لكي لا تنحرف البوصلة العربية عن فلسطين

بقلم: جبريل عودة

الخبر اليقين في قدسنا بأن الصراع يحتدم وتتوالى فصوله وتتنوعه اشتباكاته في معركة المقدسات ويجرم غول التهويد في كل تفاصيل بيت المقدس وتبوء محاولاته بالفشل أمام صرخة الحقيقة لطفل مقدسي في وجه جنود الحاجز في البلدة القديمة بالقدس المحتلة ويهرب حاخامات طاعني السن من نداءات الطفل المقدسي عودوا من حيث أتيتم أيها الأشرار إرجعوا إلى منهاتن وبودبست أو بوخارست أليس هناك أصولكم ومنبتكم .

تتلخص حقيقة الصراع في فلسطين أن الباطل سيزول مهما علا أو إنتفش فجعرافيا المكان المقدس تلفظه لعظيم خبثه والتاريخ لا يذكر هذا الباطل الا في صفحات المكر والخداع واللصوصية وأن صراعنا في بيت المقدس قائم على عدالة قضيتنا ومظلومية شعبنا الذي هجر بقوة الإرهاب الصهيوني ولا يعني أن تطول المدة الزمنية للإحتلال أن يشرعن ذلك أي حقوق للمحتل الغاصب فالإحتلال جريمة إنسانية ونتائجها باطلة في كل الأحوال والأزمان الإحتلال لا يؤسس لأي شرعية ولا يمنح أوطان وقضيتنا الفلسطينية تمتلك رمز الطهارة والعدالة في صراعنا الحضاري والإنساني والديني مع قوى البغي وعصابات الصهاينة رغم أن تلك العصابات قد اتخذت شكل الدولة بدعم أمريكي غربي لدواعي إستعمارية من أهدافها ضرب كيان الأمة العربية والإسلامية وتشكيل بؤر للتوترات تعيق التطور للمجتمعات العربية وتفشل أي مشروع وحدة شاملة عربيا وإسلاميا فالصراع مع المشروع الصهيوني وإن كان ميدانه أرض فلسطين الا أن تأثيرات هذا الإحتلال الكارثية وإنعكاساتها السلبية الحادة تضرب في عمق أساسات الرؤية الوحدوية والسياسات النهضوية لواقع الأمة العربية والإسلامية بل أنها تقتل الأمل بالتطلع لمستقبل واعد لشعوب الأمة جميعا فالإحتلال الصهيوني يشكل حالة العداء الحتمي لكل شعوب المنطقة وشعبنا يقاتل بالنيابة عن هذه الشعوب ليشكل حائط الصد الأول في ردع المشروع الصهيوني من التوسع والتمدد وتعمل مقاومة وإنتفاضة شعبنا على إشغال الإحتلال في ما يسيطر عليه من حيز جغرافي يؤسس فيه كيانه العدواني ويقطع عنه التفكير في إحياء النبوءات التلمودية بإقامة دولة النيل والفرات.

ينوب شعبنا الفلسطيني نيابة بالدم والأشلاء في الدفاع عن حياض الأمة ومقدساتها ويدفع من دماء أبنائه ثمن الإستقرار التي تعيشه الدول والكيانات العربية والإسلامية بعيدا عن مخططات الصهاينة الشيطانية فلا يغفل أحد عن شعارات كبار مؤسسي دولة الصهاينة والتي كانت تنادي بحقوق مزعومة لأجدادهم في خيبر وبني قريظة بالمدينة المنورة تستشعر المقاومة الفلسطينية هذا الخطر الذي يمثله المشروع الصهيوني التوسعي وتدفع بكل ما تملك من وسائل وإمكانيات هذا الخطر الداهم ورغم ذلك فإن مقاومتنا تحصر الفعل المقاوم لها في أرض فلسطين ولا تتسبب لأي دولة عربية وإسلامية بأي إلتزامات أو أعباء ومن يريد أن يقدم دعما لفلسطين ومقاومتها فيكون ذلك بإرادته الكاملة وتؤمن مقاومة شعبنا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كافة وفقا لسياسات ثابتة وراسخة .

ولكن للأسف الشديد فأن حالة الضعف والهوان والصراعات الداخلية التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية قد إنعكست على أدائها والتزاماتها اتجاه القضية الفلسطينية ولم تعد فلسطين ومقدساتها هي الأولوية في السياسات الخارجية للدولة العربية ولذا ترى إغلاق المسجد الأقصى المبارك ومنع إقامه الصلاة للجمعة الثانية ومنع رفع الآذان ومحاول السيطرة عليه والتحكم فيه ومع ذلك لم تتحرك مؤسسة عربية أو إسلامية رسمية جامعة الدول العربية منظمة التعاون الإسلامي من أجل الإجتماع لإبداء موقف أو التهديد بإجراء قد يردع الإحتلال من التمادي في عدوانه ومخططه التهويدي ضد المسجد الأقصى المبارك وأمام هذا العجر تصاب الأمة العربية بعقم في الحراك الجماهيري المساند والداعم لأهل القدس والأقصى فنلاحظ غياب المسيرات الجماهيرية الحاشدة عن عواصم عربية كبرى لو حققت تلك العواصم إنجازا كرويا لخرجت الملايين للشوارع أيام وليالي وهذا ما جعل مستوطن صهيوني يخرج عبر مكبرات الصوت لينادي على أهل الخليل مستفزا إياهم أين العرب لقد باعوكم أين العرب لقد خذلوكم .

خلال معركة الأقصى المبارك والتي إشتدت فصولها منذ قرابة العشرة أيام في محاولة للإحتلال الصهيوني تغيير الواقع ومحاولة فرض السيادة على الأقصى المبارك بذرائع أمنية واهية عبر إقامة البوابات الإلكترونية وتركيب الكاميرات في داخل المسجد الأقصى وعلى بواباته برزت بعض التسريبات في الصحافة العالمية ولم نرى لها نفيا بأن بعض الزعماء العرب يتفهمون الإجراء الصهيوني بإقامة البوابات الإلكترونية في إطار الحرب على الإرهابالتي تتطلب إقامة مثل تلك الإجراءات لمنع الحوادث وحماية المصلين قلنا في مقال سابق بأن أهل الأقصى أدرى بالخطر لذلك تراهم يحتشدون لصلاتهم على أبواب الأقصى رافضين الدخول عبر البوابات الصهيونية لأنهم يعلمون علم اليقين بأن الغاية والهدف الصهيوني هو المساس بالمسجد الأقصى وليست حمايته ونقول هنا تبيانا للواقع الفلسطيني بأن الإحتلال لا تعنيه حياة الفلسطينيين أبدا أليس جنوده هم من يقومون بإعدام الفلسطيني بالشبهة عبر حواجز الموت المنتشرة بالضفة والقدس أن ما يقوم به الإحتلال في المسجد الأقصى المبارك له علاقة بالتقسيم المكاني للأقصى المبارك بعد فرض التقسيم الزماني عبر تسهيل الإقتحامات اليومية للأقصى من جموع المستوطنين الصهاينة .

لقد تباهى الإرهابي نتانياهو مؤخرا بأن هناك تنسيق بين كيانه وبعض الدول السنية وأنه يوجد تفاهمات على أهمية الحرب المشتركة ضد الإرهاب وتبجحه بإمكانية إنشاء حلف عربي صهيوني لمحاربة الإرهاب وكذلك مطالبة الإرهابي ليبرمان الدول العربية التي تتحدث معهم تحت الطاولة كما قال بأن تخرج للعلن والغريب أن يقابل ذلك الحديث تماهيا من بعض الشخصيات العربية عبر اللقاءات مع الوفود الصهيونية في مؤتمرات تطبيعيه سواء في فلسطين وخارجها تلك المؤتمرات أو الندوات عنوانها البحث في سبيل دمج الإحتلال الصهيوني في المنطقة والتطبيع معه والأخطر خروج بعض الإعلاميين العرب للعلن عبر وسائل الإعلام الصهيونية يشتمون بالمقاومة ويحضرون عليها في سابقة خطيرة تكشف عن إنحراف البعض وإنزلاقه في مهاوي التطبيع والتبعية والزج بالمقاومة في قضية خليجية داخلية عبر المطالبة بطرد قادة المقاومة من الدوحة وقطع العلاقات مع حماس كأحد شروط دول الحصار للصلح مع قطر .

نقول حتى لا تنحرف البوصلة العربية بأن فلسطين قضيتكم والأقصى مسرى نبيكم وشعب فلسطين جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية وأن الكيان الصهيوني هو الشر المطلق والخطر المحدق فلا أحلاف تعقد معه و لا صداقة تقام معه ولا هدوء يرجى منه وأن مقاومتنا ليست إرهاب وأن دفاعنا عن أرضنا ليست من ضروب التهلكة وأن الفداء للأوطان من الدين وأن الدفاع عن المقدسات شرف عظيم وأن الكيان الصهيوني هو الوكيل الحصري للإرهاب .

بقلم/ جبريل عوده