القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتأجيل نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، طرح العديد من الأسئلة على الأرض، ولعل الأهم من ذلك هو هل عدم نقل السفارة خطوة من اجل الدفع بعملية السلام وخوفا من تأجيج الأوضاع في المنطقة، أم مجرد قرار روتيني يحافظ عليه الرؤساء الأمريكان مستخدمين سياسية العصا والجزرة، من اجل تحقيق مصالحها في المنطقة.
فلسطينياً وعربياً القرار قوبل بترحيب كبير، بينما إسرائيليا وصفته بأنه محبط وكذلك بالنسبة لأعضاء الكونجرس الذين يؤيدون الإحتلال ويدعمونه بشتى الطرق والوسائل.
ويرى المراقبون وفق تقرير"وكالة قدس نت للأنباء"، أن المصلحة الأميركية في الشرق الاوسط لها الأولوية، خاصة مع الحديث عن نية الرئيس ترامب إطلاق عملية سلمية لإنهاء الصراع في المنطقة وطرح ورقة مبادئ لحل النزاع، وهو ما يؤيّده الجانب الفلسطيني الذي يُؤكّد على حل الدولتين، وعلى الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس وفق قرارات الشرعية الدولية مع التمسّك بمبادرة السلام العربية أساساً لحل الصراع العربي - الإسرائيلي.
هذا ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على وثيقة تم بموجبها تأجيل نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس.
وأوضح البيت الأبيض، أن قرار ترامب إرجاء نقل السفارة يأتي من أجل إعطاء فرصة للتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مؤكدا أنه متمسك بنقلها.
وأعلن مسؤول أمريكي الخميس المنصرم أن الرئيس دونالد ترامب قرر عدم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في الوقت الراهن، متجنبا بشكل مؤقت الوفاء بوعد بارز قطعه خلال حملته الانتخابية.
وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه إن ترامب وقع وثيقة تبقي السفارة في تل أبيب، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن هذا الأمر هو مجرد تأخير وليس تراجعا عن القرار.
ومنذ إقرار القانون عام 1995 يقضي بنقل سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل إلى القدس، يوقع الرؤساء على تجميده باستمرار، حيث يشمل القانون بندا يخول للرئيس تجميد العمل به لمدة 6 أشهر إذا ارتأى في ذلك مصلحة للأمن القومي الأمريكي.
هل من ثمن لتأجيل
ومن الأسئلة التي طرحت هل من ثمن لتأجيل قرار نقل السفارة، الكاتب و المحلل السياسي المختص بالشأن المقدسي راسم عبيدات قال:" ثمة شيء ما يقول لي بان تأجيل نقل أمريكا لسفارتها من تل أبيب للقدس ،لن يكون بدون ثمن، ثمن عربي فلسطيني كبير سيدفع لقاء ذلك، ولعل ربط تأجيل نقل السفارة الأمريكية بما حدث من قمم ثلاث في السعودية ولقاء الحمد الله - كحلون في رام الله... يجعلني احلل بان العنوان الرئيسي لتلك الصفقة هو السلام الاقتصادي مشروع نتنياهو للحل.
وأضاف عبيدات لـ"وكالة قدس نت للأنباء" ومن هنا كان لقاء الحمد الله- كحلون في رام الله والحديث عن توسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية في مناطق (ج) والتي تشكل (60%) من مساحة الضفة الغربية، فالأوروبين وامريكا مارسوا ضغوطا على اسرائيل للحد من عمليات الهدم في منطقة (ج) واعطاء السلطة تصاريح بناء فيها،ولعل الجميع يتذكر انه في قمة الإصطفاف العربي الإسلامي خلف امريكيا في ال 20 من الشهر الماضي،أبدى العرب والمسلمين استعدادتهم لخطوات تطبيعية مباشرة .
وعلى الصعيد الفلسطيني، فيبدو انه مقابل تأجيل نقل السفارة الأمريكية، والذي اعتبره الفلسطينيين، انه نتاج الدبلوماسية والضغوط السياسية الفلسطينية والعربية، التي بينت لترامب مخاطر عملية النقل على العملية السلمية والمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
ترامب اجل عملية النقل، ولكن العملية ليست مجانية، رغم أن هذه العملية، ليس لها بعد جوهري او استراتيجي في إطار تغير الموقف والسلوك والإستراتيجية الأمريكية، وعملية التأجيل هذه، قد يتبعها عقد مؤتمر لـ"السلام" في واشنطن بمشاركة عربية، ضمن ما يسمى بالحل الإقليمي، وهنا سيتم ممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني للموافقة على مسار سياسي جديد، غير مسار حل الدولتين.
عودة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية
ومن الأسئلة التي تطرح حول علاقة تأجيل نقل السفارة بعودة المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، يجيب على ذلك الكاتب والمحلل السياسي رجب أبو سرية، قائلا:" بقدر ما كان عدم اتخاذ ترامب القرار بنقل السفارة _ هنا القرار الموجب اتخاذه هو إصدار قرار رئاسي يقول صراحة بتأجيل تنفيذ قرار الكونغرس ستة أشهر, أما عدم اتخاذ القرار فيعني الشروع بتنفيذ قرار سلطة التشريع _ يعني إغلاق الطريق على المفاوضات, ودفع المنطقة إلى حالة من الفوضى وتصعيب الأمور على أصدقاء واشنطن من العرب والمسلمين, فان اتخاذ القرار يزج بالقيادة الفلسطينية إلى مفاوضات صعبة وشاقة جدا .
وأضاف أبو سرية وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، رغم أن موعد انطلاق المفاوضات يقترب إلا أن واشنطن تتبع سياسة الحذر حول تفاصيلها، لكن المبعوث الأمريكي الخاص جيسون جرينبلات الذي زار تل أبيب ورام الله بعد يومين من زيارة ترامب، استمع من الطرفين لما يريانه أسسا لبدء التفاوض وما هي توقعاتهما، لتشير التقديرات إلى أن واشنطن اقرب لأن لصياغة إعلان مباديء قابل للنقاش .
مواصلا حديثه، ولأن نيتنياهو يدرك بأنه في موقف مريح فقد بدأ إطلاق تصريحاته "التفاوضية" ليخلق لها أجواء تسهم في تحديد إطار لها يكون في صالحه، حيث طالب بإبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على الضفة الغربية _ ليس على غور الأردن، كما اعتادت إسرائيل القول _ وهكذا فانه دون رد فلسطيني بإنهاء الانقسام مثلا وبتحريك الشارع في تظاهرات سلمية شعبية حاشدة, تكمل مسيرة الأسرى الناجحة، فان وجود رئيس كترامب في البيت الأبيض من السهل تحريضه إسرائيليا ضد الجانب الفلسطيني, كما حدث وتأثر بالفيلم الذي عرض عليه بتل أبيب,، فان مفاوضات صعبة جدا آتية، كما أن سنوات أربعا عجافا قادمة مع رئيس هو الأسوأ من بين العديد من الرؤساء الأمريكيين الذين جاؤوا بعد رونالد ريغان منذ ثلاثة عقود خلت .
هذا وعبرت إسرائيل عن إحباطها من توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا يرجئ نقل السفارة الأمريكية من موقعها الحالي في تل أبيب إلى القدس لكنها قالت إنها تأمل أن يحدث ذلك لاحقا.
بينما قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدم نقل السفارة الأميركية، خطوة إيجابية هامة ستعزز فرص تحقيق السلام ، ويؤكد على جدية الادارة الأميركية في مساعيها نحو السلام، وبناء جسور الثقة، خاصة بعد قمة الرياض الناجحة ولقاءات الرئيس محمود عباس مع الرئيس ترامب.
