عشية انتهاء المهلة التي أعطتها الدول المقاطعة لقطر اليوم الأحد، وعلى الرغم من أن هناك بعض المؤشرات والمبادرات المطروحة لإمكانية التوصل إلى حل وسط، إلا أن الأزمة آخذه بالتصعيد ومرشحة لسيناريوهات خطيرة من شأنها وضع الخليج برمته على مفترق طرق، قد تصل إلى حرب إقليمية إذا لم يتم تدارك الأمور بعد فشل كل الوساطات العربية والدبلوماسية الدولية في نزع فتيل الأزمة الخليجية.
منذ اندلاع الأزمة بين الدول المقاطعة وقطر، شهدت الدبلوماسية القطرية حراكاً دولياً ملحوظاً لوزير خارجيتها الذي أجرى جولات مكوكية عبر عواصم عالمية لنزع فتيل الأزمة، وفي المقابل لم تغفل قطر التحرك العسكري، فسعت جاهدة لتوثيق التعاون العسكري مع بعض الدول مثل تركيا التي زارها وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد العطية، تزامناً مع التحاق الدفعة الخامسة من القوات التركية بالقاعدة الموجودة في قطر.
وفي الوقت الذي يتابع العالم تطورات الأزمة الخليجية وما ستؤول إليه الأمور خلال الساعات والأيام المقبلة، يبدو أن المنطقة مرشحة للدخول على تغيرات إقليمية محتملة من شأنها تغيير خريطة التحالفات في الموجودة مسبقاً كخروج قطر من مجلس التعاون الخليجي ودخولها في حلف "ايراني- تركي" برعاية روسية .
الأزمة الخليجية في طريقها لمزيداً من التصعيد، خاصة بعد فشل الوساطة الكويتية التي قادها الشيخ صباح الاحمد، امير الكويت، وعدم تجاوب كل الاطراف معه، وهذا الأمر يطرح ثلاث سيناريوهات متوقعة في ضوء غياب أفق حقيقي للحل .
السيناريو الأول: إقرار دول المقاطعة خطوات عملية تتمثل بتشديد المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية وتجميد الأرصدة المالية لدولة قطر في تلك الدول، وهذا السيناريو قد تتغلب عليه قطر بامتلاكها اوراقا اقتصادية قد تؤثر على دول المقاطعة، مثل اغلاق انبوب الغاز القطري الى الامارات، وابعاد حوالي 200 الف من العمالة المصرية المقيمة فيها.
السيناريو الثاني: تجميد عضوية دولة قطر في مجلس التعاون الخليجي، وبذلك يكون قد انتهى مجلس التعاون بصورته الحالية، وهذا السيناريو في حال تم تطبيقه فإنه سيفرض على دولة قطر واقعا سياسيا جديدا يتم بموجبه لجوء قطر إلي المعسكر المناوئ لدول الخليج المحور الإيراني التركي المحتمل .
السيناريو الثالث: يتمثل بإعلان الحرب وغزو دولة قطر، بقوات عسكرية على غرار ما حدث في البحرين لدخول قوات درع الجزيرة، وهذا السيناريو وإن كان خطيرا فهو غير مستبعد، الا أنه يُنذر بحرب إقليمية في المنطقة بين إيران وتركيا من جهة والسعودية ودول الخليج ومصر من جهة أخرى، خاصة مع دخول إيران على خط الأزمة ووجود قواسم مشتركة ودعماً لوجستياً على أعلى المستويات من إيران وتركيا لدولة قطر في مواجهة دول الحصار.
الحرب المباشرة بين السعودية وايران باتت وشيكة، خصوصاً على خلفية تفجيري طهران الأخيرين واستعار الحرب المشتعلة بالنيابة بين الجانبين في اليمن وسوريا، كل ذلك يؤكد أن التدخل العسكري في قطر قد يكون "نُذر حرب" إقليمية.
لا شكّ أن إرسال تركيا قواتها إلى قطر وفتح قاعدتها العسكرية فيها، هو بمثابة رسالة قوية تسعى تركيا من خلالها إلى رسم خطوط حمراء لدول المقاطعة من شأنها العدول عن التدخل العسكري، كما أن إيران التي تعتبرها دول المقاطعة بأنها جزء من المشكلة دخلت على الخط مباشرة، وهذا ما يفسر كلام الرئيس الإيراني حسن روحاني يؤكد في اتصال هاتفي مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني وقوف بلاده إلى جانب الدوحة.
على الجانب الآخر، ظهر جلياً أن دولة الاحتلال الاسرائيلي استغًلت الأزمة الخليجية لتوطيد علاقاتها مع دول الخليج، حيث أعلن وزير السياحة الإسرائيليّ، يريف ليفين أنّ أزمة قطر جلبت الدفء لعلاقات إسرائيل مع السعودية، قائلاً " لم نصل بعد إلى مرحلة تدفق السياح من دول الخليج إلينا، لكن من شأنه أنْ يكون بكلّ تأكيدٍ مرحلة أولى في الطريق إلى تسخين العلاقات، على حدّ تعبيره.
في خضم هذه المستجدات، يبدو أن الأزمة الخليجية لا تُبشر بنهاية قريبة، وربما تتطور الأمور تطوراً دراماتيكياً لا يحمد عقباه تشتعل المنطقة، قد تأكل الأخطر واليابس إن لم يكن بين الأشقاء رجل رشيد ويبقي السؤال المطروح، هل المنطقة على موعد مع "حرب بسوس" جديدة؟.
بقلم/ رضوان أبو جاموس