لفت نظري في الاونه الاخيره استعمال كلمة هيمنه واستحواذ وهلم جرا من تعابير أصبحت ممجوجة واستهتار في عقلية المواطن ضمن عملية تغليب للغة الأنا والاستخفاف في الخرين وضمن ثقافة تقسيم المجتمع وهي ثقافة تقود لتدمير مقومات المجتمع وتدمير ذاتي ممنهج للنظام السياسي
وهنا كان لا بد من التطرق إلى الثقافة وإشكالية الهيمنة التي يحاول البعض فرضها ضمن أيدلوجيه مدمره للمجتمع والإنسان وتقويض للبنيان السياسي بجهل المفهوم للبعض للحرية والتعدد السياسي والديمقراطي كنظام سياسي وفق ما نصت عليه القوانين المعمول بها
من الطبيعي أن يحاول البعض ممارسة فرض هيمنته على المجتمع ضمن ثقافته وتشخيصه ونظرته ألضيقه في أن يسعى إلى فرض هيمنته الثقافية السياسية على كافة أطياف التنوع في المحيط الذي يحاول التموضع فيه لأن هذه الهيمنة جز لا يتجزأ من طبيعته الملازمة والتي للأسف تلازم البعض بوصفه حراكا ثقافيا يسعى على نحو تلقائي يفرضه المنطق الداخلي للبنية الثقافية لتحقيق الانتشار والرواج ومن ورائه توجيه الفعل المتعين في البيئة الاجتماعية التي يمارس فيها فاعليته لتنتقل سلطاته الفكرية المتعالية المجردة إلى سلطة فعلية تحاول توظيف المؤسسات المدنية لممارسة هيمنتها
إذن فالثقافة أيا كانت تسعى لتحقيق أكبر قدر من التنميط والهيمنة والتسلط والاحتكار الثقافي الذي يقود بدوره إلى التنميط والتسلط والاحتكار الفعلي في الواقع المتعين وهذا النشاط الذاتي الذي تمارسه الثقافة لا تختص به ثقافة دون ثقافة وإنما هو جز من لية الحراك الثقافي حتى في أعلى صوره تفتحا وتسامحا وقبولا للخر لأنه بشكل أو بخر ينطوي على محاولة للتعميم قد تكون خافية ولكنها بالضرورة موجودة ولا يشفع لها أخلاقيا إلا سلمية المحاولة التي تفتقدها كثير من أنواع الحراك الثقافي
وبهذا فما لم يكن المجتمع أفرادا ومؤسسات على درجة عالية من الحساسية تجاه كافة صور الهيمنة والهيمنة الثقافية منها خاصة فإن كل تيار فكري سيتسلل لواذا ليمارس قمعه الفكري ونفيه للخر وسيحاول على حين غفلة وما وجد إلى ذلك سبيلا فرض ايديولوجيته الخاصة بكافة وسائل الإرهاب الفكري المدججة بكافة الأسلحة المادية والمعنوية وسيمارس الحرب النفسية سرا وعلانية متجردا من الأخلاق الإنسانية العامة حتى تتحقق له هيمنته التي يسعى إليها ولن يبالي من أجل تحقيق هذا الهدف أن يسحق في طريقه ما يدعيه من قيم وما يتشدق به من منطق وما تختزنه ذاكرته من أدلة
وإذا كان هناك من يعتقد أن الهيمنة الفكرية لتيار فكري محدد في أي مجتمع يمكن أن يحفظ الاستقرار لهذا المجتمع فإن هذا ابتدا جهل أو تجاهل لأهمية جدلية الفكر في مسيرة الوعي فضلا عن الجهل بحقيقة الاستقرار من حيث كونه تقبلا للمغاير بوصفه موجودا كحقيقة موضوعية على أرض الواقع ومن ثم فإن نفيه فكريا لا يعني انه أصبح معدوما وهذا ما لا يعيه أو لا يريد أن يعيه أحادي الفكر في ممارسته لنشاطه الثقافي
ومن الواضح أن في هذا دلالة على أن الاستقرار الذي ينتج عن هيمنة أحد التيارات الفكرية استقرار موهوم يغتر به من لا يتبصر بما ورا جدلية الظواهر لأنه في الواقع الفعلي ليس إلا تغييبا لموجود لا يزال يطلب فرصته في الظهور وإذا ظهر تبعا لمتغيرات الواقع الفعلي فلا شك انه سيكون محملا بترسبات الإقصا السابق مما يعني الوعي بالإقصا سيكون محركه الأساس فيما يستقبل من نشاط
من هنا نجد انه لا بد من إعادة النظر في مفهوم الفكر والثقافة التي يجب أن تكون مبنية على احترام الرأي والرأي الخر وتقبل فكرة الشراكة المجتمعية دون إقصا لطرف على خر والابتعاد ما أمكن عن سياسة الهيمنة والاستحواذ وممارسة الإرهاب الفكري لإرهاب الخرين وهذا يناقض في الأساس مفهوم القانون الأساس الفلسطيني في نص المادة الخامسة أن نظام الحكم في فلسطين ديمقراطي ويرسخ مفهوم التعددية السياسية.
بقلم/ علي ابوحبله