ليلة القدر ليلة مباركة خصها الله بفضائل كثيرة ، ومن يوفقه الله بقيامها ونيل فضلها فقد أسعده الله ،ومن حرم خيرها فقد حرم الخير كله ،والسعادة كلها في النيل من هذه الليلة التي وصفها الله بانها مباركة.( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم . أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين . رحمة من ربك إنه هو السميع العليم) ولايحرم خيرها الا محروم .تتنزل فيها الملائكة فتكون في الأرض بعدد الحصى .ويجيب الله فيها كل سائل ،ويعطي كل طالب ويقبل كل تائب .فيها يفرق كل امر حكيم .فتكتب فيها المقادير والآجال والأرزاق .من أحياها فكأنما تعبد وصلى وعبد الله الف سنة(,,ليلة القدر خير من الف شهر..) كل هذا الفضل وجميع هذا الثواب وهذه السعادة في هذه الليلة التي لو نعلم تحديدا موعدها ؟او نعرف وقتها لما نام لنا فيها جفن او غمضت عين وما تكاسل فيها عابد او تأخر عن طلب فضلها موحد.وهنا لنا سؤالين الاول :لماذا لم يفصح عنها ربنا تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم واخبر عن ليلتها ؟ والثاني من هو الأهم ان نبحث عن ليلة القدر أم انهاء الانقسام الفلسطيني ؟ وقد يجيب البعض ما علاقة هذا بذاك؟ روي عن أنس رضي الله عنه قال أخبرني عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من بيته ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال إني خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان ..) اي تنازعا وتشاجرا وفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم حل الشجار بينهما قبل ذكر ليلة القدر. فانظروا كيف حرمت امة محمد صلى الله عليه وسلم من تنازع رجلين من الصحابة اهتم بهما رسول الله صلى الله علية وسلم لحل النزاع والشجار بينهما على ليلة القدر. وانظروا حال المسلمين اليوم .متقطعه اوصالهم ومتنازعه نفوسهم ومنقسمة بلادهم انظروا حال القدس وفلسطين انقسام واحتلال وحصار وكل ذلك من البعد عن الدين وسماحته ووسطيته والتمسك بمظاهر الدنيا وملذاتها الفانية.فكم من الخير نحرم من التشتت والنزاع والانقسام وكم من الوباء والبلاء ينزل علينا من ضعف وفساد نفوسنا ! فمتى يعود المسلمون الى دينهم ويخلعوا الغل والخصومات والعداوات من بينهم لعل الله يسبغ علينا فضله وينزل علينا بركاته ويبلغنا ليلة القدر ويرفع عنا البلاء ويتقبل الدعاء ( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ).متى سيزول البلاء عن غزة المحاصرة المحتلة ؟ متى سنتمسك بديننا حقيقة وأن لايكون الدين ستارا وغطاء لتحقيق اهداف ومصالح خاصة.
ان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان رؤوفا رحيما يخاف على امته ويتمنى لها كل الخيرقال تعالى (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) ولاجل ذلك لم يترك ليلة القدر غامضة غير معروفة وهو يعلم فضلها وثوابها وخيرها على امته وهي التي أنزل الله القران الكريم في تلك الليلة التي وصفها رب العالمين بأنها مباركة وهي التي وصفها بأنها سلام ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى وهي التي يغفرالله فيها لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه ، وتساوي عبادة الف سنة ..فهو يعلم كل هذه السعادة لامته فقال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ألتمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) اذن ليلة القدر في العشر الأواخر كما في الحديث السابق وكما في حديث عائشة وحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) وفي أوتار العشر آكد ، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ) وهل لنا اكثر من هذا الخير والتقريب في معرفة ليلة القدر هم عشر من اواخر رمضان تنال السعادة كلها .نسأل الله أن يبلغنا ليلة القدر وسعادة ليلة القدر. اذن فعلينا أن نبحث عن ليلة القدر في كل مكان ولا تبحثوا عن ( ليلة القدر ) بين أعمدة المساجد فحسب !! إبحثوا عنها في انهاء الانقسام ابحثوا عنها في اصلاح ذات البين .ابحثوا عنها في صلة رحم وإطعام مسكين أوكسوة عارياً وتأمين خائف ورفع مظلمة وكفالة يتيم ومساعدة مريض .إبحثوا عنها في رضا الرب والإقلاع عن الذنب .إبحثوا عنها في ضمائركم قبل مساجدكم .فصنائع المعروف تقي مصارع السوء. رمضان كريم وكل عام والأمة الاسلامية بخير
القاضي د ماهر خضير
قاضي المحكمة العليا الشرعية
عضو هيئة العلماء والدعاة بالقدس الشريف