه أهالي الضفة والقدس والـ 48 وغزة، حتى اللاجئين في الشتات.

بينما أنتقد، ربحي أحمد خطاب الرئيس وفحواه، الذي لم يتطرق للقضايا الجوهرية، المتعلقة في القدس واللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية، وتسليط الضوء على جرائم الاحتلال؛ مُشيرًا إلى أنه كان من الأجدر استغلال الزيارة لاطلاع "ترامب" على ممارسات الاحتلال، خاصة وأنه مر بموكبه بجوار جدار العزل العنصري، الذي يُقطع الضفة والقدس.

المصدر: غزة - تقرير| وكالة قدس نت للأنباء -