“صراع المذاهب الفكرية والمذاهب الدينية عند العرب“

بقلم: أشرف صالح

كانت الدولة العثمانية "الخلافة الإسلامية" التي لا تغيب عنها الشمس تسيطر على رقعة واسعة على الأرض وكانت حدودها لا تعرف القومية ونظام الدول والتقسيمات . كانت الدولة العثمانية هويتها إسلامية لا تفرق بين العرب والعجم والأتراك تحت المظلة الإسلامية . وبالرغم من وجود مذاهب دينية أناذاك ولكن هذه المذاهب كانت تدور في فلك واحد وهو فلك الهوية الإسلامية الجامعة والشاملة والموحدة والمتماسكة .

ثم جاءت الكارثة الكبرى وهي الحرب العالمية الأولى التي أدت إلى إنهيار الخلافة الإسلامية وتقسيم العرب إالى دويلات مستعمرة تحت شعار القومية العربية . وبعد سيطرة بريطانيا وفرنسا وروسيا على الوطن العربي إنهارت الهوية الإسلامية من ادبيات العرب .

وكان الغزو العسكري الإستعماري للعرب يتزامن مع الغزو الفكري لعقول العرب من خلال أفكار وفلسفات جديدة وغريبة من شأنها طمس الهوية .

وبدأ الصراع الفكري والصراع الديني يتزامن مع مرور الزمن حتى أصبح الإسلام غريبا عن الواقع العربي بمفهومه السياسي والقيادي الذي يشمل كل مناح الحياة . وبدأت التيارات الإسلامية تتشكل على أنقاض الدولة الإسلامية الأم .  وأصبحت التيارات الإسلامية قوى معارضة للأنظمة العربية بعد ما كانت هي النظام الحاضن للجميع . وإستمر الصراع بين المذاهب الفكرية الذي أدخلها الغرب علينا والمذاهب الدينية التي تأسست في صدر الإسلام . ومر هذا الصراع في محطات كثيرة حتى وصل بنا إلى سيطرة المذاهب الفكرية بشكل شبه كامل على الوطن العربي . ومن أهم هذه المذاهب الفكرية التي تتوغل في الأنظمة العربية هي "الديمقراطية والعلمانية والليبرالية والإشتراكية والشيوعية " وغيرها من المذاهب الفكرية التي أدت إلى إنهيار العرب .

وبعد هذا الصراع الطويل بين المذاهب الفكرية والدينية وسيطرة المذاهب الفكرية بشكل كبير جاءت الثورات العربية الاخيرة التي أدت إلى سقوط بعض الأنظمة وإنهيار وضعف البعض وتماسك البعض نتيجة تجربة الآخرين . وبدأت المذاهب الدينية بعد الثورات العربية تستعيد قوتها من جديد لتفرض سيطرتها على أجزاء كبيرة من الوطن العربي . وسيطرة المذاهب الدينية فكريا وعسكريا على أرض الواقع وتشكلت هذه المذاهب من ثلاث قوى وهي التيارات  الدعوية والجهادية والسياسية .

ولا يزال الصراع قائم بين المذاهب الدينية والمذاهب الفكرية حتى يومنا هذا نتيجة الغزو الغربي الإستعماري عسكريا وفكريا والذي قام على انقاض الخلافة العثمانية والهوية الإسلامية الشاملة والجامعة .

 

الكاتب الصحفي : أشرف صالح