رغم رهان الجميع على تراجع إسرائيل عن مسألة نصب البوابات الإلكترونية في الأقصى إلا أنها وضعت كل قوتها وهيبتها في كفة انتصارها في معركة الأقصى في سبيل تثبيت روايتها الدينية لجعل ما يسمى "جبل الهيكل "أمراً واقعاً كبديل عن الأقصى كمقدس إسلامي خالص، في الوقت الذي لم تستخدم الدول العربية أياً من أوراق ضغطها على إسرائيل للتراجع خطوة إلى الوراء بما يعيد الأمور لسابق عهدها، فهل تحتمل إسرائيل حراكاً جماهيرياً مستمراً على مدى أسابيع؟ وهل سيؤدي لصناعة التحام جماهيري بين القدس والأراضي المحتلة عام 48 تنضم الضفة الغربية لها بعملياتها الفردية؟، وهل تحتمل إسرائيل نشأة قيادة موحدة للدفاع عن المقدسات؟
إسرائيل.. تراهن على تراجع المقدسيين
يقول وزير شؤون القدس سابقاً زياد أبو زياد بشأن تحمل الإسرائيليين حراكاً جماهيرياً مستمراً لمدة أسابيع رداً على نصب بوابات إلكترونيه في الأقصى إن "الإسرائيليين يراهنون على تراجع حركة الاحتجاج الجماهيري مع الوقت، وبالتالي ستصبح مسألة البوابات أمر واقع يتم الإقرار به بشكل تدريجي".
ونوه في مقابلة لـ "وكالة قدس نت للأنباء"، أن إسرائيل "فتحت معركة كبيرة في الأقصى وضعت فيها هيبتها وكرامتها ومستقبلها والمعتقد الديني في كفة الميزان، مما يؤكد أن التراجع ليس سهلاً إلا بضغط كبير جداً يرغمها عليه".
وأضاف أنه "يجب أن يستمر الحراك الجماهيري ويسانده حراك رسمي من الدول العربية والإسلامية لمساندة الشعب الفلسطيني لأن ما يحدث بالأقصى ليس حدثاً عادياً بل رمزاً ومدخلاً، ويجب أن نفكر دائماً ماذا وراء هذه الخطوة؟ يعني ذلك؟".
وتساءل قائلاً "لا أستطيع أن أفهم لماذا يستمر تبادل التمثيل الدبلوماسي وتستمر العلاقات التجارية مع إسرائيل في الوقت الذي يقف على موضوع الأقصى على المحك؟".
من جهته يختلف الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي حمزة أبو شنب في مقابلة لـ"لوكالة قدس نت للأنباء"، مع سابقه بقوله إن "إسرائيل لن تحتمل تصاعد الأحداث لعدة عوامل أولاً الخشية من تعرض جيشها لحالة استنزاف ترهقه بالملاحقة والمتابعة، وبخاصة في منطقة الضفة الغربية مع تصاعد الأحداث في القدس، مما أدى لنشرها 39% من قوام قواتها هناك لمنع تطور الأحداث إلى انتفاضة تؤدي لتداخل نقاط التماس بين مناطق الأراضي المحتلة عام 67 و48".
وأضاف أن "العامل الثاني يتمثل في مشاكل الائتلاف الحكومي في هذه المرحلة من إشكالية اعتماد موازنة عام 2019، بالإضافة لقضايا الفساد التي تلاحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي سيشكل تطور الأحداث إزعاجاً للائتلاف ليس بشكل مباشر الأمر الذي قد يدفعه للانعقاد".
ونوه إلى أن العامل الثالث يتمثل بضغط الجبهة الإسرائيلية الداخلية للتراجع عن مسألة البوابات في القدس بعد تصاعد الأحداث نتيجة القرارات اليمينة المرتبطة بنواب ووزراء إلى اليمين الإسرائيلي مما سيشكل ضغطا جماهيريا في الداخل للتصدي لمثل هذه الإجراءات".
عرب الداخل إشكالية.. لإسرائيل
وبشأن تحمل إسرائيل صناعة التحام جماهيري بين القدس والأراضي المحتلة عام 48 وانضمام الضفة الغربية بعمليات فردية مما قد يفتح ثلاث جبهات ضدها يؤكد أبو زياد إن "الأساس هو توحد الشعب الفلسطيني بعمله السياسي والوطني والذي يأتي من خلال مصالحة داخلية داخل حركة فتح، ومصالحة بين فتح وحماس، تقود إلى تآلف كل القوى والفصائل الفلسطينية، لتقف جميعها صف مرصوص أمام هذه الإجراءات الإسرائيلية".
ونوه إلى أنه رغم حرية الحركة لعرب الداخل في حدود 48، إلا أنهم يجب ألا يتركوا في المعركة وحدهم.
أما أبو شنب فيؤكد أن "تصاعد الأحداث سيؤدي لانخراط جزء من فلسطينيي 48، مما سيمثل إشكالية كبيرة للاحتلال".
ونوه أن أكثر ما تخشاه إسرائيل العمليات الفردية التي لا تستطيع أجهزتها الأمنية أن تتنبأ بها بمراقبة حسابات أكثرمن 3 مليون فلسطيني في الضفة الغربية.
الشعب.. قائد معركة الأقصى
وفيما يتعلق بتوقع تشكل قيادة موحدة للدفاع عن المقدسات أكد أبو شنب أن " إسرائيل لا تستطيع الاستمرار بهذه الإجراءات التي ستخلق أي قيادة أو حركة عفوية جماهرية لتضغط عليها للتراجع".
وأضاف أن التعاطف الشعبي سيمتد ليس فقط في كل فلسطين، وإنما سيصل لكل الدول العربية والإسلامية وسيعيد قضية المسجد الأقصى كقضية أساسية تمس بعقيدة المسلمين.
أما أبو زياد فيشدد على أن " القائد في معركة القدس هو الشعب، الملتحم نتيجة استفزاز مشاعره ومعتقده الديني، ومنوها أنه لا توجد قيادة سياسية تحرك الجماهير".
وأكد أن الرموز سواءً السياسية أو الدينية تقف في الخندق المتقدم أمام الناس في معركة الأقصى، مما يؤكد احترام موقفها."