يخطىء من يعتقد بان عملية الجبارين في المسجد الاقصى المبارك كانت هي السبب الذي دفع بحكومة نتنياهو لاتخاذ قرارها بنصب البوابات الالكترونية على مداخل وبوابات المسجد الاقصى المبارك، بقدر ما كانت الذريعة التي استندت اليها تلك الحكومة للمضي قدما في مخططها المعروف والهادف الى تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا وصولا لهدمه وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه عندما تسنح الظروف لذلك . ولذلك فقد ادرك المقدسيون ومرجعياتهم الدينية منذ البداية بان الاذعان ، لذلك القرار والتعاطي معه بالعبور من تلك البوابات ، او اية اجراءات اخرى مشابهه له يفتح شهية تلك الحكومة التي تعبر ايدولوجيا وسياسيا عن مصالح غلاة المستوطنين في الطيف السياسي الاسرائيلي للمضي قدما في مخططها الهادف الى تأبيد سيطرتها على فلسطين . وبالتالي فقد رفض الشعب الفلسطيني البوابات الالكترونية ورفض الاستعاضة عنها بكاميرات ذكية بعد ازالتها فجر الثلاثاء 25/7/20017 لان الهدف من نصب الكاميرات هو ذات الهدف من نصب البوابات وهو انتزاع السيادة الدينية على الاقصى من لدن الاوقاف الاسلامية ونقل شؤون ادارتها لما يسمى بوزارة الاديان الاسرائيلية من ناحية ولان المرور من خلالها يؤدي الى انكشاف عورة الجسد لمن يراقب تلك الكاميرات وهو امر يتنافى مع قيمنا واخلاقنا الاسلامية من ناحية اخرى ان ما يحدث في القدس اليوم ليس صراعا دينيا كما يعتقد البعض بقدر ما هو صراع سياسي بامتياز بين قوة محتلة تدعي احقيتها بملكية فلسطين، رغم ان اقدم مرجع ديني مكتوب لدى اليهود انفسهم وهو" التوراة العهد القديم " يؤكد بانها ارض كنعان ، وكنعان هو احد جدود العرب ، وبين الشعب العربي الفلسطيني الذي تؤكد حقائق التاريخ والجغرافيا واخر قرار اصدرته "اليونسكو " بان وطنه التاريخي وعاصمته "القدس " هي ارض اسلامية خالصة ولا وجود لاي اثر لليهود وهيكلهم المزعوم لا تحت ولا فوق الارض في المسجد الاقصى المبارك . لذلك فان اصرار حكومة نتنياهو على تحويل الصراع على الاقصى الى صراع ديني هو لعب خطير بالنار، لان الاصرارعلى تهويد الاقصى الذي هو بالنسبة لمليار ونصف المليار مسلم آولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يعني لا محالة ان ميدان الصراع مع اسرائيل لن يقتصر على فلسطين والعالم العربي بل سينتقل الى العالم الاسلامي برمته ، وهو ما بدت ارهاصاته تتضح في المظاهرات والتحركات الجماهيرية التي تجتاح معظم ارجاء العالم الاسلامي، وعندها فان من سيخسر هو اسرائيل ولا احد غيرها . بكلمات اخرى فان دخول اسرائيل في صراع مباشر هذه المرة مع الجماهير الشعبية الفلسطينية ، بعيدا عن القوى السياسية ، وتحول قضية الاقصى الى قضية عربية واسلامية شعبية والمتغيرات الاستراتيجية على المستوى الدولي لمصلحة روسيا ، وهزيمة امريكا ومشروعها في سوريا والعراق ، واليمن ، كل ذلك سيخلق ظروفا مناسبة لانتصار قضية الشعب الفلسطيني العادلة . فهبة الاقصى شكلت خشبة انقاذ لكل القيادات الفلسطينية التي اعتقinfدت ان صفقة القرن الترامبية هي قدر لا راد له ، حيث اثبتت تلك الهبة بان من يقرر مصير القدس وبقية الاراضي الفلسطينية ليس نتنياهو وليس الادارة الامريكية ولا الكونجرس ، وانما الجماهير الفلسطينية والعربية ومسلمي العالم ولا احد غيرهم . لذلك فان المطلوب هو التمسك بالمطلب الفلسطيني بعدم الدخول المشروط الى المسجد الاقصى ، وبرفض اخضاع هذه القضية على الطريقة الفلسطينية المعهودة للتفاوض لان اي حل وسط لهذه القضية هو مقتل لها وخسارة لمعركة القدس وفلسطين .
بقلم : محمد النوباني
