فلنتحدث بصراحة القدس في خطر

بقلم: عباس الجمعة

القضية الفلسطينية وتحرير القدس كانت وستظل ويجب ان تبقى قضيتنا الاولى ، على رأس اهم مبادئنا وفي طليعة منطلقاتنا، ولو تتبعنا كل الاحداث والمتغيرات التاريخية التي مرت بها سواء التي سبقت احتلال فلسطين او التي تزامنت معه او التي تلته الى اليوم سنجد انها جميعا تتمحور حول ابعادنا وحرف بوصلتنا عن قضيتنا المركزية والاولى فلسطين .

من هنا اقول ذلك في إطار هذه النظرة الشمولية، ننظر إلى قضية القدس باعتبارها قلب ومحرك ذلك الإطار من حيث الأهمية السياسية والدينية والتاريخية التي لا يمكن إزاحتها من الذهنية العربية الإسلامية والمسيحية في آن واحد، هذه الأهمية لا تتوقف عن الجانب المكاني أو الواقع المادي البشري أو الجغرافي بقدر ما تتغلغل في السيكولوجي الفلسطيني والعربي الداخلي الكامن رغم هذا الواقع المأزوم والمهزوم الذي نعيشه اليوم.

في ظل هذه الظروف يسجل الشعب الفلسطيني من خلال مقاومته البطلة التي تتصدى بصدورها وبأجسادها للطاغوت الصهيوني في خضم الاحداث امام المحاولات والمؤامرات والدسائس الساقطة لتصفية القضية ، حيث سيكتب الشعب الفلسطيني وشبابه صفحات نضالية وسياسية في لحظة من لحظات التاريخ العربي وفي وقت من ادق ما مرت به المنطقة في تاريخها المعاصر، وكأنه الشلل الذي اصاب بعض النفوس والوجدانات والضمائر وحتى بعض العقول فجمدها عن العمل والتفكير بينما الصراع يدور على ارض فلسطين بكل قساوته ، وكأن اغلبية العرب لا يعنيهم ما يجري، بل ان منهم ويا للكارثة من حاول ان يخرج نفسه من هذه المعركة الدائرة رحاها على مجمل الخريطة السياسية العربية وامتدادتها واتساعاتها غير عابئ بما يمكن ان تتمخض عنه نتائج الصراع، طالما ان هنالك ضمانات واتفاقات لتطمين هذا الموقع أو ذاك الموقع وبغض النظر عن المظلمة التي يستظلمون بها في وقت احتدام الصراع في ظل هذه الحقبة المصيرية من وجو د امتنا العربية، ونسوا أو تناسوا ان البركان الذي تفجره انتفاضة شابات وشباب فلسطين لن يهدأ في هذه المنطقة وان الزلزال بدأ ياخذ ابعاده وامتداداته على كافة الخريطة السياسية وخاصة مما يجري في المسجد الاقصى ،ليظهر الزيف وليكشف العورات لهؤلاء الذين ارادوا بيع كرامتهم وتطبعوا علاقاتهم مع كيان عنصري صهيوني على حساب قضية العرب الاولى فلسطين .

ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وخاصة مسجده الاقصى وبهذا الحجم الكبير من حملة صهيونية مدعومة من الادارة الامريكية ، حيث يؤسف له ان صمت العرب والعالم الاسلامي معه امام هذه الجريمة ، وخاصة في الوقت الذي اراد البعض في منطقتنا فرصة ليقدموا على مذبحها القرابين والتنازلات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة معتقدين ومتوهمين انهم بذلك يستطيعون ان يكونوا بمأمن من غضب السادة وبغض النظر عما يدور في ارض فلسطين من تصدي من قبل الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس ، نقول لهؤلاء العرب التاريخ لا يرحم ولن يرحم، والشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية واحرار العالم لن ينسىوا هذه المؤامرة المفضوحة

، وسيشق الشعب الفلسطيني طريقه في هذا الاتون الملتهب لصنع غد فلسطين المشرق وارادتها الحرة بعزيمة لا تقهر وارادة لا تلين.

امام كل هذه الاوضاع نقول للعرب العرب الباحثين عن الاستسلام لن يجدوه إلا عبر القوة والارادة العربية الواحدة الموحدة فالسلام العادل هو سلام الاقوياء وليس سلام الضعفاء والركع، فسلام الضعفاء هو الاستسلام وما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة وان ابطال عملية القدس وشهيدي الدهيشة والنبي صالح اكدوا على وحدة الدم والمصير ووحدة الارض وثباتاً وتلاحماً ثورياً خلاقاً، حتي تحدوا الاحتلال وقطعان مستوطنيه المدعوم من الادارة الامريكية وجبروتها.

ختاما : فلا مجال للحديث عن إنجاح مسار التسوية عبر التنازل عن السيادة الكاملة للفلسطينيين على القدس بجوامعها وكنائسها وأرضها، وان الشعب الفلسطيني سيتصدى للمشروع الصهيوني الهادف لتصفية الحقوق الوطنية في مقدمتها قضية القدس وحق العودة له ، كما يرفض العودة الى مسار المفاوضات الثنائية فالتفاوض على الحل النهائي شيء يختلف جوهرياً في قيمته ومخاطره ومستقبله عن المرحلة الانتقالية، فالوطن لا يعوض، والقدس بكل ما تمثله هي درة فلسطين ، فهل يمكن تعويضها.

بقلم/ عباس الجمعة