ذكرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية بانها علمت من مصادر في منظمة الأمم المتحدة، أن لجوء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الأسبوع الماضي، للإعلان عن سحب مشروع مقدم للجمعية العامة من أجل زيادة موازنتها، يأتي خشية من قيام الإدارة الأمريكية، أكبر ممولي المنظمة الدولية، من تقليص قيمة تبرعاتها السنوية، خاصة وأنها من الدول التي ترفض زيادة الموازنة، لهذه المنظمة التي تعنى بتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين في خمس مناطق في العالم.
وقبل أيام أعلنت "الأونروا" بشكل رسمي، أنها هي من بادرت إلى الطلب من الأمم المتحدة، تأجيل طرح مشروع زيادة موازنتها للتصويت، رغم امتلاكها العدد الأكبر من الأصوات داخل الجمعية العامة، بخلاف الموقف الأمريكي الرافض، الذي لا يستطيع أن يعيق تمرير القرار، فلا فيتو لواشنطن في الجمعية العامة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مسؤول في الأمم المتحدة، أن قرار زيادة الموازنة الخاصة بـ "الأونروا" من خلال الحصول على أموال دعم إضافية من الموازنة العامة للأمم المتحدة، لم يرفض، بل جرى تأجيله بطلب من "الأونروا" نفسها، بهدف إجراء مزيد من المشاورات والنقاشات مع الدول المانحة والشركاء خاصة الإدارة الأمريكية. وأوضح أن القرار كان سيحظى بأغلبية141 صوتا. وأضاف أن "الأونروا" تخشى أن تبادر أمريكا بعد صدور القرار، خاصة وأنها تعتبر الداعم الأكبر للأمم المتحدة و"الأونروا" إلى تقليص الأموال التي تدفعها سنويا لموازنات هذه المنظمات، مما يؤثر سلبا على الخدمات التي تقدمها.
وأكد المسؤول أن "الأونروا" لا تريد الدخول في إشكالية مع الولايات المتحدة، وأنها فضلت إجراء نقاش معها، بهدف إقناعها بزيادة الموازنة، وخشية من وقف التمويل مستقبلا. وأمس جرى الإعلان عن عزم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إجراء زيارته الأولى منذ توليه منصبه إلى إسرائيل والمناطق الفلسطينية، حيث سيزور كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة، نهاية الشهر الحالي، لمدة ثلاثة أيام، يلتقي خلالها مع مسؤولين من الطرفين، ويتفقد مؤسسات الأمم المتحدة العاملة.
وتأسست الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لحوالي خمسة ملايين لاجئ من فلسطين مسجلين لديها. وتقتضي مهمتها تقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية، إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم لمحنتهم. وتشتمل خدمات الأونروا على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير.
وتواجه الأونروا طلبا متزايدا على خدماتها بسبب زيادة عدد لاجئي فلسطين المسجلين ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المتفاقم. ويتم تمويل "الأونروا" بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية فيما لم يقم الدعم المالي بمواكبة مستوى النمو في الاحتياجات، وتقول المنظمة الدولية إنه نتيجة لذلك فإن الموازنة البرامجية لها، التي تعمل على دعم تقديم الخدمات الرئيسة، تعاني من عجز كبير.
ومؤخرا طرح مشرع حصول "الأونروا" على أموال من موازنة الأمم المتحدة، لسد العجز في الموازنة، الذي أثر على كثير من الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين، والتي طالت قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.
يشار إلى أن تقارير إسرائيلية، ذكرت في وقت سابق، أن تل أبيب وواشنطن مارستا ضغطا أدى في نهايته إلى إحباط مشروع في الأمم المتحدة لزيادة موازنة "الأونروا". وحسب ما جرى ذكره فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة، شطبت من جدول أعمالها الجمعة الماضية، مشروع قرار قدمه الفلسطينيون وتحالف الدول النامية لزيادة موازنة "الأونروا"، بحيث يتم استقطاع هذه الزيادة من الموازنة العامة للمنظمة لتمكين الوكالة من القيام بأنشطتها في مناطق عملياتها الخمس لصالح اللاجئين الفلسطينيين.
ونقل التقرير عن السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون قوله "إن السنوات الأخيرة كشفت مراراً وتكراراً كيف تستعمل وكالات الأونروا الأموال التي تصلها من المنظمات الدولية والإنسانية لأعمال وفعاليات معادية لإسرائيل، وإنتاج مواد تحريضية وتشغيل عناصر حركة حماس في صفوفها". ودعا لإقامة "جهاز رقابي صارم" للتأكد من وصول الأموال لما تم تخصيصه من مشاريع إنسانية، ولا تمول نشاطات معادية لإسرائيل.
ويتردد أن طلب زيارة موازنة "الأونروا" يخصها فقط دون باقي المنظمات الدولية، كونها تحتاج هذه الأموال في متطلباتها التمويلية باستثناء الرواتب والأجور، غير أن إسرائيل والولايات المتحدة أبدتا معارضتهما لهذا الاقتراح.
وكثيرا ما أعلنت "الأونروا" عن وجود عجز مالي كبير في موازناتها، يقدر بعشرات ملايين الدولارات، واضطرت إلى تقليص الكثير من الخدمات التي تقدم لللاجئين وأهمها خدمات صحية وتعليمية، بسبب العجز الكبير في الموازنة.
يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا في وقت سابق لتفكيك "الأونروا" بزعم أنها تحرض على إسرائيل، ولأن استمرار عملها يعمل على بقاء مشكلة اللاجئين وليس حلها. وطالب نتنياهو بتوزيع المهام التي تقوم بها هذه المنظمة على مؤسسات الأمم المتحدة.