الطالب “سلامة“.. تغلب على المرض واليُتم وحصد التفوق

رغم الظروف الصعبة، التي مر بها الطالب المتفوق، محمود أحمد سلامة، من محافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة، إلا أنه حصد المستوى الرابع مُكرر على مستوى فلسطين، في الفرع العلمي، بمعدل "99.6%"، وحقق حُلمه وطموحه، وما كانت تتمناه أسرته.

حالة من السعادة والفرحة عمت منزل المتفوق سلامة، فور إعلان تفوقه عبر شاشة التلفاز، من قبل وزارة التربية والتعليم العالي صباح اليوم؛ وأطلقت الألعاب النارية، وتدفق المهنئون من الجيران والأقارب والفصائل والأطر الطلابية والمؤسسات والهيئات التدريسية على منزلهم، لتقدم التهاني والتبريكات له ولأسرته.

ولم تسع الفرحة، قلب "سلامة" الذي شُفي بعد أن أجريت له عملية قلب مفتوح وهو في سن التسعة أشهر، بعد اكتشاف ثُقب فيه؛ فيما يطمح أن يدرس تخصص "طبيب قلب"، وهو التخصص الذي يتطلع له، وكابد كثيرًا طوال سنوات حياته الدراسية، حتى يصل له.

تميز بتفوقه منذ الصغر، فلم يتراجع من حصوله في كل سنة على معدل "الأول على مدرسته"، بينما نجح أن يكون أصغر حافظ للقرآن الكريم وهو في الصف الثالث الابتدائي، إلى أن أصبح مُحفظ للقرآن في أحد مساجد حي الأمل غربي المحافظة.

كما تميز المتفوق "سلامة"، باعتماده على نفسه خلال دراسته، ولم يقبل بمن يُساعده، إلا بشكل محدود من قبل بعض مدرسيه، فيما كانت الأسر تُهيئ له الظروف لأن يُحقق النجاح تلوا النجاح، حتى يصل الثانوية العامة، ويُحقق الأول على الوطن، وليس فحسب من العشرة الأوائل.

توقع كان أن يحصل على مُعدل "99.8%" لكنه حصل على "99.6%"، في الفرع العلمي، أصعب فروع الثانوية العامة الخمس؛ لكن رغم ذلك تقبل النتيجة، لأنها ستوصله لحُلمه وهو دراسة "طبيب قلب"، حتى يُعالج مرضى القلب، وألا يتألموا كما تألم.

سعادة غامرة

 تلقى "سلامة"، كما يقول لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، خبر تفوقه قبل أيام من إعلان النتائج، وتلقى العديد من الاتصالات، ورغم ثقته بنفسه ومستواه، وبما قدمه في الاختبارات، إلا أنه كان ينتظر إعلان النتائج رسميًا، ليُصدق ذلك؛ وبالفعل حصد ما يطمح له.

ويضيف : "منذ بداية العام وضعت جدول للدراسة، وكنت ألتزم به، رغم الظروف الصعبة، خاصة أزمة الكهرباء، وأجواء الصيام في فترة تقديم الاختبارات، والأجواء الحارة جدًا، إلا أن ذلك لم يجعلني أستسلم، وأسير نحو الحُلم، الذي انتظره منذ 12عامًا".

ويتابع "سلامة" : "لا أبالغ إن قُلت أنني قمت بحل (1000مسألة حسابية) بل أكثر طوال السنة، خلال فترة المذاكرة؛ كما وفر لي أهلي طاقة بديلة (لدات) عن التيار الكهربائي المُنقطع لفترات طويلة، وألجأ لسطح المنزل أحيانًا بحثًا عن الهدوء والراحة والهواء الطلق، في ظل الحرب، وانقطاع الكهرباء".

عدم الاستسلام

ويشير إلى أننا نعيش في ظروف صعبة، وفُرضت علينا، لكن لم نستسلم لها، وكابدت كثيرًا لأتغلب عليها، عبر تنظيم وقت دراستي، والمحافظة ترتيب وقتي وتنظيمه، والاستعانة بمدرسين في حالة استصعب أي شيء، رغم أنني أثق بقدراتي، وأميل للاعتماد على نفسي بشكل رئيس.

ويلفت المتفوق "سلامة"، إلى أن الطالب المُجتهد ويسعى للنجاح ويركض وراء حُلم، يصل له، فلا شيء صعب، سوى الاستسلام للواقع، والظروف، وعدم الثقة بالنفس؛ مُضيفًا : "أنا عشت ظروف صعبة، أمي هي من ربتني بعد وفاة والدي وأنا في الصف الأول الابتدائي، وأجريت عملية قلب مفتوح، وهذا الأمر زادني عزيمة على التفوق وتحقيق حُلمي في أن أصبح طبيبًا".

وأهدى "سلامة" نجاحه لروح والده ولعمه الشهيد نضال سلامة، ولوالدته وأسرته ومُدرسيه وزملائه وللشهداء والجرحى والأسرى وكل من وقف معه؛ وتمنى التوفيق لجميع الطلاب، والحظ لمن لم يحالفهم النجاح هذا العام.

فرحة العُمر

أما والدة "سلامة"، فلم تسعها الفرحة، التي وصفتها "بفرحة وسعادة العُمر"، بعد أن أثمر غرسها وشقائها في تربية أبنائها منذ الصغر، وتوليها مسؤولية المنزل، بعد وفاة زوجها، وجزء من أبنائها كانوا أطفالاً؛ قائلة بصوتٍ عالِ : "الله لا يحرم أحد هذه الفرحة، وأتمناها لجميع الأمهات".

وصدحت الوالدة بالزغاريد هي ووالدتها وأقربائها، وببعض الكلمات التي تمدح "محمود" وتفوقه؛ وباشرت بتوزيع الحلوى والمشاريب على المُهنئين والمُهنئات، الذين حملوا الحلوى وباقات الورود لها لتهنئتها بهذا التفوق؛ الذي تؤكد والدته أن رفع به رأس فلسطين أولاً وشعبها، ومن ثم رأس عائلته.

وتقول والدة المتفوق، لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" : "سعيدة جدًا اليوم، كنت أتوقع أكثر من هذا المُعدل، لأن ابني متفوق طوال سنوات دراسته، ولم يتراجع في أي سنة عن المستوى الأول، لكن هذا المُعدل أيضًا يُحقق طموحه بأن يكون طبيب قلب"؛ مُشيرةً إلى أن الأم الأساس بالمنزل، والاعتماد عليها بشكل رئيس، في الاعتناء بالأولاد؛ فكل أم مطلوب منها أن تحافظ على أبنائها والاعتناء بهم منذ الصغر، ليصبحوا متفوقين.  

المصدر: خان يونس – تقرير| وكالة قدس نت للأنباء -