تحول مرضى قطاع غزة، لأشبه برهينة، لا تعلم مُستقبلها، الذي يكتنفه الغموض، بفعل التجاذبات السياسية بين الضفة الغربية مقر السلطة الوطنية الفلسطينية، وقطاع غزة الذي تديره حركة حماس عبر اللجنة الإدارية.
وتتبادل رام الله وغزة الاتهامات حول من المسؤول عن الأزمات التي تعصف بكافة القطاعات، بما فيها قطاع الصحة في الأخيرة؛ وسط الحديث عن توقف وزارة الصحة الفلسطينية عن توريد الأدوية والمستلزمات لها.
مرضى مجمع ناصر الطبي، ومستشفى التحرير بمحافظة خان يونس، نموذجًا لمعاناة مرضى القطاع، بفعل هذه التجاذبات السياسية؛ ما استعدى إطلاق إدارة المجمع، مناشدةً لكافة الأطراف بالتدخل، لإنقاذ حياة المرضى.
ونظمت إدارة المجمع وقفةً شارك بها العشرات من الأطباء والممرضين والوجهاء، اليوم، احتجاجًا على تدهور الواقع الصحي، رافعين لافتات كُتب عليها "نقص المستلزمات الطبية والأدوية يهدد بتوقف الخدمات الصحية، أزمة الكهرباء تؤثر على الخدمات المُقدمة للمرضى..".
نسبة عجز الأدوية
وشدد مدير عام المجمع محمد زقوت لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، على أن المرضى في المستشفيات يعانون، جراء النقص الشديد في الأدوية المهمات والمستلزمات الطبية؛ وما تتعرض له الأجهزة، والمعدات في المستشفيات من عطلٍ، بسبب أزمة التيار الكهربائي، والانقطاع المتكرر له.
وأكد زقوت أن احتياجات المستشفى للمهمات الطبية والأدوية كبير؛ فبلغ النقص في الأخيرة حوالي "514 صنفًا"، ما يتوفر منها حوالي "10_25%"، وهي النسبة التي تصلهم فعليًا من وزارة الصحة في رام الله؛ لافتًا إلى توقف التوريد من الوزارة منذ شهر ونصف تقريبًا، وتلمس الأطباء والممرضين النقص الشديد.
ونوه إلى أن ذلك يؤثر سلبًا على نوعية الخدمة، ويُعرض حياة المرضى للخطر؛ قائلاً: "حياة مرضانا وأهلنا في قطاع غزة، ليست مجال للمساومة، لذلك ندعو جميع الأطراف المعنية، وتواصلنا مع من له علاقة بالموضوع، أن يكون له يد خير لإنقاذ المرضى".
الجميع مسؤول
وأضاف مدير المجمع "لأن المرضى هم أبناء الشعب الفلسطيني، وبحاجة للعلاج كحق طبيعي"؛ مُشيرًا إلى أنهم يجدون صعوبةً في التحويلات بالخارج، ومعظمهم ما يتم تحويلهم لمستشفيات الضفة فقط؛ بالتالي نضع الجميع أمام مسؤولياته، سواء في رام الله، أو في المجلس التشريعي، وفصائل العمل الوطني.
وأشار زقوت إلى أن الجميع يتحمل الأمانة والمسؤولية تجاه أهلنا ومرضانا، لأن الأمر بات جدُ خطير، ليس مُجرد مناشدات إعلامية، ولكن ما نتلمسه على أرض الواقع يؤكد وجود تأثير مباشر على حياة المرضى؛ داعيًا وسائل الإعلام لتسليط الضوء على ذلك.
وقال : "قبل يومين كنت قد مررت على طفل يبلغ من العمر (6 سنوات)، يُعاني من نقصٍ حاد في الصفائح الدموية، لدينا في قسم الأطفال، واحتاج الأمر لتدخل وعلاج سريع، بحثنا في جميع المستودعات الطبية والمستشفيات ولم نجده؛ هذا الصنف غير متوفر في الصيدليات، ما دفعنا لإجراء تحويله بشكل عاجل للطفل، كي يتمكن من صرف العلاج له، إلا أن التحويلة ما تزال قيد الانتظار، ما اضطرنا لإعطائه أدويةً بديلةً عله يتحسن، ولم يتحسن!".
تأجيل عمليات
ولفت زقوت إلى أنهم قاموا الأزمة القائمة تسببت بتأجيل العمليات الجراحية، فيما تأثر المرضى في أقسام غسيل الكلى انقطاع التيار الكهربائي والذي لم نكُن نتوقعه؛ والمنحة المُقدمة من منظمة "أوتشا" تكفي لنصف الشهر القادم فقط، بعدها سنلهث وراء تأمين الخدمات الأساسية للمرضى، " كهرباء، أدوية، مهمات طبية".
وتابع "بدلاً من السعي للتطوير والتحسين، وإتباع الطُرق الحديثة في العلاج والتشخيص، اصبحنا نلهث وراء تأمين الاحتياجات الأساسية التي هي حق طبيعي"؛ لذلك نتوجه بهذه الاستغاثة لكل من له يد بالتخفيف عن كاهل أهلنا ومرضانا في قطاع غزة.
وشدد على حرصهم تقديم الخدمات للجميع، وما المناشدات التي يطلقونها ما هي إلا تركيز بالأساس على معاناة المرضى، وتأثيرات شح الأدوية وانقطاع الكهرباء عليهم، الذي بدا واضحًا عليهم، وعلى واقعهم في المجمع ومقدرتهم على أداء الخدمة، وتقديم الأفضل.
وعبر زقوت عن أمله في أن تلقى مناشداتهم صدى وتجاوب عند المسؤولين بغض النظر عن مواقعهم وأي حسابات سياسية؛ مُشددًا بأنه لا يجب أن يكون لوزارة الصحة أي دور فيها، بل يجب أن تكونوا عاملاً موحدًا مُطالبًا بسرعة إنهاء الانقسام وتنأى بنفسها عن المناكفات لخدمة شعبنا وأهلنا.
معاناة المرضى
بدوه، قال سعيد عياش "60عامًا" جد طفلة مريضة، بنبرة استياء : "الطفلة تبلغ من العمر عام ونصف، اصيبت بارتفاع درجة حرارة من أسبوع، واعتقدنا أن الأمر عاديًا، لكن طال، وأتينا بها للمستشفى، ولم نجد العلاج اللازم لها، الذي من المفترض أنه متوفر، فحرارتها 40درجة، لم تتراجع عن ذلك، وهذا يُشكل خطرًا على حياتها".
ولفت عياش لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، إلى أنهم أجروا كافة التحاليل والفحوصات لها، والطبيب يقف عاجز لعدم توفر العلاج اللازم، ما يضطره لاستخدام بدائل، قد لا تُجدي نفعًا؛ لافتًا إلى أن ما نعيشه سببه الحصار، والمناكفات السياسية؛ لذلك ما هو ذنب المرضى خاصة الأطفال؟!
وحذرت مراكز حقوقية في بيانات لها، من خطورة الأوضاع الصحية لمرضى قطاع غزة، في ظل نقص الخدمات المُقدمة، في ظل التشديد الكبير على التحويلات للعلاج في الخارج من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة لأصحاب الأمراض الخطيرة.
