النظام العربي الرسمي يثبت يوما بعد يوم فشله العميق في حل القضايا الداخلية أو مواجهة التحديات الكبرى التي تعصف بالوطن العربي ومستقبله
الأزمة الخليجية الأخيرة ضربت أحد المركبات التي ابتدعتها النظم وهو مجلس التعاون الخليجي الذي لم يكن يوما إلا أداة للتسلط على بقية شعوب المنطقة في إطار خدمة القوى الاستعمارية وامام الازمة الجديدة بين السعودية وقطر يتبين للجميع عجز جامعة الدول العربية عن القيام بدور فاعل في معالجة الأزمات العربية وهو أمر قديم جديد لم يبدأ بعجز هذه الجامعة عن معالجة قضية فلسطين وتوحيد الصف العربي في مواجهة العدو الصهيوني ولم ينتهي بتحولها لمنصة للعدوان على العراق وليبيا وسوريا تباعا
من هنا ظنت دول الخليج لسنوات أن أرصدتها المالية وتكاتف السلالات الحاكمة فيها يمنحها نوع من الحصانة ويحافظ على مصالحها في مقابل ما تقدمه من خدمات للمعسكر الاستعماري وهنا لا بد من التأكيد على ما قدمته دول الخليج من اجل احتلال العراق عام 2003 والمساهمة في تدمير الجيش العراقي بل ارادوا تحويل الصراع مع الاحتلال الامريكي الى الصراع المذهبي السني ــ الشيعي انطلاقا من العراق كما فعلوا بمواقفهم اثنا حرب تموز على لبنان عام 2006 والتناغم مع رايس لولادة شرق أوسط جديد لكن طموحات رايس لم تتحقق فقد كشف العدوان عن عجز الكيان الصهيوني مجددا عن إعادة تشكيل المنطقة كما عن فشله في ضرب المقاومة
وامام الفشل الأميركي في حسم الصراع وتغيير الوقائع السياسية جذريا في العراق ولبنان وبعد سقوط إدارة جورج بوش الإبن ومعها مجمل مشروع المحافظين الجدد وانتقال الإدارة الأميركية للرئيس باراك أوباما حيث رسم أوباما معالم الخطة الأميركية الجديدة لإنعاش مشروع الشرق الأوسط الكبير والجديد وجوهرها إنكفا إسرائيل التي فشلت في مهمتها عام 2006 والسعودية إلى الخطوط الخلفية ودفع تركيا وقطر ومن خلفهما الإخوان المسلمين إلى المقدمة وكان هذا هو التمهيد السياسي الإستراتيجي لما سمي لاحقا بـ الربيع العربي
واليوم بدأت ادارة ترامب على لعب الادوار بعد القمة الاسلامية في الرياض بحضور ترامب حيث اكدت هذه القمة إعادة إطلاق يد العدو الصهيوني كرأس حربة في المواجهة القادمة بعد فشل الأدوات الإرهابية ودول الخليج التابعة من حسم الصراع لمصلحتها مؤكدة على التحالف مع الكيان الصهيوني ما يهدد فعليا من شطب للقضية الفلسطينية بعد أن حددت أولوياتها بالقضا على المقاومة في لبنان وفلسطين وضرب إيران وإسقاط سوريا موقعا ودورا
وفي ظل هذه الظروف تستعد إدارة ترامب لما هو أكثر من ذلك هي تستعد لإلزام الحكام العرب المستعدين أصلا لإبرام تسوية مع الكيان الصهيوني للضغط على القيادة الفلسطينية من اجل العودة الى مسار المفاوضات والسعي لحل اقليمي للقضية الفلسطينية بعيدا عن قرارات الشرعية الدولية لذلك نرى رغم خطورة المرحلة بان لا خيار للشعب الفلسطيني سوى الوحدة ولا خيار للشعوب العربية وقواها التقدمية والثورية الا ان تكون في طليعة المتصدين والمقاومين لمشروع الشرق الأوسط القديم المتجدد من خلال جبهة شعبية عربية تكون اولوياتها المقاومة العربية الشاملة في وجه العدوان الذي يحضر للمنطقة ودفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية ولحماية المقاومة والحفاظ على خيرات المنطقة وثرواتها القومية
ان الشعب الفلسطيني يمتلك تراث كفاحي وبرنامج نضالي حقيقي متفق عليه ولا يقصد هنا ذلك البرنامج الذي كرسته وثيقة الوفاق الوطني وثيقة الأسرى فحسب ولكن المقصود بالأساس كل تلك الادوات التي أثبتت نجاعتها في مواجهة الاحتلال وكل هذه الادوات تستند للمشروع الوطني وقرارات المجالس الوطنية والمركزية فامام كل هذه الامور نرى ضرورة الاسراع في انها الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ونقل ملف القضية الفلسطينية الى الامم المتحدة وعقد مؤتمر دولي تحضره كافة الاطراف من اجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ورفض أي حديث للعودة الى مسار المفاوضات الثنائية والاسراع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني لرسم رؤية سياسة في هذه المرحلة الدقيقة التي تجتازها القضية الفلسطينية وملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة امام محكمة الجنايات الدولية وأي تلكؤ في هذه المهمة الوطنية يعني إفراغ كل ما حققه الشعب الفلسطيني والمتضامنين معه على الصعيد العالمي من محتواه
ختاما شعب يقاوم بإرادة صلبة لا تلين هو بحاجة الى تكاتف الجميع وكذلك بحاجة الى استثمار دور القوى المساندة للقضية الفلسطينية وجهودها في انشطة مناهضة التطبيع ونحن على ثقة بان الشعوب العربية هي درع وخط دفاع في مواجهة المؤامرات التي تحاك وان خيار الانتفاضة والمقاومة هو الخيار الانجع نحو تحرير الارض والانسان.
بقلم/ عباس الجمعة