الجرح الفلسطيني ومعركة الاسرى

بقلم: عباس الجمعة

عندما نتحدث عن الجرح الفلسطيني ، نتحدث عن الشعب الفلسطيني العظيم الذي يقف في مواجهة احتلال متغطرس ومجرم يفتك بالشجر والحجر والبشر ، ولكن بنفس الوقت يعاني من انقسام كارثي نتيجة بعض المصالح الفئوية ، من قبل جهة لا تريد انهاء الانقسام واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بل تريد الحفاظ على ادارة مع استمرار بقاء الحصار والعدوان على قطاع غزة ، بينما يستمر تفتيت الضفة عبر الجدار والمستوطنات والحواجز والاعتقالات ، دون رسم استراتيجية كفاحية ، بينما ينهض المارد من شباب وشابات فلسطين لترسم بدم خارطة فلسطين ، وتنهض معه الحركة الاسيرة المناضلة بامعائها الخاوية في معركة الحرية والكرامة.

هذا الوضع يفرض على كافة الفصائل والقوى الفلسطينية مراجعة شاملة للوضع وإعادة صياغة رؤيتها وبرامجها ودورها المستقبلي ، بما يمكنها من الانتقال إلى حالة التفاعل الذي يحقق قدرتها على الاستجابة والتحدي للمأزق السياسي والمجتمعي الراهن، وأن تتعاطى مع ما يجري من على أرضية المصالح والأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني ، من خلال الارتباط الوثيق بالرؤية القومية للصراع مع العدو الصهيوني باعتباره صراع عربي إسرائيلي ، جنباً إلى جنب مع تفعيل دورها في المقاومة الشعبية ، والانطلاق إلى رحاب الجماهير الشعبية والتوسع في صفوفها لكي يستعيد شعبنا من جديد، أفكاره وقيمه الوطنية والديمقراطية والاجتماعية التوحيدية.

وها نحن نرى أعلام فلسطين وصور الأسرى ترتفع عاليا من قبل الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله وهيئاته الاجتماعية والاحزاب والقوى العربية ، وصورة المناضل الأممي العربي الرفيق جورج عبدالله المعتقل في سجون فرنسا، والشعارات التي تدعو لنصرة الأسرى، وتحريرهم، وعدم المساومة على قضيتهم.

من هنا نوجه تحية الإجلال والاعتزاز والتقدير إلى كافة الأسيرات والأسرى نساءً ورجالاً أطفالاً وشيوخاً وإلى الأسرى القدامى وقادة شعبنا في الأسر.

لذلك نقول أن أبسط واجبات الوفاء للحركة الأسيرة ولمناضليها وأسرهم ولتضحياتها وشهدائها هو التمسك بالمقاومة واستعادة الوحدة الوطنية طريقاً أكيداً للخروج من دوامة الأزمة الوطنية الراهنة ورسم استراتيجية وطنية بمواجهة الاحتلال والاستيطان والحصار والقتل والاعتقال وانفلات ارهاب دولة الاحتلال و المستوطنين ضد الارض والانسان والمقدسات.

وفي ظل هذه الظروف نؤكد على ترسيخ التعامل مع الاسرى باعتبارهم أسرى حرب وتجريم انتهاكات الاحتلال بحقهم طبقاً للقانون الدولي واتفاقات جنيف، مما يستدعي دعم معركة الأسرى باعتبارها جزءاً من استراتيجية وطنية، وهذا يدعونا الى أوسع مشاركة في في النشاطات الشعبية المختلفة داخل الوطن وخارجه وفي مناطق التماس مع الجدار وحواجز الاحتلال وتعزيز لجان الدفاع الذاتي والمقاومة الشعبية في المدن والقرى والمخيمات، لاننا نعتبر ان معركة الحرية والكرامة هي جزء لا يتجزأ من معركة الحرية لشعبنا، التي باتت فيها الحركة الاسيرة ثابتاً من الثوابت الوطنية غير القابلة للتأجيل والتصرف.

وامام هذه الاوضاع نقول ان الشعب الفلسطيني الذي خاض معاركه منذ وعد بلفور وسايكس بيكو وصولا الى النكبة التي اصبح لها تسعة وستون عاما مضت على ارتكاب النظام الإمبريالي الرأسمالي وصنيعته الحركة الصهيونية، لجريمة، كانت وما زالت، من أبشع جرائم العصر الحديث، جريمة اقتلاع معظم أبناء الشعب العربي الفلسطيني من أرض وطنه ودياره، وإحلال المغتصبين الصهاينة مكانه بقوة السلاح والإرهاب وتزوير حقائق التاريخ، هكذا تم قيام دولة العدو الإسرائيلي كدولة وظيفية تستهدف استمرار حالة التجزئة والتفكيك بين بلدان وشعوب وطننا العربي من ناحية وحماية المصالح الرأسمالية الامبريالية التي تقوم على الاستيلاء والتحكم بمواردنا وثرواتنا من ناحية ثانية، وبهذا المعنى لابد من مراجعة المسيرة الماضية وعدم الرهان على مفاوضات عبثية، واعادة الصراع الى مجراه الحقيقي كصراع عربي - صهيوني بين كل من القوى العربية التقدمية وفي طليعتها الشعب الفلسطيني ، وبين التحالف الامبريالي – الصهيوني ، بحيث بات من الممكن الحديث عن تفعيل البعد القومي في الصراع ضد دولة العدو الصهيوني في مجابهة مشاريع ومخططات القوى الرجعية وحركات الاسلام السياسي المتوافقة مع السياسات الأمريكية، وفي هذا الإطار فإن من الطبيعي والحتمي أيضاً أن يكون لشعبنا الفلسطيني وحركته الوطنية دوراً طليعياً فيه من أجل تحقيق أهدافه في تقرير المصير والعودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .

ختاما : لا بد من القول بأن قضية الأسرى كانت وستبقى العنوان الأكثر سطوعاً لبقاء المقاومة واستمرارية نهجها، ونرى ان الشعب الفلسطيني هو اكثر تمسكا بالمبادئ والثوابت الوطنية حيث بذل كل التضحيات على مذبح تحقيق اهدافه الوطنية المشروعة لنيل الحرية الحقيقية والسيادة الوطنية التامة.

بقلم / عباس الجمعة

كانب سياسي