الوصاية الهاشمية على الأقصى

بقلم: حنا عيسى

(الدور الأردني الهاشمي في الحفاظ على المسجد الأقصى المبارك وحماية مقدساته وأعمارها وصيانتها قد مرّ بمراحل طويلة زادت على الثمانية عقود، وهو مستمر رغم الظروف السياسية الصعبة والمعقدة)

يعود تاريخ الوصاية الاردنية الهاشمية على مدينة القدس ولا سيما مقدساتها منذ مبايعة مسؤولين فلسطينيين وعرب، للشريف الحسين بن علي الهاشمي، عام 1924، بالوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة، حيث باتت تشرف المملكة الأردنية الهاشمية، على كل كبيرة وصغيرة ضمن 144 دونما، تضم الجامع القبلي ومسجد قبة الصخرة، وجميع مساجده ومبانيه وجدرانه وساحاته وتوابعه فوق الأرض وتحتها والأوقاف الموقوفة عليه أو على زواره.

ومنذ ذلك التاريخ والمملكة الاردنية الهاشمية وعلى رأسها اخيراً جلالة الملك عبد الله الثاني لم تتوانى للحظة عن دعم القدس ومقدساتها، وبذل الغالي والنفيس في سبيل نصرة القدس ودعم اهلها في مواجهة الاحتلال ومخططاته التهويدية المتربصة بالقدس والاقصى خاصة.

لكن بعد حرب عام 1948، وعندما أصبحت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية تابعة للحكم الأردني، عادت الوصاية أردنية بلا منازع، وأعلن الحاكم العسكري الأردني استمرار سريان القوانين والتشريعات الأخرى المطبقة في فلسطين دون أن تتعارض مع قانون الدفاع عن شرق الأردن لعام 1935. و في 1949، أعادت الإدارة المدنية الأردنية نظام الحكم المدني إلى الضفة الغربية بموجب قانون الإدارة العامة على فلسطين، وفي عام 1950، تم توحيد الضفتين الغربية والشرقية لنهر الأردن رسميا، كما تم التأكيد على استمرار سريان القوانين السارية المفعول في الضفة الغربية في نهاية فترة الانتداب البريطاني إلى حين استبدالها بقوانين أردنية.

وظل ذلك ساريا حتى 1967، عندما احتلت إسرائيل القدس (الشرقية). غير أن هذا الاحتلال لم يمنح إسرائيل أي حقوق ملكية، لأن القاعدة المؤسسة جيدا في القانون الدولي تنص على أن الاحتلال لا يستطيع منح حقوق للملكية، ولمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة ووجوب انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو (حزيران) 1967 كما ورد في قرار مجلس الأمن رقم 242، وبناء عليه، وبعد مرور مدة قصيرة من سيطرة إسرائيل على الحرم القدسي الشريف، تم نقل السيطرة إلى الأردن مجددا.

فالدور الأردني الهاشمي في الحفاظ على المسجد الأقصى المبارك وحماية مقدساته وإعمارها وصيانتها قد مرّ بمراحل طويلة زادت على الثمانية عقود، وهو مستمر رغم الظروف السياسية الصعبة والمعقدة. أما بالنسبة إلى المقدسات المسيحية فقد منح الهاشميون خلال فترة حكمهم للضفة الغربية من 1967 - 1952 الحرية المطلقة للطوائف المسيحية المختلفة لصيانة وإعمار كنائسهم وأديرتهم. وتم إعمار كنيسة القيامة خلال العهد الهاشمي وقبل الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967 إعمارا شاملا شمل القبة والجدران.

ولم تتوان الحكومة الاردنية بتقديم الدعم بكافة اشكاله للمسجد المبارك والمدينة المقدسة، حيث في سبيل الحفاظ على المقدسات قامت بمشروع ترميم الزخارف الجصية والفسيفسائية في قبة الصخرة والمسجد الأقصى. اضافة لتزويد المسجد الأقصى بمولدات كهربائية احتياطية، وإعادة تأهيل شبكة الإنارة الداخلية للمسجد، وتنفيذ نظام الإطفاء من الحريق، وتنفيذ مشروع فرش المسجد وشراء ألواح الرصاص لاستخدامها في أسقف المسجد.

ويحرص جلالة الملك عبدالله الثاني على لقاء شخصيات وفعاليات مقدسية بشكل سنوي لإشراكهم في تحديد الأولويات وتنفيذ البرامج والمشروعات التي تتم بتوجيه من جلالته في القدس الشريف لتمكينهم من الحفاظ على عروبة المدينة وهويتها.

نص اتفاقية الدفاع عن القدس

نصت اتفاقية الدفاع عن القدس والمقدسات بين رئيس دولة فلسطين محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في 31 مارس (آذار) 2013:

يعمل جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بصفته صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس على بذل الجهود الممكنة لرعاية والحفاظ على الأماكن المقدسة في القدس وبشكل خاص الحرم القدسي الشريف وتمثيل مصالحها في سبيل:

·        تأكيد احترام الأماكن المقدسة في القدس.

·        تأكيد حرية جميع المسلمين في الانتقال إلى الأماكن المقدسة الإسلامية ومنها وأداء العبادة فيها بما يتفق وحرية العبادة.

·      إدارة الأماكن المقدسة الإسلامية وصيانتها بهدف:

1.     احترام مكانتها وأهميتها الدينية والمحافظة عليهما.

2.     تأكيد الهوية الإسلامية الصحيحة والمحافظة على الطابع المقدس للأماكن المقدسة.

3.     احترام أهميتها التاريخية والثقافية والمعمارية وكيانها المادي والمحافظة على ذلك كله.

·      متابعة مصالح الأماكن المقدسة وقضاياها في المحافل الدولية ولدى المنظمات الدولية المختصة بالوسائل القانونية المتاحة.

·      الإشراف على مؤسسة الوقف في القدس وممتلكاتها وإدارتها وفقا لقوانين المملكة الأردنية الهاشمية.

بقلم/ د. حنا عيسى