الأزمة السعودية القطرية المشتعلة فجأة ليس سوى صناعة أميركية بامتياز

بقلم: علي ابوحبله

الصراع على النفوذ الإقليمي بين السعودية وقطر هو ليس وليد الساعة وقد تكون نتائج وانعكاسات زيارة الرئيس الأمريكي ترامب قد سارعت في تأجيج حمى الصراع بعد أن أيقنت قطر أن ألسعوديه والإمارات المتحدة تحاولان سحب ورقة الإخوان المسلمين من قطر وتجريدها لخر أوراق تمتلكها قطر في ساحة النفوذ الإقليمي بعد إدراج حركة الإخوان المسلمين وحماس كمنظمات إرهابيه مع حزب الله والقاعدة وداعش

هناك صراع خفي بين تركيا والسعودية على الاستحواذ على مناطق النفوذ ونجحت زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان لواشنطن واجتماعه مع الرئيس الأمريكي ترامب قبل زيارته للسعودية من تقزيم الدور التركي بحيث لم يحظى الرئيس اردغان الذي قطع المسافة بين انقره إلى واشنطن ليجتمع مع الرئيس ترامب لأكثر من خمسة عشر دقيقه وهذا ما دفع اردغان لعدم حضور القمة العربية الاسلاميه الامريكيه في الرياض

الصراع السعودي القطري هو صراع على حرب الأدوار وان الانفجار الأخير بين السعودية وقطر هو نتيجة تراكمات عمرها سنوات وان كل محاولات السيطرة على الخلافات فشلت في تحقيق الهدف لتجد الرياض نفسها مع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة أمام الفرصة المناسبة لـتأديب الدوحة

على هذا الصعيد كان من الممكن أن تنتهي الأزمة الأخيرة بين الجانبين خلال ساعات لا سيما بعد أن صدر نفي رسمي للتصريح المنسوب إلى الأمير القطري تميم بن حمد إلا أن الاستمرار في سياسة التصعيد من جانب البحرين والسعودية والإمارات يؤكد أنه كان بمثابة الفرصة لتوجيه ضربة قاضية إلى الدوحة لكن ما هو السبب الحقيقي لما حصل

طوال السنوات السابقة لم تكن الرياض تنظر بعين الرضا إلى الدور القطري في المنطقة خصوصا أنه يسرق الأضوا منها في حين هي تعتبر أن من المفترض بكل الدول العربية وليس فقط الخليجية أن تبقى تحت عباتها وبالتالي من غير المسموح للدوحة بأن تغرد خارج السرب السعودي بأي شكل من الأشكال وهو الأمر الذي أدى إلى أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين أعضا مجلس دول التعاون الخليجي وقطر قبل سنوات

بعد تلك الأزمة كان من المفترض أن تقوم الدوحة بالعديد من الخطوات التي تؤكد خضوعها أو استسلامها لما تقرره السعودية على مستوى السياسة الخارجية في المنطقة لكن قطر لم تتنازل عن تحالفها الأبرز مع تركيا وحركة الإخوان المسلمين التي تمتلك حضورا قويا في أغلب الدول العربية والإسلامية في حين كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما يقف بين المحورين المتنافسين لكسب ود بلاده من دون أن يحسم موقعه إلى جانب أحدهما على حساب الخر

اليوم لم يعد أوباما سيد البيت الأبيض بل وصل إلى سدة الحكم الملياردير المثير للجدل دونالد ترامب الذي أعلن في حملته الانتخابية بأنه يرغب في وضع الإخوان المسلمين على لائحة بلاده للمنظمات الإرهابية وهو أبدى في أكثر من مناسبة حماسته للتعاون مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والملك الأردني عبدا لله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حين كان اللقا الأول الذي جمعه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عاصفا لا بل تعمدت الإدارة الأميركية أن تعلن تسليحها لوحدات حماية الشعب الكردي قبل أيام قليلة من وصول أردوغان إلى واشنطن للقا ترامب

ضمن هذا السياق يجب قراة الصورة التي جمعت كل من الرئيسين الأميركي والمصري والملك السعودي خلال افتتاح مركز اعتدال لمكافحة الفكر المتطرف في الرياض مباشرة بعد الانتها من القمة العربية الإسلامية الأميركية بالإضافة إلى ثنا سلمان بن عبد العزيز على كلمة السيسي في القمة بالرغم من الانتقادات التي وجهها إلى الإخوان وقطر وتركيا مع العلم أن هذا لا يعني أن واشنطن ذاهبة إلى التخلي عن أنقرة أو الدوحة لكنها أيضا لن تمانع في تحجيم دورهما في حال كان التحالف المقابل قادر على تلبية المصالح

من هذا المنطلق يمكن أيضا فهم الحماسة التي أبدتها وسائل الإعلام التي تدور في الفلكين السعودي والإماراتي لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرضت لها تركيا قبل أن تعود المواقف الدبلوماسية إلى التأكيد على دعم شرعية حكم أردوغان بعد أن أصبحت على يقين بأن الحركة الانقلابية لن تنجح في تحقيق الهدف

المرجو منها فالرياض تدرك جيدا بأنها على الرغم من التنسيق المعلن مع تركيا في مختلف الملفات المشتركة على تنافس مع أنقرة حول الشرعية في العالم الإسلامي أو بتعبير أدق على شرعية زعامة الإسلام السني في هذا العالم وبالتالي فهي لن تقبل بأن يستمر أردوغان مستفيدا من حركة الإخوان المسلمين في لعب دور الخليفة أو المرشد

في المحصلة هذا الصراع قد يستمر في الأيام المقبلة أو يعود إلى الخفا من جديد لكن بالتأكيد الخلاف سوف يبقى قائما بسبب الاختلاف في المصالح والرؤية وهو صراع ادوار ونفوذ

وهنا تبرز تداعيات زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى الرياض بإعادة اشتعال الخلافات بين ل سعود في السعودية وال ثاني في قطر

لتعود تقفز إلى السطح اشتعال حرب الأدوار بين ل سعود ول ثاني ولعل في ثنايا صفقات التسلح التي قدرت بمئات المليارات كان ثمة ما يشي بهذا السباق المجنون بين العائلتين الحاكمتين وهو صراع النفوذ للحصول على الحظوة الامريكيه

وخلافا لما يبدو للعامة من أن الأزمة التي تعصف بالعلاقات السعودية القطرية هي ليست أكثر من عاصفة في فنجان إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما

إذ إنها أزمة ناتجة عن تغير قسري في خطط الرئيس الأميركي ترامب وعودة إلى ما يسميه الشرق الأوسط الجديد حيث قفزت على السطح مجددا عملية الأدوار وهنا مكمن إعادة اشتعال ألازمه السعودية القطرية وبهذه الحدة

لقد وقعت السعودية وقطر بخدعة الأمريكي الذي أوهم السعودية بأنها الوكيل ألحصري للتسويات في المنطقة مقابل تعهد السعودية بتغطية قيمة رزمة المساعدات الامريكيه لإسرائيل والتي تعهدت إدارة اوباما بها قبل نجاح ترامب وتقدر بأربعين مليار دولار وهي ألصفقه التي تم الاتفاق عليها بين إسرائيل والولايات المتحدة خر أيام حكم اوباما

وهذا بدوره ما أوحى للسعودية بأن الولايات المتحدة الامريكيه تريد إنها الدور القطري في إدارة أزمات المنطقة بسبب الفشل الذريع الذي تواجهه الحكومة القطرية في ميادين المواجهة كافة من ليبيا إلى سورية وعليه فإن الولايات المتحدة تفكر بنقل قواعدها العسكرية من قطر إلى السعودية

تلك الموافقة التي حصلت المملكة السعودية عليها خلال زيارة الرئيس الأميركي ترامب للرياض والتي أثمرت عن توقيع اتفاقية منفصلة وسريعة بين الحكومة السعودية ووزارة الدفاع الأميركية حول قيام الأخيرة بتقديم خدمات صيانة واستشارات وخدمات لوجستية مختلفة للجيش السعودي بقيمة أربعين مليار دولار

وهي في الحقيقية خدمات وهمية لا تتعدى كونها غطا يهدف إلى انخراط إسرائيل في المنظومة الاقليميه للتحالف الذي تقوده السعودية لما يعرف بدول الاعتدال السنية

في حين تمثلت خديعة الرئيس الأمريكي ترامب للقطري بالإيحا له بأن نقل القواعد العسكرية من الدوحة إلى الرياض سيتم إرضا للسعودية في مقابل الصفقات المالية الضخمة التي وقعت عليها مع الطرف الأميركي

وفي الحقيقة فإن الرئيس الأميركي هنا يكون قد مارس خدعة كبرى ضد الطرفين السعودي والقطري بالإضافة إلى خداع الأطراف الدولية الكبرى التي تعمل على إنها الهيمنة الأحادية الأميركية على إدارة الأزمات الدولية وذلك عندما تم الإعلان عن صفقات تسليح ضخمة بين الولايات المتحدة والسعودية ليست سوى عملية نصب واحتيال وخداع استراتيجي مكشوف هدفه الأساسي التحشيد الاستراتيجي ألعملياتي ضد المحور الصيني الروسي الإيراني

أي أن ما يسمى بالجيش السعودي لا علاقة له بما تم الاتفاق عليه في تلك الصفقات وإنما هي صفقات أسلحة لصالح الجيش الأميركي ممولة سعوديا سيتم تخزينها في الأراضي السعودية حتى بعيدا عن أعين الجيش السعودي

تماما كما هو الحال في موضوع القواعد العسكرية الأميركية التي سيجري نقلها من العديد والسيلية إلى السعودية توفيرا للنفقات وزيادة أمن هذه القواعد والتي ستكون ضمن مظلة الحماية الصاروخية لمنظومة الدفاع الجوي الأميركية من طراز ثاد THAD والتي وافقت المملكة السعودية على إقامتها على أراضيها

وقد يكون هذا هو بالضبط سبب استدعا الرئيس الروسي لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والذي سيقابل بوتن اليوم الثلاثا حيث سيقوم الرئيس الروسي بإبلاغه رفض روسيا القاطع لموافقة المملكة السعودية على إقامة قواعد لنظام ثاد الأميركي للدفاع الجوي الصاروخي باعتباره تهديدا مباشرا وخطيرا للأمن القومي الروسي الأمر الذي لا يمكن لروسيا التساهل معه ولا مع من يتمر على أمنها القومي ما يعني عمليا أن أمام المملكة السعودية في هذا السياق خيارين لا ثالث لهما

إما التراجع عن الاتفاقية وإما أن تصبح السعودية هدفا في بنك أهداف سلاح الصواريخ الروسيه وهي الرسالة الحازمة التي سيسمعها ولي ولي العهد محمد بن سلمان في موسكو

قصارى القول فإن سبب الأزمة السعودية القطرية المشتعلة فجأة ليس سوى صناعة أميركية بامتياز اقتضتها المصالح الأميركية العليا ولا غير وهذا التحول المفاجئ في حركة الرئيس الأمريكي ترامب هو الذي جعل قطر تشعر بأنها تركت في مهب الريح

وليس مستغربا أن تلجأ قطر إلى روسيا لطلب الحماية وإشغال القواعد الامريكيه في العديد والسيليه والتي ترغب إدارة ترامب بإخلائها بموجب الاتفاق مع السعودية

وقد تكون المغازلة القطرية مع إيران هي من ضمن المماحكة السياسية بين السعودية وقطر وقد زادت في اشتعال نار الصراع بين البلدين ولا شك أن انخراط قطر في منظومة حلف روسيا إيران سوريه له متطلبات على قطر تسديد فواتيرها وهو وقف تمويل وتسليح المجموعات المسلحة التي تقاتل في سوريا والعراق وان تتعهد رسميا المساهمة في تكاليف الأعمار خاصة وان الحلقة بدأت تضيق على السعودية وحلفائها في سوريا نتيجة تقدم الجيش العربي السوري في بادية الشام ووصوله لمعبر التنف وتمكن قوات الحشد الشعبي من اغلاق الحدود السوريه وقطع الطريق على المجموعات المسلحه وهذا بدوره افشل المخطط الامريكي السعودي في الاطباق على سوريا واقامة المنطقه العازله وهذا بدوره افشل مخطط الرياض ونتائج زيارة ترامب وهو بالفعل ما جعل القطري ليتجرأ ويخرج من العبائة السعوديه

لاشك أن اشتعال ألازمه السعودية القطرية وان كان السبب في تفجرها هو في صراع الأدوار الذي تتنافس عليه البلدين في خدمة المخطط الأمريكي الصهيوني إلا أن الغبا الأمريكي الذي سارع إلى تفجير الأزمة السعودية القطرية فجأة يساهم في تدمير مكونات المنطقة وفي التدمير الذاتي لمجلس التعاون الخليجي وقد يساهم هذا الصراع في إعادة تمحور دول الخليج وقد يساعد اليمن في الانتصار في معركته ضد السعودية وحلفائها بفعل التغيرات في موازين القوى للخليج العربي التي باتت قريبه وقريبه جدا.

بقلم/ علي ابوحبله