امام الظروف الراهنة لا بد من الاعداد والاستعداد المطلوب واستنفار كامل طاقات جميع القوى والفصائل حتى تكون امام الامتحان والتحدي الكبير ، الى الضرورة الوطنية ، وحتى يستعيد الشعب الفلسطيني الاعتبار لتاريخ حافل ومجيد ، وهذا يتطلب حتما المزيد من الانفتاح على كافة القوى الحية على المستوى العربي والعالمي التي ما زالت تقف الى جانب القضية الفلسطينية .
ولذلك لا يجوز الصمت امام ما تتعرض له القضية الفلسطينية، بل يجب رفع الصوت عاليا من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء هذه الكارثة التي تفاقم من كل الصعوبات التي تنتصب في طريق نضال الشعب الفلسطيني من أجل الاستقلال والعودة، وتفاقم أيضا من كل أزمات الشعب الفلسطيني.
أن الخاسر الأكبر من استمرار الانقسام هو الشعب الفلسطيني ، لانه ما زال في مرحلة تحرر وطني تقتضي الوحدة باعتبارها مرتكز لبرنامج وطني واستراتيجية قادرة على رفع كلفة الاحتلال ، فيما الاحتلال هو المستفيد الأكبر من استمراره.
أن خطورة المرحلة التي تشهد محاولات في ظل العدوان الصهيوني المدعوم من الادارة الامريكية ، والتي يسعى من خلال الضغوطات للعودة الى مفاوضات ثنائية بهدف الهبوط بسقف الحقوق الوطنية الفلسطينية ، تتطلب تعزيز مقومات الصمود من خلال رفع الحصار وإعادة غزة لموقعها الحقيقي في إطار الحركة الوطنية لمجابهة سياسات الاستيطان والتهويد التي تحاول تصفية ما تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني.
ان يجري على صعيد الأرض المحتلة من سياسات ومخططات يقوم بتنفيذها العدو الصهيوني لخلق وقائع جديدة تخدم توجهاته في التوسع الاستيطاني، وفي تكريس احتلاله لأرض الوطن، عبر اصدار قوانين عنصرية ، مستفيدا من الاحداث العربية ومن سياسة التطبيع التي تنتهجها بعض الدول العربية معه والتي كشفت بجلاء واضح سياسة اعتذار التي قدمتها احدى الدول العربية على ما جرى في اليونسيكو من قبل لجنة التراث العالمي وبأغلبية ساحقة يؤكد ما وصفته بزيف ادعاءات الاحتلال الإسرائيلي بشأن مدينة القدس العربية المحتلة، ويسقط مزاعم السيادة الإسرائيلية وعدم شرعية كل ما نفذه الاحتلال فيها، والإدانة الشديدة لكافة الاجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال، وما تبعه من قبل لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ان الحرم الابراهيمي هو موقعا تراثيا فلسطينيا ، فهذا الموقف العربي لن يفيد الا المخطط الإمبريالي - الصهيوني - الرجعي، وتسهل له مهمة تنفيذ مشروعاته .
ان طبيعة المخططات الصهيونية وآفاقها، تستدعي منا جميعا اتخاذ الموقف من خلال استثمار هذه القرارات الدولية والعمل على تعزيز اواصر العلاقات مع الدول الصديقة وفي مقدمتها كوبا ودول
امريكا اللاتينية ، والوصول إلى صيغة متقدمة في العمل على هذا الصعيد - صعيد محاربة المخططات الصهيونية وإفشالها.
وفي ظل هذه الظروف وامام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني على ارض الوطن في الضفة وقطاع غزة ، تستوقفنا اوضاع اللاجئين في مخيمات اللجوء والشتات ، حيث نرى جرائم القتل والإحتراب والفوضى وحالة الإنهيار في المجتمع الفلسطيني التي لم تختلف عما يجري في المجتمعات العربية ، حيث لم تفلح في بعض الاوقات لخفض مستوياتها، مما يستدعي العمل على جعل حماية السلم الأهلي والمجتمعي تتقدم على أي اولوية اخرى، فحماية وصيانة وحدة المجتمع ومنع تفككها وإنهيارها مجتمعياً ووطنياً يجب ان تكون هاجسنا جميعاً، كما ان امن وصيانة المخيمات مسؤولية الجميع فصائل وقوى وهيئات ومؤسسات مدنية واجتماعية وفعاليات ، كما لا بد من نبذ القوى الارهابية من المخيمات والتي تخدم في اهدافها الارهابية العدو الصهيوني ومشاريعه ، نقول ذلك لانه من الصعب على أي مجتمع ان ينال حريته وإستقلاله وازماته الإجتماعية تتعمق ثم تنفجر على شكل ما نراه ، فتحرر الإنسان يتقدم على تحرير الأرض، فإنسان مخترق مجتمعياً ووطنياً،وإنتماءاته العشائرية والقبلية والجهوية متقدم على إنتماءه الوطني،لا يمكن ان يشكل رافعة او معول بناء لبناء مجتمع يقوم على أساس المواطنة الكاملة لجميع مكوناته ومركباته المجتمعية.
وهنا السؤال وهو برسم الجميع أليس هناك مجال لعملية مراجعة حادة نقدية تضع الكل الوطني وجهاً لوجه أمام التجارب التي خاضها ، لأن المراجعة النقدية ستعطي دورا هاما في المهام السياسيه بشكل صائب ودقيق بقدر ما تستطيع ان تصون النضال الثوري في المسيرة نحو النصر .
ختاما : ان الدروس الكبيرة والهامة جداً التي استخلصناها في مسيرة النضال ، تستدعي استخلاص الدروس ، والتأمل بها جيداً ، ورسم الطريق المقبل على اساسها من خلال تبني وبلورة خطة وطنية موحدة تعزز من صمود شعبنا وانتفاضته ومقاومته الوطنية في وجه الاحتلال، و التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة الاحتلال على جرائمه بحق شعبنا والتي تتصاعد بصورة خطيرة ضد شعبنا ، فإننا نستطيع أن نضمن النصر في هذه المسيرة .
بقلم : عباس الجمعة
كاتب سياسي