واقع نعيشه.. كيف نواجهه

بقلم: عباس الجمعة

المناضلين في صفوف القوى والفصائل والأحزاب ، اصبحت اسما او رقما ، وهذا ما اشعر فيه ، لان البعض لا يريد العمل الجماعي ،ولا يريد ان يكون هناك عصب للتنظيم ، يريده بعد سنوات من النضال والكفاح والتضحية والعطاء ، تنظيم خاص او حزب عائلي ، لا يريدون اي مراجعة تنظيمية وفكرية للأزمة التي نعيشها ، هم قيادة خاصة وليست قيادة حزب او تنظيم ، فكيف المخرج عندما ترى مناضلين ناضلوا وحملوا راية الكفاح واصبح لهم من العمر اكثر من اربعون عاما غير معتمدين ، ولن يتم تسوية امور بعضهم في الرتبة والراتب ، وهنا السؤال اين هم من التراث الكفاحي لتنظيمهم وحزبهم ، واين الاداة الكفاحية الفكرية والسياسية والتنظيمية والادارية لانتصار وحدة هذا الحزب او التنظيم .

انا اعرف مسبقا حساسية ما سأكتب عنه ومحاذير التعاطي في مثل هذا الأمر مع شريحة لا تزال تسيطر على كل شيئ وتسعى الى خنق الرأي وتقييد الحركة، ولكن من حق اي مناضل الدفاع عن حقه، لان التسمية في الموقع القيادي هي تكليف وليس تشريف ، وهذا يتطلب أن نقف في مواجهة الانحراف السياسي والمالي وخاصة في الحالة الفلسطينية التي هي أخطر الحالات ، حيث أغدق البعض في المال ونسى النضال، واحتفظ لنفسه بالنفوذ ، هذه ظواهر الأمور كانت كاشفة للواقع اثناء توزيع الحصص التي اتت للشعب الفلسطيني حيث حرم الفقراء .

آن الأوان لنتحدث لاننا نحن تربينا في مدراس النضال والثورة ، وعلينا معالجة الاستهتار من خلال احترام حقوق المناضلين وعدم تركهم لمصير مجهول وخاصة لجهة تسوية اوضاعهم ، والعمل من اجل النظر بالمناضلين الغير معتمدين لانه في حال لا قدر الله توفي مناضل لم يجد له قيود او اعتماد في الشؤون .

الحديث عن هذه الاوضاع وغيرها يثير الاسى والحزن والتوق للمحاسبة من الذين يحاولون ان يكون التنظيم كشراكة حصرية لهم ، فالشعب الفلسطيني والمناضلين الذين ما زالوا يؤمنون بخيار النضال والكفاح ينظرون مشدوهين لمن اغترفوا المال وتربعوا على عرشه، حيث يعيش الأبناء والأحفاد في العز والرز بينما الفقير غير قادر على تعليم ابنائه .

وفي ظل هذه الظروف سألني صديق بعدك أنت أنت فقلت له بالنسبة لي يكفيني كلمة مناضل فهذا شرف لي ، واتمنى على الجميع ان يدق جدران الخزان حتى نعمل على تصحيح البوصلة من خلال تشخيص المرض والعلاج كرأس حربة دون خوف فلم يعد في العمر أو القضية بقية لا نقول ذلك يئسا وإنما إدراكا لما يمكن إدراكه.

إني اعلم وكل الذين رافقوا مسيرة الثورة وحياة شعب فلسطين قد صقلتهم التجربة وبلورة مواقفهم قيم وتقاليد عريقة في الدفاع عن اقدس القضايا فلسطين وعن قضايا الجماهير، من هنا برز في صفوف القوى والاحزاب والفصائل خيرة محترمة ذات موقع مرموق تتميّز بالكفاءة والنزاهة.

والإستقامة والتمسّك بالقيم الأخلاقيّة والإجتماعيّة، وهم يشكّلون، جيلاً بعد جيل، خميرة كفاحيّة رائدة من شأنها، أن تعيد لهذه القوى عافيتها، وأن تعيد إلتفاف الشعب الفلسطيني حول منظمة التحرير الفلسطينية، إلّا ان على المناضلون داخل اي حزب او تنظيم الخروج من حالة الإنكفاء التي فرضتها ظروف العمل ، ومطالبون بالمساهمة في عمليّة الإستنهاض لمسيرة النضال المشرقة والإستفادة من الاخطاء والثغرات ونواقصها.

أنّ شعبنا بحاجة إلى إعادة الإعتبار لمرحلة التحرر الوطني، وإلى بلورة رؤية سياسية وكفاحية، ومن أكثر كفاءة من المناضلين للقيام بهذه المهمّة، ومن أصلب منهم عوداً وأعرق تاريخاً وأنظف كفّاً، ومن أولى منهم برعاية مستقبل شعبهم.

لا همّ للمناضلين بعد اليوم إلا مصالح الجماهير والإرتباط بقضاياهم اليوميّة او البعيدة المدى، بصرف النظر عن ولاءاتهم وإستقطاباتهم وتجاذباتهم، وهذا ما سيشكّل الأساس والمعيار في علاقات الفصائل والقوى والاحزاب ، وهم في سعيهم لتحقيق هذا الهدف يمدون يدهم، بصدق، للتعاون حول مختلف القضايا في جو من الحوار الديمقراطي، وبذلك يؤكّدون وفاءهم للقيم والمبادئ الذي ضحى من اجلها الشعب الفلسطيني.

لم يعد هناك بديل ولم يعد هناك وقت كافي, فالقضايا العربية تباع بأبشع سوق للنخاسة في العالم, والصمت العربي تجاه قضية لا تقل جوهرية عن قضية فلسطين, تجاه ملايين الأطفال الذين يسرق الجوع أرواحهم وأفراحهم ودموع نسائهم في الدول العربية من ناحية والحرب التي يقودها إرهابيون عالميون تدعمهم الامبريالية الامريكية والقوى الاستعمارية ليست سوى جزء من مخطط الشرق الأوسط الكبير الامريكي الصهيوني.

ختاما : مع مرور قطار الزمن مسرعا هل سيتم إعادة تعزيز دور الفصائل والقوى والاحزاب للوقوف في مواجهة الهجمة الامبريالية الاستعمارية الصهيونية الشرسة وبلورة جبهة مقاومة عربية شاملة لمواجهة مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تسعى أمريكا لفرضه على المنطقة ، وهل ستكون انتفاضة شابات وشباب فلسطين هي البوصلة لاعادة خيار المقاومة فلنتظر ، فأن قدرة وصمود الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ومقاومتها قادرة على تحقيق الانتصار وتحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

بقلم / عباس الجمعة