بالأمس سجل التاريخ في صفحاته حدث كبير كانت القدس بحاجة اليه منذ اكثر من خمسين عاما سجلت الجماهير الفلسطينية بالصوت والصورة هذا الحدث الكبير وقالت كلمة كل مسلمي العالم قالت ان الأقصى مسجدا اسلاميا خالصا لا حق لليهود فيه انه اليوم الذي التحمت فيه كل الطاقات دون الوان سياسية حملت المرجعيات الدينية على الاكتاف ودخلت المسجد الأقصى من كل أبوابه بعد رفضهم الصلاة في المسجد الأقصى بسبب اجراءات الاحتلال التي اراد من خلالها فرض شكل من اشكال السيادة الاحتلالية مقدمة لتقسيمة بين اليهود والمسلمين السابع والعشرين من تموز عام 2017 يوم رفع فيه الفلسطينيين العلم الفلسطيني على اسوار المسجد الأقصى وفرضوا السيادة الفلسطينية على المسجد الأقصى بالكامل بالرغم ما حاولت فيه قوات الاحتلال الصهيوني من قمع الفاتحين وضربهم واطلاق النار عليهم واعتقالاهم الا ان عشرات الالاف دخلوا المسجد الأقصى وادوا صلاة العصر في جماعة ورابطوا ليلة كاملة للاستعداد لصلاة الجمعة صلاة لترسل الجماهير من خلالها الرسائل الكافة للاحتلال الاسرائيلي بان كل قوة جيشكم واجراءاتكم وحقدكم لن ينال من عزيمة القدسيين واهل فلسطين وتحول بنهم وحماية المسجد الأقصى.
الحدث الهام والكبير والذي حقق النصر للجماهير الفلسطينية هو تشكل قيادة دينية للشعب الفلسطيني في القدس منذ اليوم الاول لمحاولة الاحتلال اغلاق البوابات وتنصيب اجهزة الكترونية وكاميرات والعبث بتاريخ ومكانة المسجد الاقصى وكان لهذه القيادة المرجعيات الدينية دور كبير وفاعل في وحدة كلمة الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحين بعدم الرضوخ لإجراءات الاحتلال والصلاة خارج المسجد الأقصى اي على الابواب برغم جبروت الاحتلال والقمع المجرم للمصلين وركلهم واطلاق النار عليهم ومحاولة تفريقهم بالغازات السامة والقنابل الصوتية الى ان ثبات الجماهير و وقوفها خلف قياداتها ومرجعياتها الدينية كان عنصرا هاما لإجبار الاحتلال على التراجع خشية ان تتفجر الاوضاع في كل مكان وتدخل النار بيوت اليهود على امتداد الوطن المحتل و تتهدد حياتهم اليومية لذا فان الاحتلال كان يسابق الزمن لإنهاء الازمة قبل دخول وقت الجمعة الثانية لنفير الفلسطينيين الشامل وشد الرحال للمسجد الأقصى و وصول مئات الالاف من الفلسطينيين زحفا الى المسجد الأقصى بعد اغلاق كافة مساجد المدينة المقدسة بتعليمات من القيادة الدينية التي كانت توجيهاتها امرا والزاما لكل المرابطين واهل فلسطين من شمالها الى جنوبها ومن غورها الى بحرها .
لعل اصطفاف القيادة السياسية وراء القيادة الدينية والالتزام بما تقوله وتتخذه من اجراءات شكل دورا داعما ومساندا لكل التوجهات الهامة للقيادة الدينية وعزز كثيرا الدور الذي قاموا به على اكمل وجه وارسل رسائل مهمة للاحتلال الاسرائيلي بان القول الفصل فيما يجري في فلسطين اليوم لهذه القيادة التي نالت شرعيتها من الجماهير الفلسطينية التي حملتها على الاكتاف وكبرت الله واكبر الله واكبر وكان قرار القيادة السياسية بالإعلان عن تجميد كافة اشكال الاتصالات مع دولة الاحتلال الى ان تعود اسرائيل عن اجراءاتها و تزيل البوابات والكاميرات و الممرات وتفتح الابواب عظيم الاثر في نفوس كل اركان القيادة الدينية الفلسطينية التي ادركت بانها صاحبة القرار من الان فصاعدا لعل حالة الوعي التي تتمتع بها هذه القيادة عززت اصرار الجماهير الفلسطينية بعدم الرضوخ لأي التفافات او حيل اسرائيلية لمحاولة تفكيك البوابات الالكترونية واستبدالها بكاميرات تعتبر اخطر من تلك البوابات لا بل ان المرجعيات الدينية كان بإمكانها اقامة صلاة ظهر يوم الخميس السابع والعشرين من تموز لكنها اعلنت للجماهير ان الصلاة في الأقصى ستكون بعد الاطلاع على تقرير اللجنة الفنية التي شكلتها هذه القيادة للاطلاع على ما فعلته اسرائيل بالمسجد الأقصى وبواباته ولعل الهجمة الاحتلالية الكبيرة بقمع المصلين داخل باحات الأقصى وحرمان الاف من الفلسطينيين بالدخول للمسجد الأقصى بعد اتخاذ اسرائيل قرار يوم جمعة النصر بمنع من هم اقل من 50 عام بالدخول الى المسجد الأقصى هدد بعودة الاوضاع الى حالة المواجهة الكبيرة من جديد وفي هذا الاتجاه هددت المرجعيات الدينة بالعودة للصلاة خارج المسجد الأقصى من جديدة وتحرك الجماهير لإسقاط هذا القرار الاحتلالي الحاقد الذي ان دل على شيء فانه يدل على محاولة اسرائيل الايحاء انهم لم يهزموا امام الجماهير الفلسطينية .
ان ما يقلق اسرائيل اليوم هو تشكل هذه القيادة الدنية ذات التأثير الكبير على الجماهير الفلسطينية ما جعل الامر في المسجد الاقصى والسيادة عليه وحرية وصول المسلمين الفلسطينيين والعرب والاجانب والزوار والمرابطين وطلاب مساطب العلم من اليوم اختلف واصبح بيد المرجعيات الدينية فان عادت اسرائيل ومنعت المسلمين من الوصول الى مسجدهم بحرية واستمرت في السماح للمستوطنين اليهود باقتحام باحاته فان المرجعيات الدينية التي هي القيادة الدينية الحقيقية لكل ابناء الشعب الفلسطيني ايمنا كانوا لها ان تتخذ الاجراءات المناسبة وتقرر الفعاليات المطلوبة وتشارك الجماهير فيها ولعل الدور القادم لهذه المرجعيات ليس المسجد الأقصى وحمايته فقط بل كل مفردات الحالة الفلسطينية بدأ من الأقصى والحرم الابراهيمي وكل المقدسات وانتهاء بتحريم استمرار الانقسام وتعرية من يصر عليه من الفصائل وبالتالي فان القيادة الدينية هي التي تفرض سلامة الحالة الفلسطينية واستعادة وحدة الشعب الفلسطيني وهي قادرة على ذلك ويمكنها توجيه الجماهير لاتخاذ الاجراء الكفيل بإجبار الطرف الممانع لاستعادة الوحدة الوطنية والنزول عن الشجرة وتلبية استحقاقات وحدة الصف الفلسطيني و وحدة التمثيل السياسي الفلسطينيين استعدادا للمعركة الكبيرة وهي انهاء الاحتلال بالكامل واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية.
بقلم/ د. هاني العقاد