مرغليت والحرية والديمقراطية في اسرائيل

بقلم: رأفت حمدونة

أعتقد أن فصل الإعلامي الاسرائيلي المعروف "دان مرغليت" من صحيفة "اسرائيل اليوم "  قبل أيام قليلة ، لانتقاده سلوك وممارسات رئيس الحكومة الاسرائيلية " بنيامين نتانياهو "  وصاحب الصحيفة ، قضية مهمة تفتح ملف حرية التعبير وحقوق الانسان والديمقراطية التى تدعيها اسرائيل باطلة على مدار السنين السابقة .

فمن الواضح أن هذه القضية تؤكد وجود الفساد الإداري ، وسلطة الدولة على الاعلام والاعلاميين ومحاسبتهم لمجرد الرأى وحرية التعبير ، والرقيب يمارس الكثير من الانتهاكات بحق الصحفيين والصحف الاسرائيلية بذريعة الأمن والمسؤولية وخدمة الأهداف الوطنية لظروف اسرائيل الأمنية الاستثنائية على حد الادعاءات التاريخية من قبل الحكومات المتعاقبة بتوصية من جهاز الأمن .

وهنالك الكثير من القوانين في اسرائيل التى تؤثر على حرية التعبير كقانون "التحريض على التمرد"، وقانون "التحريض على العنصرية"، وقانون "التحريض على الإرهاب"  ، وقانون القذف والتشهير، وقانون المحاكم ، وآلية عمل " لجنة المحررين " وجميعها تضع القيود والحدود أمام الصحفى للوصول إلى المعلومة أو نشرها والتعامل معها بحرية كما كل صحفى في أى دولة ديمقراطية .

وأرى أن التدخل السافر والقرارات الجائرة لن تتوقف في اسرائيل ، كونها تعمل بموجب قوانين سنت في زمن الانتداب البريطاني ، كقانون الصحافة للعام 1933  ، وقانون الطوارئ للعام 1945 ، وحسب نص القانون فإنه لا يحق فقط للرقيب العسكري الاطلاع على المواد المتعلقة بالأمن، بل يحق له الاطلاع على المواد المتعلقة بنشر برامج التلفاز والصحة والنشرة الجوية وأقل من ذلك من موضوعات بعيدة عن الأمن ، الأمر الذى يقيد حدود حرية التعبير والنشر المتناقضة كاملاً مع مبادىء الدولة الديمقراطية .

وقضية الصحفى الشهير " دان مرغليت " ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل تلك الحجج

فسابقاً أغلقت دولة الاحتلال بحجة الأمن في العام 1949 صحيفتا "كول هعام" العبرية و"الاتحاد" العربية، الصادرتان عن الحزب الشيوعي الاسرائيلي ، وفي الثمانينات أيضاً تم اغلاق صحيفة "الراية" التي صدرت عن حركة "ابناء البلد، وصحيفة "حدشوت" بتهمة خرق تعليمات الرقابة ، وتم اغلاق اسبوعية "صوت الحق والحرية" الصادرة من مدينة أم الفحم (المثلث) ، وذلك لمدة سنتين بقرار من وزير الداخلية الاسرائيلي ايلي يشاي ، مبررا ذلك بأنها ناطقة بلسان الحركة الاسلامية وانها تشكل منصة تعبير لحماس ، والشواهد في هذا المجال كثيرة .

وفى الفترة الأخيرة شخصن بنيامين نتنياهو القضية منتقداً الجهات الإعلامية الإسرائيلية ، متذرعاً بملاحقة نشاطاته هو وزوجته ، وأن وسائل الإعلام تدعم الأحزاب اليسارية وتتعاون معها في محاولة لإسقاط نظام الحكم الأمر ، الذى انعكس على رأيه في عمل اتحاد البث الجماهيرى بدلا من سلطة البث .

وانتقد الكثيرون ، من الكتاب والاعلاميين هذا السلوك ووصفوه " بالمرتاب " ، والعمل الدكتاتورى ، والشخصية التى تخشى الانتقاد والرقابة ، والمتطلع لنظام الدول المركزية والسلطوية المشيدة بالقائد مخطئاً ومصيباً .

أعتقد أن حرية التعبير في اسرائيل مفقودة بشكلها العام ، وخاصة فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين ، وكل ما له علاقة بقضية الصراع ، وستبقى تنغيصية وغير حرة - حتى على اليهود أنفسهم - في ظل القوانين المتبعة ، وأرى أن لا وجود للحقوق والحريات وخاصة حرية التعبير فى دولة الاحتلال ، وبذلك لا وجود لدولة ديمقراطية بمفهومها الغربى لهذا التناقض في اسرائيل

بقلم/ د. رأفت حمدونة