الإعلام ودوره بالصراع مع الاحتلال الاسرائيلي

بقلم: وسيم وني

"الكلمات ليست صامتة وليست مجرد أصوات نطلقها، أو أحرف نكتبها، إن الكلمة معنى ندركه وأثر نتركه، الكلمة مسؤولية نتحملها، وأمانة نؤديها "

يُمثل الإعلام في عالمنا اليوم في ظل التشرذم والصراعات التي تعيشها منطقتنا واحداً من أشد أسلحة الكفاح والنضال حضوراً وتأثيراً في يد شعبنا الفلسطيني و كما يعتبر السلاح الأشد فتكاً في يدي الاحتلال الاسرائيلي "

الإعلام بشكل عام :

تُعدّ صياغة وتشكيل الرأي العام في المجتمعات من الأدوار الرئيسة التي تقوم بها وسائل الإعلام، ويتضاعف ذلك مع التطورات النوعية المتزايدة التي نشهدها بشكل متسارع في مجالات تقنية الاتصالات، والتي منحت وسائل الإعلام إمكانات وقدرات هائلة في التأثير على الآخرين وتغيير المفاهيم ، الأمر الذي جعل من وسائل الإعلام عاملاً رئيساً من العوامل المؤثرة في صناعة الرأي العام إن لم يكن أهمها.

ويعتبر الإعلام سلاحاً لا حدود لقوته أو رقته، ولا حدود لعدوانيته أو لعدله، إذ يُمثل الإعلام في العالم اليوم واحداً من أشد أسلحة الكفاح والنضال حضوراً وتأثيراً في صراعنا مع الاحتلال الاسرائيلي ، كما يعتبر السلاح الأشد فتكاً في أيدي الاحتلال الاسرائيلي ، إن الكلمة في حد ذاتها سلاح قوي ومؤثر في المتكلم والمتلقي ، مستمعا كان أم قارئاً على حد سواء ونحن نتفق سوياً عزيزي القارئ بحيث لا يوجد مجال للشك بأن الإعلام الإسرائيليّ هو من أهّم اللاعبين في منطقتنا العربية ومن أهم المشاركين بالحرب التي أوقد نارها في منطقتنا العربية ضدّ الدول العربية بشكلٍ عامٍّ، وضدّ شعبنا الفلسطيني بشكل خاص.

أرضٌ بلا شعب لشعب بلا أرض :

هنا السؤال هل استطاعت الماكينة الإعلامية الاسرائيلية بالتغلب على الإعلام العربي بكافة أطيافه من المحيط إلى الخليج بإثبات رواية الاحتلال التي ما فتئ يرددها منذ عام 1948م ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)!!!!؟؟؟ في زمن الخداع العالمي.

دور وسائل التواصل الاجتماعي بالصراع مع الاحتلال :

إن الهدف الأبرز الذي للكيان الاسرائيلي الذي يسعى لتحقيقه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ( توتير وفيسبوك ) هو إيهام الدول والشعوب العربية باستحالة الانتصار عليها ويعود ذلك لحالة التشرذم العربي الذي نعيش فيه الآن ونشر الإرهاب في الدول العربية لجعلها تنسى قضيتنا المركزية وهي فلسطين ولإبعاد الضوء عما يحصل في فلسطين وخصوصا بالقدس المحتلة وضخ الاحتلال الملايين من الدولارات بمحاولة يائسة للتسليم بالواقع بأن اسرائيل حتمية تاريخية ومن المستحيل أن ينتصر العرب عليها وتجييش وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة هذا الهدف الذي لن يتحقق .

وعندما نقول الإعلام، فهي تعني التلفاز والصحافة المكتوبة والانترنت (Social media) ، التلفاز على سبيل المثال يعتمد على الصورة والخبر في نقل الأفكار وزراعة المفاهيم بعكس الصورة التي تطرح العديد من الأفكار والتساؤلات وتثير المشاعر حتى وهنا السلاح الخطر الذي يستخدمه الاحتلال بقلب الحقائق طبعاً بدعم لا محدود من الدول الغربية الذي يروج للدعاية الاسرائيلية كونه يملك كم هائلاً من التكنولوجيا المتطورة الذي يستطيع من خلالها جعل الجاني هو الضحية والضحية هي الجاني ويتجلى ذلك أيضاً في الإعلام الأميركي الذي لا يبعد عن مرمى إسرائيل، فأشهر الصحف والمواقع الأمريكية والكثير من المجلات متحمسة جداً للدفاع عن إسرائيل، وإن نشرت مادة مخالفة أحياناً فإن الموالين لإسرائيل يمطرون الصحيفة بآلاف رسائل الإحتجاج، ورغم ذلك هناك تضعضع في صورة إسرائيل ليس بسبب ضعف الدعاية الإعلامية، بل بسبب ما يرشح من مواقف وأعمال إسرائيلية تجاه الفلسطينيين، رغم أن إسرائيل تكرر دائماً أنها الطرف المعتدى عليه (كما هو في صواريخ حماس) إلا أن الناس بدأت تعي الأمر خلاف ما تريده إسرائيل.

غياب الرؤية الإعلامية العربية هو ما يحاول الاسرائيلي استغلاله، فهم يسعون بشتى الوسائل إلى طمس الأهمية الإعلامية وتقليلها إلى أدنى درجاتها :

إن الإعلام يشكل الركيزة الأساسية التي ترتكز عليها فصائل المقاومة الفلسطينية كونها وسيلة هامة لا تقل أهميتها عن العمليات البطولية التي يقودها شعبنا الفلسطيني من طعن ودهس وأخرها عملية القدس البطولية ودور الإعلام في إدارة المعركة مع المحتل و إعادة توجيه البوصلة نحو فلسطين .

إن مبدأ "التصحّر الإعلامي" هو ما يحاول الاسرائيلي استغلاله، فهم يسعون بشتى الوسائل إلى طمس الأهمية الإعلامية وتقليلها إلى أدنى درجاتها، الأمر الذي يدعونا إلى ضرورة التنبه إلى هذا الفخ وعدم التغافل عنه والمضي قدماً في تطوير الخطاب الإعلامي وخاصة الفلسطيني وتوجيهه نحن الأهداف المطلوبة، فعلينا أن لا نقزم مسألة المقاومة النوعية خصوصاً الإعلامية، واعتبارها جزء من الهرطقات الفكرية التي لا تجدي بالاً، إذ ليس بإمكاننا كسب المعركة إذا لم نكسب عقول المجتمع وأفئدته.

أسباب تهميش القضية الفلسطينية في الإعلام العربي :

في ظل الواقع الذي يعيشه وطننا العربي باتت القضية الفلسطينية مهمشة بالسياسة العربية والإعلام العربي ويعود السبب هو أن كل دولة باتت منشغلة بشؤونها الداخلية. واليوم إذا أردت أن تشغل العرب عن القضايا الخارجية، لابد أن تشغلهم بحريق داخل بلدانهم، وأنت إذا نشب حريق في بيتك لا تفكر في بيت الآخرين ، والآن أبحث في حال كل الدول العربية مشغولة بمشكلاتها الداخلية اليوم هناك حالة عامة من سوء الوضع في العالم العربي، ولذلك دفعت القضية الفلسطينية الثمن ، الأمر الآخر، لدى شعبنا الفلسطيني أنفسهم، الذي لم يسلم من هذا الشتات والفرقة، وزرع فتيل الفتنة والفرقة والانقسام والتناحر السياسي والصراع بينهم .

دعم الإعلام الفلسطيني لكفاح ونضال شعبنا :

إن أبرز ما قدمته وسائل الإعلام الفلسطينية بشكل عام لنضال لشعبنا ولفضح ممارسات الاحتلال حيث أنها شكلت جيشاً في الميدان الإعلامي بالأقلام والكاميرات وكاميرات الجوال وتمكنت بشكل عام بأن تكون داعماً قوياً لأعدل قضية عرفها التاريخ وأبرز الأمور التي حققها الإعلام الفلسطيني من خلال فضح ممارسات الاحتلال الاسرائيلي ضد شعبنا الأعزل وتعبئة الرأي العام العربي والعالمي تجاه قضيتنا الفلسطينية و استخدام الاعلام الالكتروني في الحرب الإعلامية المستعرة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني ، وقد وفر الإعلام الجديد أدوات ومساحات كبيرة للإعلاميين والصحفيين الفلسطينين للتعبير عن رأيهم ونشر ما يصل إليهم من معلومات وصور وفيديوهات وهذا ما أتاح للفلسطينيين الاطلاع على جزء كبير مما تحاول إسرائيل إخفاءه أو تحريفه بحيث استفاد شعبنا الفلسطيني من نشر هذه الصور والفيديوهات لإبراز كذب ادعاءات الإعلام الإسرائيلي وبيانات الجيش الإسرائيلي. وهذا شجّع كل فلسطيني ونبّهه على أن يُبقي أدوات التوثيق من موبايل وكاميرا حاضرة معه لتسجيل كل ما يجري حوله وذلك كخط دفاع أول عن نفسه ولتوثيق كل ما يشاهدهو يدور حوله ، وتبقى الصورة في العمل التلفزيوني هي العامل الأهم أيضا، لأنها قد تؤكد وقد تنفي رواية ما. وأيضاً، تحمل الصورة أهمية كبيرة في قدرتها على التأثير على الرأي العام العالمي.

وأختتم مقالاتي بأننا كإعلاميين بحاجة إلى إلى إعادة تقييم وضع ودور العلاقات الثنائية بيننا وبين الإعلام الفلسطيني والعربي من جهة ، ونسأل أين هو الإعلام الفلسطيني الواعي بالقضايا الفلسطينية للتأثير في العالم العربي على الأقل ، وأين الرسالة الإعلامية الفلسطينية التي نوجهها لإخواننا العرب من الجيل الجديد ، فنحن بحاجة إلى القيام بدور كبير ومحوري يعيد قضيتنا الفلسطينية إلى الواجهة الإعلامية سواء العربية أم الأجنبية لإعادة توجيه الإعلام العربي للاهتمام بهموم وقضايا الواقع الذي نعاني منه وخصوصا في ظل الاعتداءات الاسرائيلية والاستيطان ومنع الأذان في القدس .

بقلم/ وسيم وني