قرع أشهر وأهم عالم فيزياء في العالم أجراس الإنذار من جديد وحذر من انقراض البشرية وتدهور أوضاع الكرة الأرضية ما لم يتم العثور سريعاً على طريقة للهروب من الكوكب والاستعمار في كواكب أخرى بديلة.
وقال عالم الفيزياء البريطاني الأشهر ستيف هوكينغ إن أمام البشرية 200 عام فقط للهروب من كوكب الأرض وإيجاد موطئ قدم خارجه قبل أن تواجه الانهيار الحتمي خلال هذه الفترة، وهي مدة قصيرة نسبياً من أجل العثور على موطئ قدم خارج الأرض، لكن أغلب علماء الفلك والدول الكبرى تتحدث عن مشاريع أقل من ذلك بكثير من أجل الوصول إلى أماكن أخرى، وخاصة كوكب المريخ الذي يسود الاعتقاد بأن الحياة على سطحه ممكنة.
وجاء تحذير هوكينغ خلال كلمة ألقاها خلال مهرجان "ستارموس" للعلوم الذي أقيم في النرويج مؤخراً، حيث انتقد أيضاً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب قراراته التي اعتبرها "خاطئة" بخصوص التحول المناخي.
وأضاف البروفيسور هوكينغ، حسب ما نشرته صحيفة "القدس العربي" اللندنية: "عندما نصل إلى أزمات متشابهة في تاريخنا فان من الطبيعي أن يكون لدينا مكان آخر لنستعمره".
وتابع: "كريستوفر كولومبوس فعل ذلك في العام 1492 عندما اكتشف العالم الجديد، لكن الآن لا يوجد أي عالم جديد" مشيراً إلى أن البشر "استهلكوا المساحات الشاغرة والأماكن الوحيدة التي يمكن أن تذهب اليها هي عوالم أخرى".
ورأى أن "الأرض تحت التهديد من مناطق عديدة وهو أمر من الصعب عليَّ أن أعتبره إيجابياً" وأضاف: "حان الوقت لاستكشاف مجموعات شمسية أخرى، والتوسع ربما يكون الطريقة الوحيدة لحماية أنفسنا من أنفسنا. أنا مقتنع بأن البشرية بحاجة لأن تترك كوكب الأرض".
ويبدي أمله في أن تتمكن المركبات الفضائية الصغيرة والتي تستخدم تكنولوجيا حديثة تقوم على الأشعة الضوئية في الوصول قريباً إلى نجم "ألفا سينتوري" وهو الأقرب إلى كوكب الأرض، وذلك خلال السنوات القليلة المقبلة.
وتأتي هذه التحذيرات على لسان أحد أشهر العلماء المتخصصين على مستوى العالم في الوقت الذي ينشغل فيه علماء الفلك والدول الكبرى في البحث عن الطريق التي تؤدي إلى كوكب المريخ على اعتبار أنه المكان الأكثر قابلية لأن يتمكن أن يعيش فيه البشر خارج كوكب الأرض.
ويعتزم البشر تنظيم أول رحلة "ذهاب بلا عودة" إلى كوكب المريخ، حيث تقدم 200 ألف شخص من 140 بلدا في العالم للمشاركة بهذه المهمة التي تقضي بإرسال فريق إلى الكوكب، في رحلة ذهاب فقط، ليقيموا هناك إلى الأبد وينشئوا مستعمرة بشرية، وهو مشروع تقوم عليه شركة "مارس وان" الهولندية. والسبب في كون الرحلة دون إياب، هو أن التقنيات العلمية المتوافرة حاليا تتيح الهبوط على كوكب المريخ، لكن لا تتيح العودة إلى الأرض لأن جاذبيته كبيرة، بخلاف القمر ذي الجاذبية الصغيرة الذي يمكن الإقلاع منه.
وسيمول هذا المشروع من الإعلانات التجارية، إذ أن كل مراحل التدريب والانطلاق والرحلة الفضائية والهبوط على المريخ وإنشاء المستعمرة البشرية والإقامة فيها ستكون منقولة مباشرة.
وسيجري اختيار المرشحين بناء على معايير عدة، منها القدرة على اتخاذ القرار وحسن التعامل مع المشاكل، والروح المعنوية، والتركيبة النفسية، والسلوك أثناء الاختبارات وخارجها.
ومع انتهاء المرحلة الثالثة من الاختيار سيبقى من المرشحين 24 فقط، يوزعون على ست مجموعات قوام الواحدة أربعة أشخاص.
وتعتزم شركة "مارس وان" أن ترسل في مرحلة أولى مركبة غير مأهولة، لاختبار قدرتها على الهبوط على سطح المريخ، وسيكون ذلك في العام 2018. أما الرحلة المأهولة الأولى فتنوي اطلاقها في العام 2026 حاملة الفريق الأول من مستعمري المريخ، ثم تليه الفرق تباعا بفاصل زمني مدته 26 شهرا بين الرحلة والأخرى.
ويدرك المشاركون في هذه المهمة أنهم ذاهبون من دون عودة، وأن عليهم أن يتدبروا أمورهم على كوكب المريخ، من حيث بناء مساكنهم الصغيرة التي تقيهم من الجو وحرارته، وان يبحثوا عن الماء، وينتجوا الأكسجين وان يزرعوا طعامهم داخل حجرات مقفلة.
ولا يبدو ان هذه المتطلبات الضرورية لحياة البشر سهلة التحقيق على سطح كوكب قاحل ذي غلاف جوي غني بغاز ثاني اكسيد الكربون، وحيث متوسط درجة الحرارة 63 درجة مئوية تحت الصفر، لذا، يثير هذا المشروع الكثير من الجدل والمخاوف، رغم أنه يحظى بتأييد كبير من عالم الفيزياء الهولندي جيرارد هوفد حائز جائزة نوبل للسلام.
والمشروع هو الأول من نوعه الذي يحدد تاريخا لإرسال بشر إلى سطح المريخ، فكل المهمات الفضائية حتى الآن انزلت على سطحه مسبارات أو روبوت.
وتعتزم الولايات المتحدة ارسال رواد إلى المريخ ولكن في رحلات ذهاب وإياب بطبيعة الحال، ويقتضي ذلك التوصل إلى تصميم مركبات قادرة على الإقلاع من كوكب المريخ للعودة إلى الأرض وهو ما لم تتوصل له التقنيات البشرية بعد. وعلى ذلك فان المهمة الأمريكية لن تتم على الأرجح قبل عشرين عاماً.
يشار إلى أن كوكب المريخ يعتبر الرابع في المجموعة الشمسية، ويعرف باسم الكوكب الأحمر، وذلك بسبب وجود كميات كبيرة من أكسيد الحديد على سطحه، وتتكون طبقة الغلاف الجوي له من ثاني أكسيد الكربون، وهذه الطبقة الرقيقة والباردة تمنع وجود الماء السائل فيه، الأمر الذي يجعل من مساحة هذا الكوكب مساوية لمساحة كوكب الأرض، بالرغم من عدم تجاوز حجم المريخ لـ 15٪ من حجم الأرض، إلا أنّ ما يقارب ثلثي مساحة الأرض مغطّى بالماء، ممّا يجعل من مساحة اليابسة في كلا الكوكبين متساوية.
ويبلغ قطر المريخ حوالي 6800كم، ممّا يجعله ثاني أصغر كوكب في المجموعة الشمسية، علماً بأن كوكب عطارد يحتل المرتبة الأولى، أما المناخ في المريخ فهو مماثل لمناخ الأرض، ومنذ فترةٍ طويلة تعادل حوالي 3.5 مليار سنة كان الجو رطباً ودافئاً، إلا أنّه بسبب صغر حجم الكوكب، وبسبب التفاعلات الكيميائية في الغلاف الجوي فيه انخفضت درجة الحرارة كثيراً الأمر الذي أدى إلى تجمّد الكمية المتبقية من الماء في القطبين أو اختبائها في الينابيع الجوفية العميقة.
وتبلغ درجة الحرارة على سطح الكوكب حوالي 20 درجة مئوية وقت الظهيرة عند مستوى خط الاستواء، وتصل درجة الحرارة عند القطبين في فصل الصيف إلى حوالي 153 درجة مئوية، ممّا يزيد من صعوبة العيش على الكوكب.