مروان البرغوثي منتصراً ..

بقلم: هاني العقاد

لم يعلن الاسير والقائد  مروان البرغوثي الخوض في الاضراب برفقة الالاف من الاسري الابطال في السجون الاسرائيلية الا ولديه ايمان مطلق بالنصر المطلق وتحقيق كل مطالب الاسري الابطال القابعين في زنازين الاحتلال الصهيوني , هؤلاء الذين الاسري  الذين يقضوا اكثر سنوات حياتهم في زنازين العزل الانفرادي , الذين يصبروا على المرض والاهمال الطبي  وحرمانهم من الفحص الطبي الدوري   , الذين يواجهوا كل محاولات الاذلال اثناء نقلهم فيما يسمي "البوسطه " والذين يصبروا على  والحرمان من الاتصال بالعالم الخارجي وزيارات الاهل ورؤيتهم ,ويصبروا على حرمانهم من التعليم الجامعي ومواصلة تحصيلهم العلمي ,ويصبروا على البرد في الشتاء بحرمانهم من اقتناء الاغطية  , هؤلاء الاسري الابطال لم يعلنوا الاضراب الا وانهم متأكدون انهم  سوف يصبروا على الجوع والعطش والالم والمعاناة ليس لأسبوع او اسبوعين وانما قد تطول معركتهم مع السجان لأطول من 41 يوم  , لم تكن ارادة مروان والاسري الا ارادة الابطال الاسطوريين  , فهم يعرفوا ان  كل يوم كان يمضي يحاول فيها الاحتلال افشال الاضراب الا وتأكدوا ان امامهم عدو ضعيف لا يمكن ان يستمر طويلا في التنكر لحقوقهم ومطالبهم الانسانية , وتأكدوا ان نصرهم قريب اقرب من بوابة الزنازين الانفرادية , كان الاسري على  ايمان مطلق  بان كل ابناء الشعب الفلسطيني دون استثناء يقفوا خلف قضيتهم العادلة وحريتهم وكرامتهم وتحقيق كل مطالبهم  , كان  هذا من اهم عوامل الصمود والاستمرار في المعركة , معركة الحرية و الكرامة.

بعد واحد واربعين يوما  اجبر الاحتلال على التفاوض مع الاسري الابطال  والاعتراف بقيادة الاضراب التي تنكروا لها وانكروها ورفضوا الحديث معها وحاولوا بكل الدسائس الماكرة ان يصوروا ان اضراب الاسري جاء لمطالب سياسية تكمن في اختلافات سياسية مع القيادة الفلسطينية التي طالما سعت بطل الطرق الى حشد المزيد من الدعم والاسناد لعدالة قضية الاسري على المستويين العربي والدولي , نعم تفاوضت الاحتلال مع كل قيادة الاضراب وعلى  راسهم الأسير مروان البرغوثي في سجن عسقلان واستمر التفاوض بينهم وبين مصلحة السجون ل 20 ساعة كان خلالها يحاول المحتل ان يخرج من المعركة دون تحقيق كل مطالب الاسري الا ان هذا القائد العنيد مروان البرغوثي مانديلا فلسطين وكل قيادة الاضراب  اصروا  على النصر او الشهادة وفي النهاية وافق الاحتلال على التوقيع على الاتفاق التاريخي بتحقيق كل مطالب الاسري وبالتالي تلى الاسير مروان بيان النصر واوعز الى  كل رفاقه واخوته بتعليق الاضراب .

نعم  انتصرت قيادة الاضراب في استعادة كرامة الاسري الابطال  وتحقيق مطالبهم دون نقصان , ولو ان النصر جاء بالدم ومئات الكيلوات من اجساد الاسري الابطال الا ان طعم النصر رائع وان الابطال في السجون الإسرائيلية اليوم تأكدوا انهم معا يصنعوا النصر ومعا يجبروا المحتل على التراجع عن كل اساليب الاذلال والتنكر لإنسانية هؤلاء الابطال , نعم انتصر مروان في ان يقود اضراب الحرية والكرامة الطويل ,وانتصر مروان في اعتراف المحتل بقيادة الاضراب و انتصر مروان في اعادة وضع قضية الاسري على طاولة كل هيئات المجتمع الدولي ,وانتصر مروان في ان يلفت انتباه قادة الدول المركزية لقضية الاسري العادلة وبالتالي تصبح هذه القضية من اهم قضايا البحث في ملفات تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة .

اليوم تأكد الاحتلال ان قضية الاسري من اهم قضايا الصراع ولا حلول للصراع دون تبيض السجون واطلاق سراح كافة الاسري دون استثناء بل والاعتراف بان هذه القضية هي قضية انسانية بالدرجة الاولي وان الاسري هم اسري حرب تسري عليهم كل اتفاقيات جنيف الاربعة لعام 1948 وكافة بنود القانون الدولي الانساني , نعم اليوم تأكد الاحتلال ان كل محاولات انهاء الاضراب بالطرق والاساليب الدهائية فاشلة  ولا سبيل امام مصلحة السجون الا والجلوس على طاولة المفاوضات مع قيادة الاضراب , نعم لم يحقق الاسري كل ما يتمنون فأمنياتهم ان يعانقوا الحرية ويطلق سراحهم في اقرب وقت وتنتهي معاناتهم لكن هذا الفجر قريب وهذا النصر اقرب , وما حققوه اليوم ما هو الا خطوة اولي على  طريق النصر الكامل والحرية الكاملة .

لعل انتصار الاسري اليوم في معركتهم يؤكد ان الاضرابات الجماعية للأسري هي اقصر الطرق لتحقيق انجاز هام وتاريخي للأسري تفكر ادارة السجون مائة مرة في العودة عنه ,اما الاضرابات الفردية فهي بقيمتها الكبيرة لكنها لا تحقق الا لذات الفرد والشخص المضرب عن الطعام ,وهذا يضع امام الاسري استراتيجيات هامة للعمل النضالي والمواجهة مع ادارة السجون وهي اعتماد الاضرابات الجماعية والتي كلها تنجح بلا ادني شك ولعل هذه الاضرابات الجماعية ايضا تجدد امام العالم عدالة قضية الاسري باعتبار انهم اسري حرب وتكشف كل اساليب الاحتلال الصهيوني في محاولات اذلال هؤلاء الاسري والنيل من انسانيتهم بل وان الاضرابات الجماعية اصبحت ملفا هاما لمقاضاة اسرائيل التي تتنكر لأبسط   حقوقهم الانسانية والقانونية  .

بقلم/ د.هاني العقاد