القدس تصنع النصر

بقلم: عباس الجمعة

بالطبع القوة والكفاح يحتاجان إلى قرار فلسطيني ووضع استراتيجية لتنفيذه وخطط مدروسة ومشتركة، قد تجعل الكيان الصهيوني يعيد حساباته ، ويتراجع عن عدوانيته وغطرسته ، والسياسة التوسعية الإستيطانية الاقصائية ، ومن أهم العوامل التي ستساعد على تطوير الكفاح الفلسطيني بكافة أشكاله الوحدة الوطنية ، وانهاء حالة الانقسام الكارثي ، وتحقيق المصالحة، وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني، خصوصا مع تنامي المؤشرات التي تكشف عن قرب تفجر وولادة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة ، والتي يأمل الفلسطينيون أن تكون ( انتفاضة الاستقلال الفلسطيني ) بعد انتصار القدس والمسجد الاقصى على بوابات الاحتلال .

من هنا نقول القدس تصنع النصر ولا يجوز الرهان على المفاوضات باعتبارها العمل والسبيل الوحيد المتاح والممكن في ظل الظروف والمعطيات الحالية على المستوى الفلسطيني والعربي والاقليمي والاسلامي والدولي ، بل ثبت بشكل ملموس ارادة وصمود وتضحيات الشعب الفلسطيني انه قادر على المواجهة مع الاحتلال بكل عزيمة وشموخ .

لذلك علينا التوقف امام مسار المفاوضات على مدار اربعة وعشرون عاما ، الى اي نتيجة اسفرت ، حيث سعت حكومة الاحتلال الى إستنزاف المفاوض الفلسطيني ، وقضم ما تبقى من الارض الفلسطينية ، وبناء المزيد والمزيد من المستوطنات ، الا ان ارادة الشعب الفلسطيني لم تتوقف عن مواصلة النضال والمقاومة رغم الزمن العربي الرديئ .

أنّ إزالة البوابات والجسور والمسارب الحديدية من عند باب الاسباط في مدينة القدس المحتلة، هو نتاج الهبة الجماهيرية التي تقدّمها أهالي القدس البواسل، والذين أدركوا الأبعاد السياسية لإجراءات دولة العدو من وراء نصب البوابات وغيرها، باعتبارها جزء من الترتيبات والاجراءات التي لا تتوقف لتهويد كامل مدينة القدس والاستيلاء على المسجد الأقصى.

ومن هنا علينا ان نحذر من المناورات التي قد تقدم عليها حكومة الاحتلال للالتفاف على الانتصار الذي تحقق، سواءً من خلال وعودات زائفة، أو من خلال وساطات خارجية أو إجراءات ووسائل بديلة، تحقق لها ذات الاهداف التي أرادتها من وراء إقامة البوابات والجسور ونصب الكاميرات الذكية.

لذلك يجب ان يكون هذا الدرس هو محطة من محطات النضال الذي يقوم بها الشعب الفلسطيني وخاصة ما قام به في هبة الأقصى حيث وقف ابناء القدس والضفة وقفة رجل واحد مسيحيين ومسلمين تصدوا بصدورهم لرصاص الاحتلال وسقطوا إما شهداء أو جرحى دفاعاً عن عروبة القدس وعروبة فلسطين ادت الى تحقيق الانتصار، لانهم توحدوا حول هدف وطني محدّد في سياق الهدف الوطني الجامع، هدف الحرية والاستقلال والعودة.

امام هذا الانتصار نتطلع الى مواصلة مسيرة الكفاح الذي يخوضها الشعب الفلسطيني من خلال هبته وانتفاضته ضد الاحتلال ، وهذا يستدعي من الكل الفلسطيني، العمل على إنهاء حالة الانقسام سريعاً، ورسم استراتيجية وطنية واعادة الاعتبار للمشروع الوطني، وخاصة ان الشعب الفلسطيني اليوم ينتظر عقد المجلس المركزي والوطني من اجل الخروح ببرنامج وطني يحدد اولويات النضال ، ويعيد تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على ارضية شراكة وطنية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

اذن لقد انكشف التخاذل العربي والاسلامي، والصمت الدولي المريب ، امام ما جرى في المسجد الاقصى والقدس وحيال مخططات الكيان الصهيوني وتهويده المستمر للأرض الفلسطينية والعربية المحتلة، واغتصابه لكافة حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم ، لهذا فان الانتصار الذي حققته الهبة الشعبية في القدس لن يكتمل من دون البناء سياسيا عليه بالتأسيس لمرحلة جديدة ،مرحلة تعتمد المقاومة والوحدة الوطنية على أساس الشراكة قاعدة لصنع القرار الوطني، كضمانة وحيدة للحيلولة دون نجاح محاولات جارية فعلا لاحتواء هذا الانتصار ، والعمل على رفض اي مؤتمر اقليمي تسعى اليه الادارة الامريكية لتمرير اي صفقة خدمة لكيان الاحتلال الصهيوني .

ختاما : لقد صنعت القدس انتصارا يضاف الى انتصارات الشعب الفلسطيني ، يجب أن يفهمه العدو الصهيوني أولاً قبل الشقيق والصديق وفي مقدمتهم كل من راهن على تخليه عن دعم صمود الشعب الفلسطيني امام المسجد الاقصى ، حيث اكدت هبة القدس بان هذه الشعب لن تنكسر ارادته ولم يتمكن احد من النيل من حقوقه الوطنية المشروعة ، فهبة القدس هي الخطوة الجدية الأولى على طريق التحرير والعودة والحرية والاستقلال في كل فلسطين وهذا أصبح واقعا عمليا وعلميا وليس حلما كما يتوهم البعض من ضعاف النفوس والإرادة .

بقلم/ عباس دبوق "الجمعة "