لا تدخر حكومة الإحتلال أي جهد لتهويد مدينة القدس المحتلة، ومحاولة صبغها بالطابع اليهودي، ومحو الآثار التي تدل على طابعها العربي الإسلامي، وتضع الخطط من أجل استمرار جرائمها بحق المدينة المقدسة ، ونلمس ذلك من خلال المصادقة على تلفريك القدس" القطار المعلق" والذي يعد مشروع تهويدي بامتياز ومثير للجدل.
هذا المشروع التهويدي، لاقى انتقادات وغضب فلسطيني كبير وكذلك المجتمع الدولي وبلغت تكلفته وفق ما ذكرته وزارة السياحة في حكومة الإحتلال بلغت 200 مليون شيكل (50 مليون يورو).
ووافقت الحكومة الإسرائيلية، على بناء "تلفريك" (قطار معلق) يربط القدس الغربية بالبلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: "سنبني التلفريك للربط بين محطة القطار القديمة وباب المغاربة المدخل الأقرب إلى حائط البراق في البلدة القديمة في القدس، كما أعلن نتنياهو أيضا خطة خماسية لتطوير البني التحتية في القدس تعزيزا للمشروع الإسرائيلي بجعل القدس عاصمة لإسرائيل.
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، في تعقيب له على هذا المخطط يندرج ضمن خطة حكومة إسرائيلية هادفة إلى تهويد القدس والبلدة القديمة، رصدت لها حكومة الإحتلال خمسين مليون شكل تشمل إقامة مصاعد كهربائية بدل الأدراج الواصلة لساحة حائط البراق وإقامة أنفاق وحفريات أسفل البلدة القديمة وحائط البراق.
وأضاف عبيدات، ومن ضمن هذا الخطة إقامة السكك الحديدية المعلقة "التلفريك" والهادفة الى جلب اكبر عدد من السياح والمصلين اليهود الى ساحة البراق (130) ألف سائح، ولذلك الهداف هي تهوديه بالأساس خلق فضاء يهودي واثبات بأن القدس موحدة وتحت سيادة الإسرائيلية وعاصمة لدولة الإحتلال .
تدمير الآثار والتراث العربي الإسلامي
وحول الآثار التهويدية لهذا المشروع أوضح عبيدات، أن ما تحمله تلك المشاريع التهويدية من حفريات وأنفاق وخطط تطويرية هدفها تدمير الآثار والتراث العربي الإسلامي ومحاولة إقصاء وطمس لكل معالم الوجود العربي من آثار وتراث وحضارة وثقافة وفضاء ومشهد وغيرها..
مواصلا حديثه، وهذه المشاريع التهودية تشكل تحدي سافر لكل القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي اعتبرت كل إجراءات وممارسات الإحتلال في المدينة باطلة وغير شرعية قرار مجلس الأمن الدولي 2334 باعتبار الاستيطان غير شرعي ويجب توقفه وقرار منظمة العلوم والتربية والثقافة "اليونسكو" 23/10/2016 باعتبار المسجد الأقصى ارث إسلامي خالص وبأنه لا صلة أو علاقة لا من قريب أو بعيد بين اليهودية وبين المسجد الأقصى او ما يدعونه بجبل الهيكل.

ويمكن للتلفريك التهويدي البالغ طول كابلاته 1,4 كلم نقل 3000 شخص في الساعة في الاتجاهين بسرعة 21 كلم في الساعة، حسب تقديرات وزارة السياحة الإسرائيلية، ومن المتوقع بدء التشغيل عام 2021، وقالت منظمة "مدينة الشعوب" اليسارية الإسرائيلية، إن هذا المشروع يعمق السيطرة الإسرائيلية على حساب الفلسطينيين ويضعف السياحة إلى القدس، مضيفة أن كل من يعمل فى السياحة فى القدس يمكنه أن يشهد بألم على فشل السياسة القائمة على خطوات عدوانية وأحادية الجانب، والتى من شأنها تعميق الأزمة فقط".
انتقادات حادة على الساحة الدولية
يدوره قال الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي برهوم جرايسي، إن بلدية الاحتلال في القدس المحتلة استأنفت أمس، مخططها لمشروع إقامة "القطار المعلق" (التلفريك)، ليمر فوق حي سلوان المقدسي، وصولا إلى ساحة البراق، عند الحرم القدسي الشريف، ومحطات أخرى، وقد أعلنت عن تكليفها لشركة فرنسية متخصصة للتخطيط، بعد أن أعلنت شركة فرنسية أخرى قبل نحو عام انسحابها من المشروع لوقوعه في ارض محتلة، وفق القرارات الدولية.
ويظهر عرض الكتروني أعدته البلدية ، انطلاق التلفريك من القدس المحتلة منذ العام 1948، باب الأسباط، القريب من ساحة حائط البراق، إلى جبل الزيتون. وتزعم بلدية الاحتلال أن المشروع يهدف الى التخفيف من مشكلة حركة السير ووصول السياح إلى البلدة القديمة ويقلل جدا تلوث الهواء من المواصلات في المنطقة. ولكن لأسباب مختلفة لا تنجح البلدية في دفع المشروع إلى الأمام.
ويثير المشروع للاحتلال وبلديته انتقادات حادة على الساحة الدولية، سواء بسبب دوافعه السياسية والبيئية. فمن جهة سياسية المشروع حساس بسبب حقيقة ان التلفريك، يحلق فوق أحياء القدس المحتلة منذ العام 1967. كذلك فإن الكثير من الأعمدة الضخمة سيتم غرسها قرب آثار ومعالم دينية تاريخية واثرية عديدة، وستشوه المشهد التاريخي للمدينة.
وكانت صحيفة "لا فيغارو" الفرنسية قد نشرت قبل نحو عام ان وزارة الخارجية الفرنسية حذرت شركة "سيفجي" من المشاركة في المشروع، في اعقاب احتجاج فلسطيني. وبعد وقت قصير من ذلك اعلنت الشركة عن وقف مشاركتها في المشروع. كما أن شركة فرنسية أخرى تدعى "فوما" كانت قد أعربت عن اهتمامها بالمشروع، إلا أنها تراجعت عنه لاحقا، للأسباب ذاتها.
وقالت مصادر اسرائيلية، إن شركة "فوما" تعد من أكبر الشركات العالمية تخصصا بمثل هذا المشرع. إلا أن بلدية الاحتلال شرعت بمفاوضات مع الشركة الفرنسية "سي أن إيه"، المختصة بمشاريع التلفريك في جبال التزلج. وتقدر كلفة المشروع بنحو 33 مليون دولار.
المشروع التهويدي الأخطر على الإطلاق
هذا وحذرت دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية من مخاطر وتداعيات قيام حكومة الاحتلال الاسرائيلي بالتصويت على خطة وصفت بـ التطويرية بهدف تهويد مدينة القدس والبلدة القديمة بتكلفة 50 مليون شيكل لتطوير حوض البلدة القديمة في القدس وبناء مصاعد وممرات تحت الأرض للوصول إلى الحي اليهودي بالبلدة وصولا إلى حائط البراق وفقا للمخطط.
واستنكرت الدائرة في بيان صحفي اطلعت "وكالة قدس نت للأنباء" على نصه "هذا المخطط التهويدي الذي يراد من خلاله تعزيز السياحة الاسرائيلية الى مدينة القدس والبلدة القديمة على وجه الخصوص وزيادة عدد الزوار الاجانب وقطعان المستوطنين المتطرفين الذين يقتحمون باحات المسجد الاقصى المبارك على الدوام والمضي قدما في إجراءات تهويد المدينة المقدسة التي تعاني من الوجود الاستيطاني المكثف معتبرة ان الاقدام على المصادقة على هذا المخطط التهويدي يعتبر مخالفا للقانون الدولي ولن يفيد اسرائيل بل ينهي عمليا عملية السلام المنشودة ويقتل خيار حل الدولتين".
ولفتت الدائرة الى خطورة المخطط الذي سيشمل على تطوير البنية التحتية لتشجيع الزوار من السياح وغيرهم على زيارة حائط البراق الذي يسمى إسرائيليا بـ المبكى بالإضافة إلى مشاريع أخرى تتعلق بمجالي الصحة والتعليم وغيرها.
ووصفت دائرة شؤون القدس هذا المخطط بالمشروع التهويدي الاخطر على الاطلاق حيث ان تنفيذه يتطلب إجراء حفريات واسعة تحت الأرض وتحت ساحة حائط البراق مما يهدد الآثار العربية والإسلامية في المنطقة بالاندثارو تغييب الحضارة العربية والإسلامية والهوية الثقافية للمدينة المقدسة وصولا الى تحويل ساحة البراق إلى مركز لليهود للسيطرة التامة على تلك المنطقة.
وختمت الدائرة بيانها بالتحذير من مخاطر هذه المخططات الاحتلالية الاجرامية التي تستهدف مدينة القدس أرضا ومقدسات ومواطنين مؤكدة بأن "مصير هذه المخططات هو الفشل التام وأن ثبات أهلنا في وجه هذه الحملات هو الضمانة التي ستتكسر عليها مخططاتهم أمام صمود شعبنا وثباته على حقوقه الوطنية الكاملة في أرضه ومقدسات.
![]()
