ليس بعيدا ابدا ذلك اليوم الذي تركت في امريكا نظام شاه ايران حليفها الاقوى في الشرق الاوسط لعقود وعقود ولا يجد زعيمه مكانا يأوي اليه بعد أن كان سند الامبريالية والصهيونية الاول وقد استطاع فقط ان يجد في شخص السادات من يحفظ له كرامة شخصه واسرته بحدها الادنى والسادات نفسه الذي اتقن اهداء مصر للإمبريالية الامريكية لا احد حتى اللحظة يدري من كان خلف مقتله وكذا كان نصيب خليفته الامريكي الاوضح حسني مبارك
أحد ممن وثق يوما بالنوايا الامبريالية بقناعة ام بأمنيات بما في ذلك الذين اعتقدوا انهم قد يتحالفون مع الامبريالية لخدمة مصالح بلادهم أيا كان بدءا من الاقوى في تجربة السادات مع الاتحاد السوفياتي واسرائيل وهو صاحب الشعار الأسوأ ان 100 من اوراق الحل بيد امريكا وانه سيعطي ما يريد ان يعطي ولن يأخذ منه احد شيئا لا يريد هو ان يعطيه فسرقوا منا مصر على يديه وحتى الرئيس صدام حسين الذي اقتنع يوما انه قد يتحالف مع امريكا ضد ايران لنجد انفسنا ليس بدون صدام فقط بل وبدون العراق
أغرب حكايات العشق الأمريكي في المنطقة جاءت على يد قطر واحدة من أصغر وأغنى دول العالم وقد استخدمتها أمريكا بأوسع ما يمكن لتنفيذ السياسات الأمريكية في المنطقة وقد استطاعت هذه الدولة الأصغر ان تلعب دورا رئيسيا في احداث العالم العربي وبعض دول الجوار أكثر من أي وقت مضى واتقنت استخدام الاعلام بشكل لافت للنظر لتضع نفسها في مقدمة الدول صانعة السياسة وكان لافتا جدا للنظر قدرتها على اقامة تحالفات وعلاقات متناقضة في ان معا فهي تقدو نفسها علنا كصديق لأمريكا واسرائيل وتعتبر القاعدة الامريكية هناك من اكبر القواعد في العالم بينما تقيم علاقات ايضا مع حزب الله والاخوان المسلمين وفي مقدمتهم حركة حماس وهي تأوي علنا قادة حركة حماس وتقدم المساعدات العلنية لهم في غزة وقد كانت يوما من اكبر حلفاء سوريا حتى انقلبت عليها بالمطلق حين يئ على ما يبدو من جعلها تنفذ ما تمليه امريكا واسرائيل في المنطقة
حين بحث خالد مشعل ورفاقه عن ملاذ من بعد الخروج من الأردن لم يجدوا سوى قطر وحين بحث عزمي بشارة عن ملاذ من حين خرج من وطنه لم يجد غير قطر وهي البلد العربي الوحيد الذي ملك الجرأة على مجاهرة العداء لدول مثل السعودية ومصر وعملت بالعلن ضدهم في اكثر من مناسبة قطر وعبر محطتها الفضائية الجزيرة كان البوابة الاعلامية للقاعدة وفيديوهات زعيمها اسامة بن لادن ومع كل ذلك فان احد لم يجاهر العداء لقطر من كل القوى الثورية في العالم العربي بل سعد قادة هذه القوى بان الجزيرة باتت تعطيهم مساحة من وقت على شاشتها والبعض بدأ يخشى غضب الجزيرة عليه حت صار استرضائها غاية لدى الجميع وع ان احد منهم لا يشك ابدا في حميمية العلاقة الامريكية القطرية ولم يتقدم احد بالسؤال علنا عن حقيقة هذا التعارض العلني بين سلوك قطر وتحالفاتها وبين مصالح امريكا واسرائيل
كانت امريكا ولا زالت معنية بان تستخدم عملائها الى اخر لحظة ممكنة وبكل شكل ممكن فقطر دولة صغيرة جدا وغنية جدا واعطائها اي مكانة لن يمكنها على الاطلاق من الانقلاب يوما على الاوامر الامريكية فهي محتلة بالكامل من قبل امريكا وقطر الراغبة بدور سياسي كبير وغير مبرر ستريح خزينة الولايات المتحدة بتقديم العطايا للغير وتقريبهم اليها تنفيذا للمصالح الامريكية وهي في نفس الوقت عصا تهش بها على من يحاولا الافلات ليعود لاهثا طالبا حماية الولايات المتحدة وعبر قطر نفسها التي تصادق الاعداء في ان معا دون خجل ودون تبرير في ان معا
خطوة قطع العلاقات مع قطر بقيادة السعودية ومصر والاتهام العلني لقطر بدعم الارهاب وتبرئة السعودة من ذلك علما انها الشريك الرئيس لها في سوريا والعراق وليبيا وغيرها جاء بعد قمة مسلمي ترامب بوجود قطر والسعودية ومصر وغياب دولة مثل ايران وقد قصد بهذا المؤتمر الذي حيت به اسرائيل وغابت عنه القضية الفلسطينية اللهم الا من ذكر حماس الارهابية علنا كان القول بان المسلمين هم السنة فقط وان الشيعة اعداء الاسلام وقد ظهر المؤتمر كإعادة رسم للمحاور والاحلاف في المنطقة وليصبح جوهر الصراع في المنطقة هو بين العرب والسنة وبين الشيعة ممثلة بايران وهو ما سيفتح شهية صانعي السلاح الأمريكيين لبيع سلاحهم للدول العربية وعلى مالكي المال ان يدفعوا لفقراء ليشتروا السلاح ايضا والا فان عليكم ان تستعدوا للرحيل
السعودية فتحت خزائنها علنا لعلي بابا الامريكي وقطر اصلا خزائنها محروسة منه تاريخيا والباقي مباح هو ماله كالعراق وليبيا والمطلوب اليوم لإعادة ترتيب الاوراق ونهب خيرات الشرق كله ايجاد وكلاء بالنيابة للحرب على ايران وهم العرب بقيادة السعودية ومصر وبذا تبيع امريكا سلاحا اكثر وتنفذ الحرب بدماء الارهابيين السنة ضد الارهابيين الشيعة وتستبيح ارض ايران الاغنى بالنفط والغاز فلا يبقى في الشرق لاعب حقيقي غير امريكا عبر اسرائيل
السؤال الذي يجتاح كل متابع عربي لما جرى بعد قمة ترامب الاسلامية في السعودية ولماذا الان وما المطلوب والى اين ستصل الامور ولماذا قطر بالتحديد وهل ستزداد الهوة مع قطر ان ستنحسر غدا ولا احد قطعا يعرف الحقيقة وراء كل ما جرى ويجري حتى بعد ان اعلن اكثر من ناطق ومسئول قطري ان قطر لم تخطو خطوة واحدة تجاه حماس او حزب الله او غيرهم الا بالتنسيق مع اسرائيل وامريكا ورضاهم
السيناريوهات المحتملة هي اما ان تقوم قطر اليوم لاسترضاء السعودية وامريكا وقد يكون هذا بالتوافق المسبق بالزام حماس مثلا بالقبول بالمشروع الصهيو امريكي بالمنطقة واعلان غزة كدولة فلسطين المستقلة أو ان تقوم قطر بالذهاب الى التحالف مع ايران ومعها طبعا حماس ومن لف لفها فستصبح الحرب على ايران هي حرب على الارهاب ايضا وقد تشمل هذه الحرب الحرب على غزة نفسها برغبة مصرية وقد يكون ذلك اقرب لان تركيا التي غاب رئيسها عن قمة ترامب الاسلامية وعاد غير راض من زيارته للبيت الابيض يعلن عن نشر قوات امريكية في قطر فهل هذا استعداد لخروج قاعدة العيديد الامريكية واستبدالها بالأتراك
هل ستنطلي على ايران حكاية الخلاف القطري الامريكي وهل سيصل ذلك الى موسكو وهل ستذهب حماس مع قطر لتتحالف مع ايران وموسكو وهل سيبقى لمبادي ء من لهم مباديء معنى على الاطلاق وقطر التي صادقت حزب الله اثناء الحرب الصهيونية عليه وعلى لبنان وحاربته بقسوة في سوريا من خلال جماعات الارهاب ومشاركة امريكا والسعودية تدافع عنه اليوم علنا في مواجهة كل العالم وفي المقدمة امريكا
يبدو ان خارطة التحالفات في المنطقة سيتم اعادة رسمها من جديد لتحقيق المصالح الامريكية علنا ونهب خيرات الشرق كله اما بالتهديد والوعيد والترهيب والترغيب كما في حال السعودية والامارات او بالاستخدام المفرط لإيران كعدو للسنة والعرب او بالتوريط كحال قطر وتركيا والايام القادمة حبلى بكل ممكن مهما كان فلم يعد يهم امريكا الا مصالحها الاقتصادية وما يخدم ومن يخدم هذه المصالح وكيف فهل يمكن لعاقل ان يصدق ان قطر اعلنت الحرب على امريكا ومصر والسعودية ام ان تلك نكتة سياسية بامتياز علينا ان نبكي لها فالضحكي عادة يصير بكاء من هول النكتة
بقلم
عدنان الصباح