في الثامن والعشرين من أيار عام 1964 عـقد المجلس الوطني الفلسطيني الأول لمنظمة التحرير الفلسطينية التي ولـدت فيه وقد جاء انعقاد المجلس الوطني والذي تمت الدعوة إليه تحت اسم المؤتمر الفلسطيني الأول والذي قام بالدعوة له السيد أحمد الشقيري ممثل فلسطين لدى جامعة الدول العربية الـدعـوة التي جـاءت تنفيـذا لقرار مؤتمـر القمة العربي الأول المنعقـد في القاهـرة بتاريخ 13 1611964 حيث نص قرار القمة كما ورد في بيانه إن مؤتمر ملوك ورؤسا دول جامعة الدول العربية قياما بواجب الدفاع المشترك وإيمانا بحق الشعب العربي الفلسطيني المقدس في تقرير مصيره والتحرر من الاستعمار الصهيوني لوطنه قد اتخذ القرارات العملية اللازمة لاتقاء الخطر الصهيوني سواء في الميدان الدفاعي أو الفني أو ميدان تنظيم الشعب الفلسطيني وتمكينه من القيام بدوره في تحرير وطنه وتقرير مصيره فقد قرر 3 إنشا كيان فلسطيني يجمع إرادة شعب فلسطين ويقيم هيئة تطالب بحقوقه
لذلك قام السيد أحمد الشقيري فورا بتنفيذ قرار مؤتمر القمة وأجرى اتصالاته مع كافة فعاليات الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجدهم هذه الاتصالات التي أدت لانعقاد المؤتمر الفلسطيني الأول في مدينة القدس بحضور 397 عضوا حيث تمخض هذا المؤتمر عن العديد من القرارات الهامة حسبما جاء في البيان الصادر عن المؤتمر
1 إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية
2 المصادقة على الميثاق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية
3 المصادقة على النظام الأساسي واللائحة الداخلية للمجلس الوطني
4 انتخاب أحمد الشقيري رئيسا للجنة التنفيذية وتكليفه باختيار أعضائها وعددهم 14
5 اعتبار المؤتمر بكامل أعضائه المجلس الوطني الأول لمنظمة التحرير الفلسطينية
هذا وقد رحب مؤتمر القمة العربي الثاني المنعقد بالإسكندرية بتاريخ 591964 بقيام منظمة التحرير الفلسطينية واعتماد إنشا جيش التحرير الفلسطيني
ولكن وبعد مضي ثلاثة وخمسون عاما على إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية فإن الساحة الفلسطينية ما زالت غير موحدة الموقف تجاه المنظمة بمن فيهم أعضا في اللجنة التنفيذية ومؤسسات المنظمة فتعددت المواقف تجاه المنظمة بما يلي
1 المنظمة هي إطار وطني فلسطيني
2 المنظمة هي منظمة ائتلافية
2 المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني
ولكن الذي يجيب على كل تلك المواقف هو النظام الأساسي للمنظمة هذا النظام الذي أقره المجلس الوطني الأول في أيار 1964 أي قبل وجود الفصائل الفلسطينية التي أصبحت فيما بعد جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية فالنظام الأساسي للمنظمة وفي الباب الأول منه ينص على ما يلي
المادة 1 يشكل الفلسطينيون فيما بينهم وفقا لأحكام هذا النظام منظمة تعرف باسم منظمة التحرير الفلسطينية
هذه المادة الأولى واضحة كل الوضوح بأن الفلسطينيين يشكلون منظمة التحرير ولم ينص أن الفلسطينيين المجتمعين في القدس يشكلون فيما بينهم منظمة التحرير ولم يأتي النص بأن عددا من الفلسطينيين يشكلون فيما بينهم منظمة وذلك على غرار تشكيل المنظمات والفصائل الفلسطينية التي تم تشكيلها من عدد محدود من الأفراد وبشكل سري فالفلسطينيون هنا هم كل أبناء فلسطين فمنظمة التحرير تشمل كل الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم
المادة 4 الفلسطينيون جميعا أعضاء طبيعيون في منظمة التحرير الفلسطينية يؤدون واجبهم في تحرير وطنهم قدر طاقاتهم وكفاءاتهم والشعب الفلسطيني هو القاعدة الكبرى لهذه المنظمة
وفي هذه المادة الرابعة يؤكد النظام الداخلي للمنظمة أن الفلسطينيين جميعا أعضاء طبيعيون في المنظمة أي أن كل فلسطيني هو عضو طبيعي في المنظمة سواء من كان موجودا لحظة تشكيل المنظمة أو من ولــد بعد ذلك فالمنظمة هي منظمة الكل الفلسطيني دون استثناء أي فرد منهم
وحتى يتم حسم ماهية منظمة التحرير الفلسطينية فقد أقر المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثامنة المنعقدة بالقاهرة يوم 2821971 ما يلي
إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد لجماهير الشعب العربي الفلسطيني بمختلف منظماته المقاتلة والسياسية وجميع هيئاته واتحاداته وجمعياته مهما تكن اتجاهاتها وأفكارها
كما أكدت الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني المنعقدة بالقاهرة يوم 161974 من خلال موقفها تجاه مؤتمر جنيف ما يلي تشترك منظمة التحرير الفلسطينية في المؤتمر بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني
كما أن مؤتمر القمة العربي السابع المنعقد بالرباط يوم 26101974 أكد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة السلطة الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني على أية أرض فلسطينية يتم تحريرها
وفي الثالث عشر من شهر تشرين الثاني 1974 وقف الأخ ياسر عرفات على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة يلقي كلمة فلسطين باسم منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب العربي الفلسطيني حيث أن اعتراف الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية أكسب المنظمة مركزا قانونيا على المستوى الدولي
إلا إن منظمة التحرير لم تكسب العضوية الكاملة في جامعة الدول العربية إلا في عام 1976 وذلك بموجب قرار مؤتمر وزرا الخارجية العرب المنعقد بالقاهرة في 991976 الذي أقر بقبول منظمة التحرير الفلسطينية عضوا كامل العضوية في جامعة الدول العربية وقد جا بعد عامين من قبول المنظمة في الأمم المتحدة فمنذ إنشاء جامعة الدول العربية سنة 1945 قررت الدول العربية المؤسسة لها أن يكون لعرب فلسطين مندوب يمثلها في الجامعة على الرغم من كون فلسطين تحت الانتداب البريطاني نذاك وبعد النكبة الفلسطينية أصبح المندوب الفلسطيني يمثل فلسطين حيث تعاقب على تمثيلها في الجامعة موسى العلمي وأحمد حلمي عبد الباقي وأحمد الشقيري
ومما تقدم نجد أن منظمة التحرير الفلسطينية لا يمكن أن تكون إطارا وطنيا فلسطينيا فحسب بل هي الإطار الوطني الفلسطيني الجامع لكل الشعب العربي الفلسطيني كما أنه لا يمكن أن تكون ائتلافا جبهويا مكون من عديد الفصائل الفلسطينية وهي بالتالي وحسب القرارات الفلسطينية والعربية والدولية الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني في كل أماكن تواجده وكل فلسطيني هو عضو في منظمة التحرير الفلسطينية بغض النظر عن عقيدته وإيدلوجيته وفكره وبهذا أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والوطن المعنوي للشعب العربي الفلسطيني
أما من يدعي أن منظمة التحرير الفلسطينية لا تمثله ولا تمثل الشعب العربي الفلسطيني فإنما يخدم بذلك موقف العدو الصهيوني من منظمة التحرير الفلسطينية الذي يسعى دائما للقضا والإجهاز عليها وعلينا أن ندرك جيدا الفرق بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين قيادة منظمة التحرير الممثلة باللجنة التنفيذية فمن حق أي فلسطيني أن يمنح ثقته لأعضا اللجنة التنفيذية سوا كان فردا أو تنظيما بقدر ما له الحق بحجب هذه الثقة دون أن يفك ارتباطه بهويته الوطنية الفلسطينية فمنظمة التحرير تمثل الكل الفلسطيني ولا يمكن لأي فصيل فلسطيني مهما كان حجمه على الساحة الفلسطينية الإدعاء بتمثيل الكل الفلسطيني
وبخصوص الوضع الحالي لمنظمة التحرير الفلسطينية فهي بحاجة إلى إعادة بناء وتفعيل مؤسساتها وفق نظامها الأساسي لكي تأخذ دورها الحقيقي في انجاز حقوق الشعب العربي الفلسطيني المعبر عنها بالميثاق الوطني الفلسطيني والذي هو بحاجة إلى تثبيته كمشروع وطني فلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني
ورغم كل مراحل النضال التي مررنا وسنمر بها فلا يمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية أن ينتهي دورها بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لأنه لا يمكن للدولة الفلسطينية القائمة على جزء من الأرض الفلسطينية أن تكون ممثلا لكل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وأنما هي أداة من أدوات مراحل النضال الفلسطيني لأن فلسطين التي هي وطن الشعب الفلسطيني هي فلسطين التي جاء تعريفها في الميثاق الوطني الفلسطيني الذي حددها بما يلي
المادة1 فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني وهي جز لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية
المادة 2 فلسطين بحدودها التي كانت قائمة في عهد الانتداب البريطاني وحدة إقليمية لا تتجزأ
إذا فمنظمة التحرير الفلسطينية وفي الذكرى الثالثة والخمسين لإنشائها يجب إعادة الاعتبار إليها بكل ما تمثله من واقع فلسطيني بحاجة إلى تقييم جاد بما يخدم حقه التاريخي في وطنه التاريخي الممتدة حدوده من البحر الأبيض غربا إلى نهر الأردن شرقا ومن رأس الناقورة شمالا إلى رفح جنوبا وأي برنامج مرحلي لا يمكن له أن يتنازل عن أي حق من حقوق الشعب العربي الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال التام
حمص في 29/5/2017صلاح صبحية