رغم مرور 39 عاما على عملية الساحل الفدائية التي قادتها الشهيدة دلال المغربي، لا يزال المحتل الإسرائيلي يتجرع أذيال الهزيمة، ويريد أن يجد له طريقا للانتقام من دلال المغربي التي أرعبت جنوده و هي حيه، فأراد الانتقام منها وهي ميتة.
الاحتلال أراد الانتقام من دلال المغربي بوقف الدعم لمركز نسوى يحمل اسم الشهيدة في قرية برقة بمدينة نابلس بالضفة الغربية، وذلك عبر الطلب من الحكومة النرويجية و الأمم المتحدة اللتان تواطأتا في هذه الجريمة بوقف التمويل بحجة دعم الإرهاب، وذلك في خلط واضح ما بين الإرهاب و المقاومة.
وكانت وزارة الخارجية النرويجية طلبت من السلطة الفلسطينية إعادة أموال صرفت على تأسيس مركز نسوي أسس في قرية برقة بمدينة نابلس مؤخرا بعد أن أطلق عليه اسم "دلال المغربي".
إعادة الأموال التي خصصت للدعم
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فإن وزير الخارجية النرويجي بورج براند وفي خطوة غير مسبوقة أبدى غضبه وإدانته لوضع شعار وزارته على المبنى، مطالبا إياها بإزالة الشعار فورا وإعادة الأموال التي خصصت لدعم المركز.
ونقلت الصحيفة عن براند قوله: "تمجيد الهجمات الفدائية أو ما أسموه (الإرهابية) غير مقبول على الإطلاق وأنا أدين ما فعلته السلطة الفلسطينية، ولن نقبل بأن يتم استخدام التمويل النرويجي لهذا الغرض".
وأشار إلى أنه لم يتم مشاورة بلاده بالاسم الذي سيطلق على المركز الذي أنشئ منذ فترة وجيزة.
وقال بأن وزارته تحركت فور علمها بذلك رغم أن المركز أنشئ عبر لجنة الانتخابات المحلية الفلسطينية ولجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة التي تدعم مشاركة الفلسطينيات في الانتخابات.
وتعقيبا على هذا الرضوخ قال الكاتب والمحلل السياسي محمد خليل مصلح المختص بالشأن الإسرائيلي في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، :"هذا توجه يعكس رضوخ الأمم المتحدة لضغوطات إسرائيل و للسياسات الأمريكية للرئيس ترامب وهي مرحلة تعكس تراجع تأثير الدول العربية وحلفائنا على المسرح الدولي خاصة بعد مواقف لليونسكو من حائط البراق و تقليص إسرائيل للدعم الذي تقدمه للمنظمة الدولية وتهديدات دونالد ترامب ومعارضته لتوجهات المنظمة المعادية لإسرائيل ، ومواقف كثيرة ظهرت تعارض ما يسموه الانحياز ضد إسرائيل".
وأضاف مصلح، "محاربة فكرة الإرهاب أصبحت خطة عالمية تبنتها غالبية من الدول وخاصة بعد حلف الناتو العربي الأمر التبس على الكثير ما يعني تراجع المساندة لفكرة المقاومة والفلسطينية ووضعها في دائرة الإرهاب وهذا ما عكسته أقوال ترامب في البازار العربي الإسلامي الأمريكي في السعودية، والمعركة الدبلوماسية الفلسطينية ستشهد تغييرات وتعقيدات في الأيام المقبلة ما يتطلب جهودا دبلوماسية وإعادة صياغة الخطاب السياسي للفلسطينيين، ويزيد من التناقضات الداخلية وهو دفع السلطة لمحاربة الداخل والاصطدام مع فكرة المقاومة وأيضا التغيير الثقافي للمناهج والمسميات والرموز التاريخية."
الخلط ما بين المقاومة و الإرهاب
وفي معرض رده على سؤال حول الخلط ما بين المقاومة و الإرهاب و الهدف الإسرائيلي من وراء ذلك قال مصلح:" إسرائيل تحاول أن تصف وتروج أن التاريخ الفلسطيني المقاوم للاحتلال إرهاب ، وفي المقابل تريد أن تعكس الحقيقة، أن احتلالها وجرائمها ضد الفلسطينيين ليس وإرهاب ، وتحاول أن تروج وتنسي العالم التاريخ الصهيوني وجرائمه ، و إسرائيل تطلق أسماء قادتها الإرهابيين على مراكز ثقافية كثيرة لكنها تبقى إسرائيل المشروع الاستعماري."
كما حذر مصلح من المخطط الإسرائيلي الهادف لنزع شرعية المقاومة ، كون نزع شرعية المقاومة مخالف للقوانين والأعراف الدولية ، لأنه من حق الشعوب المحتلة المقاومة من أجل التحرير ، و إذا رموزنا إرهابية فماذا تكون الرموز الصهيونية وقد استحقت دم البريطانيين والفلسطينيين لحق مزعوم وأساطير وخرافات ، وعلى السلطة أن توجه معركتها بنفس الأسلوب باعتبار إسرائيل إرهاب ولا شرعية لها وتاريخها إرهاب وزعمائها إرهابيين ، وتلاحقهم في المحاكم الدولية بتهمة الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية ."
الأمم المتحدة تتوطئ
هذا و أشادت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقرار الأمم المتحدة القاضي بوقف دعم مركز مجتمعي فلسطيني في الضفة الغربية، بسبب تسميته باسم الشهيدة دلال المغربي التي نفذت بالعام 1978 هجوم مسلح على حافلة ركاب إسرائيلية أوقعت عشرات القتلى والجرحى.
وبرر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قرار سحب الدعم عن هذا المركز، بزعم أن الأمم المتحدة لا تقبل تمجيد ما وصفه بـ"الإرهاب أو المعتدين في أعمال إرهابية مروعة".
وكان نائب مدير الجمعيات الدولية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون بار، تحدث هاتفيا إلى منسق العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة روبرت فيفر، وأعرب عن قلقلة حيال العلاقة ما بين مؤسسات دولية وما وصفه بفعاليات تمجيد "للإرهابيين" من خلال المركز الذي دشن قبل أيام في قرية برقة بنابلس.
وكان المركز النسوي الذي تأسس قبل أربعة شهور، حصل على تمويل نرويجي عن طريق لجنة الانتخابات الفلسطينية، ولجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة والتي تدعم مشاركة المرأة الفلسطينية في الانتخابات.
وإلا فالحصار ووقف الدعم
بدوره عقب الكاتب و المحلل السياسي الدكتور فهمي شراب على قرار الأمم المتحدة بوقف الدعم قائلا:" إذا كانت الأمم المتحدة الواقعة تحت تأثير الولايات المتحدة وبطلب من إسرائيل أوقفت دعم مركز مجتمعي نسوي في الضفة الغربية، لأنه تم تسميته حديثا باسم "دلال المغربي" ، فانه غير مسموح أن يكون لنا تراثنا وأدبياتنا وتاريخنا ونضالنا. وعلينا أن نكون شعب خانع خاضع ذليل.. وإلا فالحصار ووقف الدعم".
و دلال المغربي ولدت عام 1958 في مخيم اللاجئين صبرا القريب من بيروت من أم لبنانية وأب فلسطيني لجأ إلى لبنان في أعقاب نكبة عام 1948.
وشاركت دلال المغربي في عملية فدائية بـإسرائيل في 14 مارس 1978 مع مجموعة مقاومة تحمل اسم قرية "دير ياسين" وقامت باختطاف باص إسرائيلي كان متوجهاً من حيفا إلى تل أبيب واستشهدت (دلال) في تلك العملية التى أسفرت عن مقتل35 جنديا إسرائيليا و إصابة85 آخرين، بعد استشهاد 12 فدائيا نفذوا العملية التي عرفت بـ"عملية الساحل " و التي كانت تهدف لتحرير الأسرى الفلسطينيين.
وكانت دلال المغربي على قائمة الجثامين المحتجزة التي طالب بها حزب الله اللبناني في إطار صفقة لتبادل الأسرى أُبرمت مع إسرائيل في 17 تموز 2008.
لكن فحوص الحمض النووي (DNA) أظهرت عدم إعادة الجثمان، وأن الجثث المعادة هي لأربعة شهداء مجهولي الهوية، ولا يزال جثمانها غير معروف المكان.
