أعتقد أن انتخاب الوزير وعضو الكنيست السابق داني دانون كنائب رئيس الجمعية العامة الـ 72 للأمم المتحدة له الكثير من الدلالات والاشارات فيما يتعلق بعملية الانحياز وعدم النزاهة الدولية بمكافئة دولة الاحتلال والمتطرف دانون على مواقفه غير الانسانية والأخلاقية والسياسية باتجاه الشعب الفلسطينى والشعوب العربية قاطبة .
وأرى أنه من الأجدر على العالم بدلاً من مكافئة اسرائيل و دانون على جرائمه أن يتم تقديمه للمحاكمة الدولية كمجرم حرب ، وأن هذا الانتخاب يدلل على أن العالم لا تحكمه المبادىء والقيم الانسانية ، وانما تحكمه لغة التحالف المنحاز وغير النزيه مع الجلاد ضد الضحية الفلسطينية .
" فدانون لمن لا يعرفه من العالم " هو الشخص المعروف بعدائه المفرط للفلسطينيين، والرافض تمام لمبدا حل الدولتين، ويدعو دائما لاستمرار سيطرة دولة الاحتلال لفلسطين التاريخية ، وشارك في حملات التحريض القومي والعنصري ضد النواب الفلسطينيين وضد رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن متهماً اياه بمواصلة التحريض وتغذية العنف ضد "الإسرائيليين" ، وانتقد الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون على خلفية تصريحات لم تعجبه بخصوص القضية الفلسطينية ، و نفسه طالب المنظمة الدولية بزيادة الرقابة على الأموال المحوّلة لأغراض إنسانية في قطاع غزة ، وضرورة قطع العلاقات مع المنظمات الفلسطينية والتي نعتها بالتحريض على العنف ، وأقاله رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بسبب الانتقادات الشديدة التي وجهها لسياسة الحكومة في خضم العدوان على قطاع غزة ومطالبته بالعدوان البرى ، وهدد باستقالته من الحكومة الاسرائيلية في حال مصادقتها على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين فى المفاوضات السياسية وخاصة من الدفعة الرابعة .
نائب وزير الحرب الاسرائيلى السابق المقال دانى دانون - وفق الرؤية الاسرائيلية – كان قد عطل العمل مع وزير الحرب يعلون لقلة خبرته ، ووصفوه فى اسرائيل بالطفل الذى ألهاه نتنياهو ليتخلص من الصداع الذى يسببه ولكنه أحدث شقيقة فى رأس نتنياهو فى ظرف حساس وقت أزمة عميقة فلم يتحمله ، دانون مريض بهوس الشهرة ، ووصفوه في دولة الاحتلال بالعظمة فى الحلق لا تبلع ولا تتقياً ، ونعتوا تصريحاته بغير مسئولة و تشكل ضرراً على أمن الدولة ، واعتبروه كمولد كهربائى لا يكفّ عن الضجيج .
ودانون يعد من أشدّ مؤيدي وأنصار عمليات اقتحام المسجد الأقصى وفرض سيادة الاحتلال عليه، وتحويل مخطط التقاسم الزماني والمكاني بما يسمح ويقونن صلاة اليهود في المسجد الأقصى المبارك ، ويقف على رأس الشخصيات الاسرائيلية المتطرفة والداعية لسياسة التضييق على الأسرى ، ونفسه مقدم اقتراح قانون شاليط الذي ينص على مضاعفة معاناة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، وحرمانهم من الزيارات بشكل كامل ، ومنعهم من التعليم ، والداعى لزيادة فترات العزل الانفرادي وقد صادقت على اقتراحاته اللجنة الوزارية لشؤون التشريع وتبنته الحكومة فى حينه وتعمل بموجبها الآن فى السجون .
و لدانون مدرسة عرفت " بالدانونية المتطرفة " حيث أنه هاجم الصفقة التى وقعها جهاز الأمن العام الإسرائيلى "شاباك" مع ممثلى الأسرى المضربين عن الطعام فى السجون الإسرائيلية في 2012 برعاية مصر ، وبين أن دانون الذى شغل سابقاً رئيس قائمة حزب "الليكود" بالكنيست عارض الاتفاق ووصفه بالخطأ الفادح ، واعتبره بمثابة المكافأة للإرهاب، وصرح أن توقيع الأسرى على بند عدم ممارسة العمل العسكرى من داخل السجون لا يساوى الورق الذى وقعه عليه، فهؤلاء الأسرى أجبروا إسرائيل على التراجع من خلال إضرابهم عن الطعام" ، وزعم دانون أن الاتفاق يجعل السجون مخيمًا صيفيًّا للأسرى ، مشددًا على أن الضعف الذى بدت فيه إسرائيل أمام الأسرى يجعلها عرضة لمزيد من الابتزاز .
وهو نفسه الذى انتقد قرار الحكومة الاسرائيلية بتسليم السلطة الفلسطينية شهداء مقابر الأرقام المحتجزة منذ عشرات السنين ، وعقب على قرار اقالته: "سأستمر في التصرف وفقا لقيمي وأخلاقي، وقيم الليكود وسوف تمثل الملايين من اليهود الذين لا يريدون أن يجدوا أنفسهم بعد 20 عاما بدون دولة قومية آمنة للشعب اليهودي .
يشار إلى أن دانون ، من مواليد عام 1971 لأسرة مغربية الأصول ، وترعرع على الحقد والكراهية والعنف من خلال التحاقه بشبيبة الليكود "بيتار" وقربه من الليكودي السابق عوزي لنداو، وهو أحد رموز المتشددين في اليمين اليهودي، وعمله كموفد للوكالة اليهودية في ميامي الأميركية ، وترأسه لحركة "بيتار" العالمية ، وانتخابه في عام 2006 رئيساً لمنظمة "الليكود" العالمية ، وكعضو في الكنيست لأول مرة في عام 2009 .
بقلم/ د. رأفت حمدونة