حزيران ذكرى الشهداء.. عمر القاسم نموذجاً

بقلم: وسام زغبر

الشعب الفلسطيني يمجد ذكرى حزيران، شهر الشهداء القادة الأبطال الذين ألهموا أجيالاً متعاقبة من مناضلي فلسطين على مواصلة السير على خطاهم والوفاء لرسالتهم، وتحولوا رموزاً مضيئة في التاريخ الفلسطيني.

إنهم الشهداء القادة الثلاثة عمر القاسم وخالد نزال وبهيج المجذوب، الذين كان عطاءهم لوطنهم بلا حدود وظلوا رموزاً يعتز بها كل شعبنا الفلسطيني وليس مناضلي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحدهم.

إن استشهاد الشهداء القاسم والنزال والمجذوب وسواهم من شهداء حزيران وهم في أوج عطائهم النضالي وتضحياتهم الجسام يؤكد رفض هزيمة الخامس من حزيران/ يونيو 1967 والتأكيد على تمسك شعبنا الفلسطيني بحقوقه الوطنية الثابتة.

شهر حزيران يأتي هذا العام في ظروف هي الأصعب في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، ظروف منهكة بعد نصف قرن من هزيمة حزيران الأليمة، ظروف قهرها الانقسام الأسود الذي يكمل عامه العاشر على التوالي، تحت سيف أزمات الانقسام اللعينة في قطاع غزة، فيما تستغل "إسرائيل" التطورات الملتهبة في الشرق الأوسط والانشغال الدولي بالصراع الدامي الذي تشهده عدة دول في المنطقة، بتهويد الضفة الغربية والقدس المحتلة وقطع الطريق عن أية حلول سياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يدخل عقده السابع.

إن الانقسام المدمر يتواصل ويتعمق، وهناك من يرى في هذا الانقسام المدمر وسيلة لتعزيز نفوذه ومكاسبه على حساب المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني مستفيدا من صراع المحاور، غير آبه لحالة التدهور التي تعيشها المؤسسات الرسمية والمخاطر التي تتهدد القضية الوطنية الفلسطينية، بل ويواصل صناعة الحجج والذرائع التي تعطل التجديد الديمقراطي.

ما أحوجنا إلى الوحدة الوطنية، ما أحوجنا إلى تجميع عناصر القوة الكاملة للشعب الفلسطيني وتجديد مؤسساته الوطنية، في ظل الأزمات السياسية والحياتية التي تعصف بالحالة الفلسطينية، ما أحوجنا إلى الإسراع في الوصول إلى نهاية النفق المظلم لإدراكنا الكبير أن حالة الإحباط والانكسار غير واردتين في قاموس الشباب والشعب الفلسطيني، الذي يعيش انتصار إرادة الحياة، انتصار طاقات المقاومة والتضحية رغم قمع الاحتلال وسلطات السجون وجرائمهما وحالة الترهل والتيه السياسي الفلسطيني، لانجاز مهمات الثورة والمقاومة والشراكة الوطنية، مرحلة التحرر الوطني والاستقلال.

ما أحوجنا إلى الوحدة الوطنية التي جسدها الشهيد عمر القاسم في بناء اللبنة الأولى للحركة الوطنية الأسيرة، ونشر الأفكار والثقافة الوحدوية والنضالية في داخل المعتقلات الإسرائيلية، كما جسدها إضراب الأسرى الأخير لأربعين يوماً متتالياً والذي حقق انتصاراً بطولياً في زمن لم تجن المفاوضات العقيمة سوى الهزائم والكوارث لشعبنا.

ثمانية وعشرون عاماً مرت على رحيلك يا سيد الشهداء، يا قاسم الفقراء والكادحين، يا قاسم الشعب، فمن لم يتعلم في مدرستك النضالية سيبقى يجهل ألاعيب الاحتلال وخداعه. فالأسرى في سجون الاحتلال يتذكرون كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم عايشوه مع رفيق دربهم الأسير عمر القاسم، وهم يتجرعون مرارة السجن ويتحدون أساليب السجان القمعية في خوضهم الإضراب المفتوح عن الطعام رفضاً لمصادرة مطالبهم العادلة، وضد سياسة الاعتقال الإداري التي تنتهجها إدارة السجون ومن خلفها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بفرضها قوانين عنصرية تتعارض مع كل القيم والمواثيق الدولية.

ذكرى استشهاد الأسير عمر القاسم ابن حارة السعدية بمدينة القدس المحتلة، هي أليمة في الوقت الذي تمارس "إسرائيل" أبشع صور الإرهاب والتشريد والتهويد والأبارتهايد بحق السكان المقدسيين للسيطرة على مدينة القدس وتهويدها وطرد سكانها الفلسطينيين وقطع إمكانية التواصل بين المدن في الضفة الفلسطينية، وكذلك في ظل الهجمات المتتالية التي تتعرض لها الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال.

نحن الثابتون في هذه الأرض، المتجذرون في الماضي السحيق لوطننا، وفي أمسه القريب، وفي غده المشرق، وهم العابرون، مهما حاولوا أن يبتدعوا الأكاذيب والأساطير، أكثر من فاصلة في تاريخ هذه الأرض.

بقلم/ وسام زغبر