في ظل حالة الترقب الحاصلة، ومع خطورة الأوضاع في مدينة القدس، وإمكانية رد الفصائل الفلسطينية على تلك الاحداث من قطاع غزة، ما قد يعطي مبررا للاحتلال لشن عدوان واسع لا يحتمله سكان القطاع، الأمر الذي سيجعلها مسؤولة عن أي عدوان، أمام الجماهير الفلسطينية، وأمام القوى الأخرى عربية كانت أم أجنبة، ليبرز السؤال حول امكانية إعطاء الفصائل الذريعة لإسرائيل بشن عدوان قريب على غزة ؟ أم أنها ستواصل التحلي بالصبر؟ وهل إسرائيل نفسها معنية بأن تفتح جبهة مع غزة في هذا التوقيت كي تلفت الأنظار عما يحصل في القدس ؟..
التصعيد ليس من مصلحة أحد
يقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل حول إمكانية شن عدوان على غزة في ظل تصاعد حدة التوتر في مدينة القدس إنه: "ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني ولا مصلحة القدس أن تصعّد غزة مع الاحتلال في هذه الفترة، وأنه متأكد من أن حماس والفصائل الأخرى لا تريد لهذا التصعيد ان يكون، لان هذه الخطوة لا تعتبر ولا تحت أي ظرف نجدة للقدس، وإنما هي دمار لغزة وللقدس على حد السواء".
ويرى عوكل خلال مقابلة مع "وكالة قدس نت للأنباء"، أنه إذا استمرت معركة القدس وتصاعدت أكثر فاكثر، فإن اسرائيل حينها قد تلجأ إلى الحرب على غزة، حتى تحرف الأنظار عما يجري في القدس، باعتبار أن لها اهداف تريد أن تتحقق، ومؤكدا على أن هذه الخطوة تبقى مرهونة بوجود أي تطورات، مشيرا إلى إمكانية وجود تحرك من مجلس الأمن او أي تحرك دولي قريب قد يحصل.
متغيرات جديدة في القدس
وأضاف ان تفكير الإسرائيليين الان بتغيير البوابات الالكترونية بوسائل اخرى ذات طبيعة قمعية أيضا، يعني إدخال وقائع ومتغيرات جديدة، تسمح بدخول اليهود وتضع قيودا أمام دخول المسلمين ، الأمر الذي قد يجبر السلطة على اتخاذ سياسات مزعجة لإسرائيل، فتصبح إسرائيل حينها معنية بأن تهرب فعليا تجاه شن حرب على غزة.
وأشار عوكل إلى خطوة الرئيس محمود عباس في تجميد العلاقات مع اسرائيل، نوهاً إلى أنه يجب الانتظار لرؤية رد الفعل الاسرائيلي حول هذه الخطوة وهذا القرار، موضحا أنه من الطبيعي أن تصاب اسرائيل بالجنون إذا كان فعلا القرار دخل حيز التنفيذ، خصوصا فيما يتعلق بالتنسيق الامني، متسائلا في ذات السياق حول إذا ما كانت ردة الفعل الاسرائيلية تتناسب مع خطورة الموقف الذي أعلنه الرئيس عباس، ومجيبا عن ذات التساؤل بـ"لا "، الأمر الذي يعني أن هذا الموقف قد يكون شكلاَ من أشكال التحذير أكثر منه قرار.
قد تكون المقاومة أمام خيارين
وبدوره يرى أكرم عطا الله الكاتب والمحلل السياسي، أن الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس ليس لديها قرار بالحرب، وتحاول جاهدة أن تبعد شبح الحرب عن قطاع غزة، لكن هذا التفكير العقلاني ممكن أن يختفي في أي لحظة، لأن غزة في اوقات الحرب تندفع لتكون في أول الطوابير، فهي لم تتعود ان تكون خارج الصورة، لأنها دائما حاضرة في المشهد.
وحول إمكانية رد المقاومة في غزة على ما يحصل في القدس، يتوقع عطا الله أنه إذا ما تطورت الأمور في الضفة الغربية وفى القدس تحديدا، ستتعرض المقاومة وفصائلها لحالة من ضغط الرأي العام على المستوى الشعبي، الذي سيسأل عن دورها، وبالتالي ستكون أمام خيارين: إما أن تدخل الحرب أو تقف لتتلقي لكمات قوية من الرأي العام، لتجد ان الأهون عليها هو أن تتلقي لكمات من اسرائيل منه من الرأي العام الفلسطيني.
تصعيد اسرائيل.. حرف للأنظار
وبسؤاله حول إذا ما كانت إسرائيل معنية بفتح جبهة مع غزة الان كي تحرف الأنظار عمّا يحصل في القدس، يري عطا الله أن هذا الامر وارد جدا، معللاَ الأمر بأن إسرائيل قد تأخذ هذه الخطوة لتحرف الأنظار ليس فقط عما يحصل في القدس، وإنما أيضا لأسباب داخلية متعلقة بملفات فساد فتحت لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يعني تأزيم بأن الوضع الأمني ولو بشكل مؤقت هو خطوة متوقعة.
وعن خطوة الرئيس محمود عباس بتجميد العلاقات مع اسرائيل، يعتبر عطا الله أن السلطة الفلسطينية في موقف حرج بالنسبة لسلوك نتنياهو، مشيرا إلى اضطرارها لاتخاذ موقف حاسم إزاء التطورات الأخيرة في مدينة القدس، وإلّا فإن شكلها امام المواطنين الفلسطينيين سيبدو غير مقبول على الإطلاق، لأنها هي من تدير الامور مع إسرائيل سواء سلماَ أو حرباَ.
وأوضح انه إذا كان هناك وقفا حقيقيا للتنسيق الأمني، يمكن فعلياَ الحديث حول خطوات حقيقة متعلقة بشكل العلاقة مع إسرائيل، والمبنية في أصلها على منظومة من العلاقات والتنسيق اليومي بين الجانبين، مشيرا الى وجود تداعيات لهذه الخطوة على مستوى المنطقة برمتها.