مراقبون: غياب زعامة وطنية مقدسية سهّل تهويد القدس

منذ ستة عشر عاماً، وبالتحديد في 31 من أيار/ مايو من العام 2001 فقدت مدينة القدس أحد أبرز قادتها الشهيد فيصل الحسيني، ومنذ تلك اللحظة وحتى اليوم، والمدينة تبحث من منطلق "بيت الشرق" الذى أسسه، عن شخصية وطنية تستصرخ "وا قدساه" في ظل مخططات التهويد للقدس بالتزامن مع الذكرى الخمسين لاحتلالها، فما الذي يمنع وجود زعامة متفق عليها داخل مدينة القدس تتصدى لإسرائيل؟

يقول حسن خاطر رئيس مركز القدس الدولي، عن ما يميز القائد فيصل الحسيني عن غيره من الشخصيات المقدسية إنه "كان يتمتع برؤية بعيدة بمزجه بين تواجده الدائم في الميدان فلم يكن "يغازل الاحتلال بل كان يواجهه دائما في كافة محطات الصراع الأليمة دائما في القدس بكل الوسائل الممكنة"، بالإضافة  للرصيد الكبير الذي كان يقف خلفه "فهو ابن الشهيد عبد القادر الحسيني الذي استشهد في معركة القسطل" مما أعطاه احتراماً كبيراً".

وأردف قائلاً لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، "قاد معركة سياسية من خلال تأسسيه لبيت الشرق الذي كان بمثابة حكومة في القدس يستقبل السفراء والوفود الأجانب بمساعدة وزرائه ومستشاريه المقدسين الذين يعملون بنفس طريقته، مستدركاً أنه أعطى القدس حجمها في العملية السياسية".

وأضاف "لم تكن مهمشة بل كانت ضمن أبرز مكونات القضية الفلسطينية ".

وبيت الشرق، مؤسسة مقدسية، تملكه آل الحسيني، أقيم عام 1897، يحمل بين جدرانه وقائع وشهادات بحقوق أصحاب الأرض والتاريخ، أغلقته سلطات الاحتلال الإسرائيلي نهائيا عام 2001.

وحول أبرز الصعوبات التي تمنع تشكيل قيادة مقدسية يؤكد خاطر أن "اتفاقيات أوسلو حطمت كل إمكانية وأعدمت فرص وجود مؤسسات أو شخصيات مقدسية".

وشدد على أنها منعت العمل السياسي للفلسطينيين بالمدينة، ناهيك عن العمل الاجتماعي بمعنى حظر أي عمل مؤسسي، منوهاً لمنع الاحتلال احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية عام 2008 واعتقال القائمين عليها كنموذج يوميي للتضيق على كل فعالية ومؤسسة بالمدينة.

وحول محاولات تشكيل قيادة فلسطينية مقدسية أكد اجتماع شخصيات مقدسية قبل 7 سنوات مع الرئيس محمود عباس لمحاولة تسمية شخصية من هذه الفعاليات بإصدار مرسوم لسد الفراغ الذي تركه الحسيني .

وتابع قائلاً "الرئيس عباس أصر على ترك الأمر لنا، لكننا لم ننجح في بلورة شخصية وكان الاتفاق على المؤسسة وليس الشخصية، فتم تشكيل عدد من المؤسسات كالهيئة الإسلامية المسيحية ".

ونوه أن أياً من هذه المؤسسات لم ينجح في سد الفراغ الذي تركه فيصل، لأن قضية القدس كبيرة "وهم القدس أكبر منا جميعا" على حد وصفه.

وشدد على أن اختلال الميزان في الوقت الراهن بعدم وجود شخصية كاريزمية سهل عملية توحيد المدينة.

بدوره يتفق زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية مع سابقه، على زعامة فيصل الحسيني بقريه من الناس وتفاعله معهم في تحمله أعباء مالية لمساعدتهم من خلال بيت الشرق.

وشدد الحموري لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، على مواجهته للاحتلال ليلاً نهاراً، مما وثق علاقته بمدينة القدس.

ويختلف الحموري مع خاطر أن غياب فيصل كمرجعية وطنية سهلت عمليات التهويد، قائلاً "يصعب التشبيه بين مرحلة الحسيني والمرحلة الراهنة، مستدركاً في مرحلة الحسيني لم يكن التهويد والسيطرة الإسرائيلية قطعا شوطاً في المدينة".

وشدد على أن "أوسلو عملت على بعثرة أوراق القدس والمنطقة برمتها، مما أدى لاختلاف الحسابات، منوهاً إلى أنه في السابق كانت مرجعية موحدة متفق عليها في إشارة لمنظمة التحرير الفلسطينية".

 وشدد على تعمد وجود مرجعيات مقدسية متعددة، لا يستطيع أياً منها الوصول للمقدسيين وخدمتهم.

ونوه إلى أن مخططات التهويد وجدت أيام فيصل الحسيني ومستوطنة أبو غنيم نموذج على الاستيطان واستمراراه في كافة المناطق، مستدركاً أن قضية التهويد أكبر من وجود قيادة مقدسية.

وحول دعم صمود المقدسين في ظل غياب قيادة مقدسية شدد على أن الهيئة الإسلامية المسيحية تقوم بدور في خدمة المقدسيين رغم قلة الإمكانات لكنها جهود تبقى مشتتة .

ونوه إلى أن المعادلة الرئيسية تتركز بضخ أموال لدعم المقدسيين في وجه المليارات التي تذهب لتثبيت الاستيطان بشكل خطير وغير مسبوق .

وتساءل "في الوقت الذي تضخ بلدية القدس مليارات لدعم الاسيطان تكتفي السلطة ببضعة ملايين بالمحاصصة لوزارة شؤون القدس؟!"، داعياً كافة الجهات لدعم صمود القدس وأهلها.

المصدر: القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء -