هنية يدعو السلطة للتراجع عن اجراءاتها لتهيئة الظروف للمصالحة

قال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، إِنّ "البيئة المُحيطة بواقعنا، تعطي فرصةً للاحتلال لتنفيذ مُخططاته، وتُبعدنا عن تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، خاصة في ظل ما تقوم به السلطة الفلسطينية من إجراءات تجاه قطاع غزة."

ودعا هنية، خلال خطابه الأول بعد توليه منصب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، لصياغة برنامج سياسي واضح وموحد، يستند للقواسم المشتركة، ويرتكز على أهداف الشعب الفلسطيني وحقوقه وتطلعاته؛ "ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، تفي بكل بالتزاماتها تجاه شعبنا في الضفة وغزة."

وأضاف هنية خلال الخطاب الذي عُقد في فندق "أرك ميد" بمدينة غزة، مساء الأربعاء، بحضور لفيف من الشخصيات العامة: "من ثم التحضير الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، على قاعدة الانتخابات الحرة النزيهة، والاتفاق على موعد الاجراء للانتخابات"؛ مؤكدًا جهوزية حركته وعدم خشيتها ذلك في الموعد الذي يتم الاتفاق والتوافق عليه.

وتابع: "وتكون تفاهمات بيروت مرجع لتشكيل المجلس الوطني؛ وتفعيل المؤسسات خاصة المجلس التشريعي، وقيامه بالواجبات المنوط بها؛ ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي من قبل السلطة الفلسطينية، مهما كلف ذلك من ثمن".

وشدد هنية، على أنه حتى تحقيق ذلك لا بد من تهيئة الظروف وازالة كافة المُعيقات، التراجع عن جميع الاجراءات العقابية بحق غزة وأهلها، وقيام حكومة التوافق بواجبها، والمجال مفتوحًا لتقوم بذلك، "وهنا لن يكون للجنة الادارية التي شكلتها حماس مكان، وسيتم حلها؛ فهي اليوم تقوم بدورها الإداري لسد الفراغ الذي تركته الحكومة."

ولفت إلى أن حركته مُنفتحة مع كافة الأطراف، لحماية الشعب الفلسطيني، ومتمسكة بوحدته في الضفة وغزة؛ داعيًا الجميع لتحمل مسؤولياته في ظل المنعطف التاريخي الهام.

المصالحة أولويتنا

وقال هنية : "لأننا ندرك ضرورة الوحدة، ودفاعنا عنها بكل قوة، وتنازلنا مرة تلوة مرة مع شركاؤنا في الوطن حركة (فتح)، وطالبنا الخرج من الحزبية لسعة الوطن، والخروج من املاءات اعداءنا لانتصاراتنا، وقطعنا شوطًا مهمًا، وجملة من التفاهمات والاتفاقيات".

واستطرد "تحقيق المصالحة وبناء شراكة وطنية ستبقى على رأس أولويات حركة حماس، وستبذل الحركة كل الجهود لتحقيق الوحدة، وسنعمل لتأسيس استراتيجية وطنية، وتأسيس الدولة"؛ موجهًا ندائه لحركة "فتح" قائلاً : "يا أبناء شعبنا في فتح وكل الفصائل تعالوا لنبدأ اليوم في تطبيق جميع الاتفاقيات التي وقعت في القاهرة، والدوحة، والشاطئ، وما جاء في وثيقة الوثاق الوطني. (..).."

وواصل "يا إخواننا في حركة فتح تعالوا لكلمة سواءً بيننا وبينكم، ونستثمر جماهيريتنا وتاريخنا، وقوتنا، ونبني جسور الثقة، ونطوي صفحة النزاع، ونتحدث لبعضنا بمسؤولية من أجل وطننا؛ ولنتنافس بشرف لخدمة شعبنا،؛ فحماس لم تقضي على فتح والعكس، وهو غير موجود كأساس؛ فالحركة وفصائل شعبنا تعمل لنقضي على الاحتلال والانقسام، بشعبنا؛ ندائي هذا هو رافعتنا نحو الحرية والاستقلال".

وعبر هنية، عن اعتزاز حركته بعلاقتها وعمق تنسيقها مع الحركة الجهاد الإسلامي، والعلاقة التي تطويرت مع الجبهة الشعبية وزيادة الفهم المشترك، وكذلك الجبهة الديمقراطية؛ قائلاً : "مرتاحون من العلاقة مع كافة قوى واذرع المقاومة الباسلة، وعاقدون العزم لنحدث نقلة نوعية خدمة لشعبنا في هذه العلاقة".

وأشار، إلى أنه تم خلال اللقاءات بمصر، بما في ذلك لقائه مع وزير المخابرات خالد فوزي، مناقشة موضوع المصالحة، ووفد الحركة الذي غادر مؤخرًا للقاهرة، أبدى الانفتاح التام لإنهاء الانقسام، وتم التأكيد على أن" حماس" لم تمانع قيام حكومة الوفاق بممارسة عملها؛ "فالواقع العملي فرض اللجنة الادرية"؛ مُرحبًا باستئناف مصر دورها في ملف المصالحة.

العلاقة مع مصر والإقليم

وكشف هنية، عن فتح حركته صفحة جديدة مع مصر، والآونة الأخيرة شهدت نقلة ممتازة على هذا الصعيد، وسوف يكون لذلك انعكاسات إيجابية على أهل غزة في المرحلة القادمة؛ مؤكدًا عدم تدخلهم بشئونها (مصر) الداخلية، وعدم السماح لأي كان أن يجعل قطاع غزة نقطة انطلاق لزعزعة أمنها."

وتابع : "نسعى لاتخاذ خطوات مُنطلقين من عدالة قضيتنا، وندعو للتعامل معنا من منطلق الحقوق العادلة، وعدم التجاوب مع الابتزاز الصهيوني".

وشكر هنية الدول التي رفضت عزل "حماس"، وتطبيق القرار الظالم الأمريكي، ومدت خطوط العلاقات الثنائية؛ مؤكدًا أنهم سوف يعززوا سياسة الانفتاح مع : روسيا، الصين، أمريكا...الخ

وشدد هنية، على من أولويات إعادة الاعتبار للامة في قضيتنا، لأنهم على ثقة أن "أبواب الأمة مُشرعة أمام أبناء شعبنا، وخيرية الأمة لن تتبدل، لأن فلسطين ليست قضية حماس وفتح، بل قضية الأمة العربية والإسلامية؛ قناعتنا أن وحدة الأمة ضرورة لتحرير فلسطين."

وجدد تأكيد حركته، أنها جاهزة لتعزيز التفاهم والتنسيق بين كل مكونات الأمة؛ داعيًا لحقن الدماء، ووضع حلول للقضايا المُتنازع عليها؛ كما دعا بكل الرغبة الصادقة دول الخليج لمعالجة المخالفات بالحوار والانصاف، وتغليب عوامل الوحدة، التي ميزت العائلة الخليجية.

وعبر هنية عن تأييد حركته لكل المساعي والجهود التي تبذل لإعادة اللحمة الخليجية؛ داعيًا للإسراع بإيجاد حلول للخروج من حالة الاستنزاف، وهدر قدرات الأمة، واستراتيجية القوى المُعادية التي تسعى لإدامة الصراع، وقطع الطريق عليها،" واستمرار تبعيتنا."

ونوه إلى أن حماس تسعى لتمتين علاقتها بالدول كافة على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الدول واحترام خصوصيات اوضاع وسياسة الدول؛ وسياستها الانفتاح على كل الدول على أساس متين، "وسوف نعزز في القادم تبني الانفتاح مع الكل والعمل مع الجميع لدعم القضية الفلسطينية والمقاومة والجهاد و ضد العدو."

وخاطب هنية الدول العربية قائلاً : "اطمئنوا لحماس، وفصائل المقاومة، فلن يأتيكم منها إلا الخير، وتتمنى لكم الأمن والاستقرار وحماية الأوضاع، ومتمسكة باستراتيجية ثابتة لها، وحصر معركتها على أرض فلسطين، ومواجهتها فقط مع العدو، وبوصلتها مقدسية، متمسكة كذلك بسياستها في تجنب أي صراع أو خلاف مع أي نظام، وستبقى  قابضة على جمر الثوابت، كرأس حربة للأمة، في مواجهة إسرائيل".

وأعرب عن رفض ما اسماه "التطرف والإرهاب" من أي كان؛ ورؤيتهم كحركة "حماس" أن المقاومة المشروعة ليست ارهاب، بل هي تحارب الارهاب الحقيقي وهو العدو "إسرائيل"، وتنتمى فكريًا للمدرسة الوسطية، لأن دينها الإسلام دين تعايُش، وتُشكل "حماس" سدًا منيعًا أمام التطرف، ونحصن شبابنا أمنيًا وسياسيًا.

مشاريع مشبوهة

وحذّر هنية من التورط ف مشاريع مشبوهة، كمشروع "السلام الاقتصادي أو الإقليمي" مع إسرائيل، الذي تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلاله لتصفية القضية الفلسطينية؛ مُشددًا على" أنهم لن يسمحوا أبدًا بتمرير أية مشاريع تتجاهل مصالح وحقوق شعبنا، تحت أي ذريعة. "

وبين هنية، إلى أن ترامب وما إن وصل للحكم، بدأت إدارته بشكل مُتسارع وبضغط إسرائيلي التحركات لابتزاز القوى العربية والإسلامية، لتصفية القضية الفلسطينية؛ مُشددًا على أن" حلول أو تسويات تتعارض مع حق شعبنا في الحرية وتحقيق دولة فلسطينية ذات سيادة، وعاصمتها القدس، لن يُكتب لها النجاح."

ومضى قائلاً : "سنقف سدًا منيعًا في وجه تلك التسويات مهما كلفنا ذلك من ثمن؛ كما نعتبر التجاوب مع الاملاءات الأمريكية المُتكررة والهادفة إلى ضرب قيمنا المُقدسة هي أخطر ما تُعاني منه السياسة الرسمية الفلسطينية"؛ مُجددًا رفض حركته لكافة مشاريع التوطين للاجئين بما تُسمى "الوطن البديل".

وشدد هنية، على أن قضية اللاجئين لن تتحول لقضية منسية، وسيبقى اللاجئون جوهر القضية، كقضية سياسية بامتياز، وحق العودة مُقدس لا يسقط بالتقادم؛ داعيًا لوضع استراتيجية وطنية فلسطينية لحماية حق العودة، ومواجهة مشاريع التوطين للفلسطينيين.

تحرير الأسرى اقترب

وفيما يتعلق بملف الأسرى، أكد هنية أن "تحريرهم بات أقرب من أي وقتٍ مضى، ولن تُكسر إرادتهم، وظُلم السجان لن يطول"؛ مُشددًا على ضرورة أن تتوقف كافة الانتهاكات بحقهم، وسياسة الاعتقال الإداري، التي "طالت المئات من أبناء شعبنا، على مسمع مرأى العالم، دون أن يُحرك ساكنًا."

وشددعلى أن "اعتقال الاحتلال للنواب لن يكسر إرادة شعبنا"؛ موجهًا التحية للمقاومة، التي واجهت العدو، "وما تزال تعدُ من أجل تحقيق طموحات شعبنا، وهي مصدر فخر واعتزاز لشعبنا وامتنا ولكل أحرار العالم."

غزة والحصار والتضييق   

وفيما يتعلق بالحصار على غزة، قال هنية : "غزة المُحَاصَرة والمُحاصِرة للعام الحادي عشر،لم يفلح الاحتلال بكسر ارادتها، وهزمت العدو، بدل من أن يُكافأ أهلها ويعزز صمودهم، تحاك ضدهم اجراءات تصعيدية؛ "كمنع الدواء والتحويلات العلاجية، والتي بسببها ازهقت أرواح، وقطع الرواتب"..

وشدد على أن "غزة التي هزمت المُحتل في الحروب الماضية، كانت وستبقى عصية على كل المؤامرات، ولن تهدأ أو تكل لها راية حتى النصر؛ فآن الأوان لرفع الحصار عنها وليس تشديده"؛ مُحملاً  الاحتلال المسؤولية المباشرة والرئيسة عنه؛ كما أكد أن "قرارات السلطة أسأت للنسيج الوطني، وعليها أن تُغير سياستها. "

وقال هنية : "أمام التطورات والوضع القائم، كان لزامًا التحرك لإنقاذ غزة، من توفير : كهرباء، فتح المعابر، العلاج، الرواتب؛ وما وفود الحركة لمصر إلا تأكيد للحراك، ووجدنا من الاخيرة كل الاستعداد لمعالجة أزمات غزة، وصدرت أوامر وتعليمات بتنفيذ حزمة اجراءات وبدأت بدخول الوقود، وتابعنا دخول الوقود لأول مرة، ورأى شعبنا حركة التاريخ تعود في التواصل بيننا وبين شعب مصر؛ كذلك البناء مستمر بمعبر رفح لإعادة فتحه في أقرب وقت مُمكن وبحث مشاريع اقتصادية أيضًا". 

وأوضح ، إلى أن المباحثات أفضت لجملة من النتائج، التي تخفف من أعباء الحصار، والممارسات اللاإنسانية؛ مُستذكرًا موقف قطر الأصيل من حصار غزة، "ودعم شعبنا الوقوف خلال سنوات الحصار والحروب، فكان لها دور في المشاريع، والاعمار، والرواتب، والوقود، والصحة، والكهرباء، والبنية التحية".

وأسهب هنية : "كانت قطر نعم العون والسند في سنوات الحصار، نشكر كل من قدم دعم لشعبنا، ومقاومتنا وكان لهم بصمات تحديدًا تركيا، التي ساندتنا سياسيًا وماليًا وإنسانيًا، ووقفت مع معاناتنا وقدمت مشاريع، وجمهورية إيران التي دعمت المقاومة على رأسها كتائب القسام، واسهمت في تراكم وتطوير القوة التي لدينا، والسعودية، والشكر الي كل من وقف مع فلسطين، من الدول العربية والإسلامية من الأمة".

وأشار هنية، إلى عقد لقاءات فلسطينية فلسطينية برئاسة رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار مؤخرًا مع الفصائل وشرائح الشعب الفلسطيني، "اسفرت عن تفاهمات سوف تنعكس ايجابيًا على اهلنا في غزة، وتُمثل مصالحة مجتمعية ووطنية"؛ قلائلاً : "نحن نريد أن نُعيد الحقوق لأصحابها، والمناخات التي ممكن أن ننطلق منها لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وسوف تمثل توطئة للمصالحة الشاملة التي سوف يصنعها أبناء شعبنا وشرائحه".

وأضاف : "القضية الوطنية أصابها الكثير من الضعف والتراجع؛ وأخطر ما نعاني منه السياسة الرسمية، التجاوب والتعاطي من مع الإملاءات الأمريكية، التي تهدف لضرب القيم الوطنية؛ وذهبت ادارة ترامب في تبني الرؤية يهودية الدولية، واسقاط العودة، وتبادل الأراضي، الاستيطان، القدس؛ فالإدارة الأمريكية تتعامل مع قيادتنا بمطالب إسرائيلية بلكنة أمريكية تقدم للمفاوض الفلسطيني".  

وتابع : "إلى أن وصل الحال لإجبار السلطة التخلي عن عوائل الشهداء والأسرى، وهذ لم يحدث بأي مكان وزمان ومع أي حركة تحرر وطني، وتم قطع رواتب الأسرى، بعضًا منهم شارك في صياغة وثيقة الأسرى التي كانت محط اجماع". وقال "إنني كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس أتعهد لعوائل الأسرى والشهداء بأننا سنتقاسم معا لقمة العيش".

المصدر: غزة – وكالة قدس نت للأنباء -