تقليص كمية الكهرباء.. سيف مسلط على رقاب الغزيين

في الوقت الذي يعانى به قطاع غزة من أزمة الكهرباء طاحنة أدت لتفاقم معاناة المواطنين، أثار قرار طلب السلطة الفلسطينية من حكومة الإحتلال تقليص كمية الكهرباء لساعة أخرى لتصبح 3 ساعات بدلا من 4 ما يزيد الطين بله.

فقد أصبحت الكهرباء هي السيف المسلط على رقاب الغزيين، وتنغص عليهم حياتهم، وتضرب كافة مناحي الحياة في مقتل وأثر بصورة كبيرة على أدق تفاصيل الحياة في القطاع المحاصر من أكثر من عشرة سنوات.

وذكرت صحيفة "معاريف" العبرية، أن القرار يقضي بتقليص الكهرباء بما نسبته 15%، ما يعني تقليص ساعات الكهرباء من 4 ساعات حاليًا إلى 3 ساعات.

وبينت أن إسرائيل تبحث في هذه الأثناء عن رعاة دوليين للتكفل بدفع فاتورة كهرباء غزة، فقد جرى الحديث قبل أيام مع السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة "نيكي هيلي" التي وعدت بالعمل في هذا الإطار حال طرح الموضوع على مجلس الأمن.

وأثار هذا القرار وفق ما رصده تقرير"وكالة قدس نت للأنباء"، ردود فعل غاضبة و مستنكرة، ما سيتركه من آثار سلبية على حياة المواطنين،وحذرت وزارة الصحة من التداعيات الخطيرة لقرار الاحتلال الإسرائيلي تقليص كميات الكهرباء المغذية لقطاع غزة على المرضى و على الصحة العامة للمجتمع الفلسطيني في قطاع غزة و تحمل الاحتلال الإسرائيلي العواقب المترتبة على قرارها العنصري الذي يستهدف تقويض الحياة اليومية للمواطنين.

وفى سخرية من هذا الواقع قال الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات، حول حال قطاع غزة بعد قرار اسرائيل بتقنين تزويد غزة بالكهرباء لمدة ساعة واحدة فقط "كهرباء غزة .. السلطة تتوقف عن الدفع .. اسرائيل تقوم بالقطع .. المواطن يعيش عالشمع " .

وحذر النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار من تفاقم الأزمات الانسانية في قطاع غزة مع قرار اسرائيل تقليص إمدادات الكهرباء.

وقال الخضري إن توقف محطة توليد الكهرباء منذ حوالي شهرين تسبب في أزمات إنسانية يصعب تجاوزها، إلا بزيادة إمداد غزة بالكهرباء وبتشغيل كامل للمحطة، وليس بقرار تقليص إمداد غزة بالكهرباء الواردة من اسرائيل.

وأكد الخضري أن هذه خطوات غير مسبوقة تفاقم الأزمات الانسانية الموجودة أصلا والتي يستحيل تجاوزها في مثل هذه الحالة.

ودعا المجتمع الدولي وكل أحرار العالم، والمؤسسات الإنسانية العمل الفوري والسريع باتجاهين، وهما التدخل لمنع تقليص إمدادات الكهرباء لتفادي مزيد من الأزمات، إضافة للعمل بكل السبل لتوفير بدائل عاجلة للمراكز الصحية الحيوية مثل المستشفيات والعيادات وآبار المياه وكل المرافق الصحية.

وقال "العمل على توفير الوقود للمولدات، ومولدات إضافية وسولار لتشغيلها، وتركيب وحدات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في المستشفيات والمراكز الصحية والحيوية للمواطنين".

خلاف داخل الكابينت

الإعلام العبرى أيضا تطرق لهذا الموضوع و كتبت ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻫﺄﺭﺗﺲ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ  حول هذه الازمة قائلة " ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﺩﺍﺧﻞ ﻭﻋﺎﺀ ﻳﻐﻠﻲ، ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ ﻣﺮﺓً ﺃﺧﺮﻯ ﻳﺴﻴﺮ ﻧﺤﻮ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﻐﻠﻴﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻴﻒ، وأن ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺣﻤﺎﺱ ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﺘﻮﺗﺮﺍﺕ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ.

بينما أشارت صحيفة يديعوت إلى خلاف داخل الكابينت خلال مناقشة قرار تقليص كهرباء غزة، وقال وزير الطاقة "الإسرائيلي" يوفال شتاينتس لمنسق نشاطات حكومة  الإحتلال يؤاف مردخاي هل تأخذ التعليمات من الرئيس محمود عباس، فرد عليه مردخاي بالقول "نعم ، وانا أؤدي له التحية العسكرية".

حركة حماس من جهتها رأت أن موافقة الاحتلال على تقليص إمدادات الكهرباء لغزة ضغط جديد على القطاع له نتائج سلبية يتحمل الاحتلال تبعاتها

واعتبر الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع قرار الاحتلال الإسرائيلي تقليص كهرباء قطاع غزة بطلب من رئيس السلطة محمود عباس كارثيا وخطيرا كونه يمس بمناحي الحياة كافة في غزة.

وأكد القانوع في تصريح صحفي أن القرار من شأنه أن يعجّل في تدهور الأوضاع وانفجارها في القطاع.

وحمّل القانوع الاحتلال الإسرائيلي والرئيس عباس تداعيات قرار تقليص الكهرباء.

بينما حملت شركة الكهرباء في غزة الاحتلال عواقب التقليص ولا يمكن حسبان الوضع الذي سيكون فيه قطاع غزة جراء تقليص الكهرباء.

وذكرت أن شركة الكهرباء وفق ما رصده تقرير"وكالة قدس نت للأنباء": الخطوط الإسرائيلية المزودة لغزة بـ 120 ميجا واط هي المصدر الوحيد، وإذا ما قُلّصت فإن غزة تتجه نحو الكارثة، والخطوط المصرية متذبذبة ومحطة الكهرباء متوقفة وتشغيلها مرهون بسلطة الطاقة، وبالكاد نطبق جدول 4 ساعات وصل، وفي بعض المناطق تصلها 3 ساعات

واوضحت شركة الكهرباء ان غزة تعاني من أزمة مركبة، وهناك انعكاسات خطيرة في حال تقليص الخطوط الإسرائيلية، "لأن تفاصيل الحياة في القطاع مرتبطة بالكهرباء".       

تداعيات على الأوضاع الانسانية

واعربت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها من ازمة الكهرباء ، وتداعيات على الأوضاع الانسانية في قطاع غزة، وتؤكد أن تفاقم الأزمة وتقليص ساعات وصل التيار الكهربائي منذ نحو شهرين أدى إلى تدهور خطير في مستوى كافة الخدمات الأساسية للمواطنين، وخاصة الخدمات الصحية، خدمات صحة البيئة، بما فيها إمدادات مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، كما أدى إلى تدهور العمل في المنشآت الصناعية والتجارية وتسبب في مزيد من التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه القطاع. 

وذكر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن المواطنين في القطاع  يعانون من خفض ساعات وصل الكهرباء إلى 4 ساعات يومياً فقط، مقابل 12 ساعة قطع، ووفقاً لشركة توزيع الكهرباء في غزة، تبلغ احتياجات القطاع من الطاقة الكهربائية حالياً 450 ميغاوات، متوفر منها 120 ميجا وات (26.7%) فقط، فيما بلغ العجز 330 ميغاوات (73.3%)، وأشارت الشركة إلى أن الكهرباء المتوفرة هي فقط من الخطوط الاسرائيلية، أما الخطوط المصرية فهي متعطلة، ومحطة التوليد متوقفة عن العمل.  وتعود أزمة الكهرباء الحالية إلى توقف محطة الكهرباء عن العمل بسبب نفاد كميات الوقود اللازم لتشغيلها، وإصرار الحكومة في رام الله على فرض الضرائب على الوقود، وذلك بحسب بيان سلطة الطاقة في غزة الصادر عنها بتاريخ 16/4/2017.

وقد بات من الواضح أن الجهات المشرفة على قطاع الكهرباء لا تمتلك أية حلول حقيقية للحد من أزمة الكهرباء في القطاع، ما يشير إلى فشلها في إدارة هذا القطاع الحيوي والهام لحياة نحو 2 مليون فلسطيني، وقد ترتب على ذلك تدهور خطير في مستوى الخدمات الأساسية.

زيادة كمية الكهرباء

من جهتها توجهت جمعية "ﭼيشاه – مسلك" برسالة عاجلة إلى وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، حذرت من خلالها من خطورة حصول أزمة إنسانية في قطاع غزة في حال قلصت إسرائيل تزويد قطاع غزة بالكهرباء. وجاء ذلك في أعقاب تقارير صحافية عن نية إسرائيل تقليص كمية الكهرباء التي تبيعها لقطاع غزة بمقدار 120 ميغاواط، وذلك ردًا على قرار السلطة الفلسطينية تقليص تمويل الكهرباء الواردة لقطاع غزة.

وذكرت جمعية "ﭼيشاه – مسلك" وفق الرسالة التى وصلت "وكالة قدس نت للأنباء" نسخه عنها، ان الوضع القائم اليوم في قطاع غزة خطير ومقلق: محطة التوليد الوحيدة في القطاع معطلة منذ منتصف نيسان بسبب خلاف بين حكومة حماس والسلطة الفلسطينية، ومنذ ذلك الوقت، تشكل الكهرباء الواردة من إسرائيل بين 80-100 بالمئة من مجمل الكهرباء المتوفرة في القطاع (حسب وصول الكهرباء من مصر).

وطالبت الجمعية السلطة الفلسطينية، الحكومة في قطاع غزة، مصر و المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهم تجاه البنى التحتية المهترئة في قطاع غزة، لكن هذا الأمر لا يلغي أبدًا مسؤولية إسرائيل البالغة عن هذا الوضع ، و تقليص كمية الكهرباء هي خط أحمر يمنع تجاوزه. يجب عدم طرح هذه الإمكانية أصلاً والسعي لملائمة البنى التحتية في قطاع غزة لاحتياجات السكان.                        

المصدر: غزة- وكالة قدس نت للأنباء -