رمضان بغزة غير.. خصم رواتب وأزمة كهرباء وأسواق خالية

عبر وضع الزينة وخاصة "فانوس رمضان"، كلا على حسب مقدرته وفرحة ناقصة اوجد المواطنون في قطاع غزة مجالا للبسمة والابتهاج بقدوم شهر رمضان الكريم الذي يحل ضيفا عزيزا، في ظل ما يعانيه القطاع من أزمة خصم في الرواتب وأزمة الكهرباء والأسواق الخالية.

ولا يحتاج الإنسان للكثير من البحث فالواقع يتحدث عن نفسه، فجولة بسيطة في طرقات غزة تستطيع أن تقرأ وتشاهد الفرحة المنقوصة لدى المواطنين، فحالة الكساد و الركود الإقتصادى وضعف العملية الشرائية هي المهيمنة وتسببت بحالة من هجرة الأسواق و المحال التجارية.

فحال لسان المواطن أبو حسن فلفل 43 عاما وهو موظف تعرض للخصم كما حال الكثير من أبناء القطاع ، والمواطن فلفل رب الأسرة مكونة من 9 فراد يعبر عن الكثير من مشاكل وهموم المواطن في القطاع وعدم القدرة على تلبية كل احتياجات بيته، قائلا لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، نحن نستقبل رمضان بجيوب خالية، فالراتب بعد الخصم لا يبقي منه شيء، والآن نحن في آخر الشهر ولكي نوفر بعض الأشياء البسيطة التي يحتاجها البيت نقوم بأخذ ما نحتاجه من السوبر ماركت بالدين، وحتى صاحب السوبرماركت يشترط عليك بأخذ أشياء بمبلغ قليل حتى يمكن سداده".

البيع بالدين

فما بال من ينتظر راتب الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة أشهر، ويقول أبو محمد 55 عاما رب الأسرة المكونة من 5 أفراد:" رمضان يأتي ويأتي الخير معه، صحيح الظروف صعبة وحياة أكثر صعوبة وكهرباء مقطوعة، لكن ماذا نفعل لا يوجد بيدنا شيء، هذا هو الواقع ويجب أن نعيش معه ونتعايش معه، ونأمل أن تتحسن الأحوال، وتعود الكهرباء".

فالبيع بالدين هو الوضع السائد بكثرة ومن يدفع نقدا قليل، ويقول أبو طارق العكلوك صاحب سوبرماركت العكلوك في منطقة أبراج الكرامة شمال القطاع: "الحمد لله على كل حال، الظروف صعبة وقدرة الناس على الشراء ليس كبيرة في ظل ظروف البلد، وخاصة أزمة الرواتب التي أثرت بشكل كبير على شريحة كبيرة من المواطنين، وهذا أول رمضان يأتي عليهم في ظل هذه الخصومات، والنسبة الكبيرة تأخذ بالدين، ونحن نتفهم حاجة المواطنين، ونعمل بقدر الإمكان على تلبية احتياجاتهم ".

فالأسواق أيضا لسان حالها لا يختلف كثيرا، فالباعة الذين يصرخون طوال الوقت على بضاعتهم و رغم رخص بعض أنواع الخضروات الرئيسة ويقول البائع المتجول محمد أبو سلطان:" الأسعار كثير رخيصة مثل البندوره والتي يباع الكيلو بـ 1 شيكل والبطاطا تباع 8كيلو بـ10 شيكل والخيار البلدي الكيلو 1 أو 2 شيكل والباذنجان الكيلو 2 شيكل، وهذه أشياء أساسية لكل بيت، وهذا الرخص لفترة بسيطة، وسرعان ما ترتفع الأسعار وهى متقلبة، ولكن هناك احتياجات غالية مثل الدجاج الكيلو بـ11 شيكل، ورغم كل ذلك السوق ليس مزدحم وحركة البيع والشراء ضعيفة".

أسوء أوضاع اقتصادية ومعيشية

فشهر شهر رمضان الكريم يأتي وسط ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، وفي هذا الصدد قال د. ماهر الطباع هو خبير ومحلل اقتصادي ومدير العلاقات العامة و الإعلام بغرفة تجارة وصناعة غزة وفق تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، حول الأوضاع الاقتصادية في ظل شهر رمضان والظروف التي تضرب قطاع غزة المحاصر: "يأتي شهر رمضان الكريم للعام الحادي عشر على التوالي في ظل أسوء أوضاع إقتصادية و معيشية تمر بقطاع غزة منذ عقود، وذلك في ظل استمرار وتشديد الحصار المفروض على قطاع غزة وإستمرار الانقسام الفلسطيني وعدم الوفاق وتفاقم أوضاع وأزمات المواطنين، حيث أن استمرار وتشديد الحصار الظالم ومنع دخول كافة احتياجات قطاع غزة من السلع والبضائع المختلفة وأهمها مواد البناء والتى تعتبر العصب والمحرك الرئيسي للعجلة الاقتصادية في قطاع غزة والتى أدى منع إدخالها إلا وفق الألية الدولية إلى تعثر عملية إعادة الإعمار، وبحسب تقرير صدر حديثا قدّر عدد الذين ما زالوا نازحين وبدون مأوى جراء الحرب الإسرائيلية في صيف 2014 على قطاع غزة، بحوالى أكثر من 6،700 أسرة (حوالي 35،000 فرد مشرد) , وتوجد فجوة عاجلة في المساعدة والحاجه لدعم مالي نقدي لنحو 6،000 أسرة نازحة تقريبا.

وأضاف الطباع، ومن المتعارف عليه بأن معدلات الاستهلاك ترتفع من قبل المواطنين في شهر رمضان الكريم ، مما يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على كاهل المواطنين محدودي ومعدومي الدخل حيث تزداد احتياجات المواطنين وتتضاعف المصاريف في هذا الشهر الكريم من خلال الموائد الرمضانية المختلفة، والتزاماتهم من النواحي الإجتماعية والعائلية في ظل تفاقم أزمة البطالة والفقر حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل جنوني وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني ووفقا لمعايير منظمة العمل الدولية فإن نسبة البطالة في قطاع غزة، قد بلغت 41% وبلغ عدد العاطلين عن العمل ما يزيد عن 200 الف شخص في قطاع غزة خلال الربع الأول من عام 2017، وتعتبر معدلات البطالة في قطاع غزة الأعلى عالميا.

مواصلا حديثه، وأصبح ما يزيد عن مليون شخص في قطاع غزة دون دخل يومي وهذا يشكل 60% من إجمالى السكان , وهم يتلقون مساعدات إغاثية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وجهات إغاثية محلية وعربية ودولية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر والفقر المدقع لتتجاوز 65%، كما إرتفعت معدلات إنعدام الأمن الغذائي في قطاع، وجاء القرار المفاجئ بخصم حوالي 30% من رواتب موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية في المحافظات الجنوبية ليشكل ضربة قاصمة للأوضاع الإقتصادية و المعيشية، وأدى القرار إلى تداعيات خطيرة وكارثية على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة، حيث أن الجزء الأكبر من الموظفين مديونون للبنوك ومجمل ما يتقاضوه  شهريا لا يتجاوز 40% من إجمالي الراتب في أحسن الأحوال وبعد خصم قيمة 30% من الراتب لن يتبقى لهم شئ ليعتاشوا منه ويسددوا إلتزاماتهم وديونهم بدأ من البقالة حتى إيجار المسكن، بالإضافة إلى عدم إلتزامهم في سداد فواتير الخدمات الخاصة بالكهرباء والمياه والإتصالات والإنترنت، وتسبب القرار في خلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية ونقصها من الأسواق وفاقم الأوضاع الإقتصادية والمعيشية، وتعتبر قيمة الخصم هي القوة الشرائية التي تم إعدامها.

المصدر: غزة – وكالة قدس نت للأنباء -