أحزاب أجهزتها سراب

بقلم: مصطفى منيغ

وماذا تنتظر دولة المملكة المغربية لتحاسب مثل الأحزاب السياسية وقد حكم عليها الملك محمد السادس بفقدان الثقة فيها ومنها ، أم وزارة الداخلية في حاجة لأكثر من ذلك كي تتحرك لإنقاذ الشعب المغربي من ظاهرة أحزاب تجاوزها الوعي المغربي بمراحل قبل خطاب 29 يوليوز 2017 الذي وضَّحَ حالها، المؤدي حتماً لسوء مآلها، وترك المجال لأحزاب سياسية تليق وعصر الألفية الثالثة المساير إلزاماً لاحترام حقوق الإنسان، وإبعاد المؤسسات الدستورية عن تصرفات لم تعد تتناسب والتوجهات الجديدة المؤدية للقيام بالواجب أو التنحي عن طيب خاطر، وتيك قمة التمدن، وأرقى درجات التحضر، وسمة من سمات تقدم الدول صوب الازدهار والتعايش المنضبط والسلام المبنى على العدل والمساواة والأخذ بالحق عند الاختيار، مهما كان المجال لإصدار امتن قرار .

"كَفَى" لم تعد كلمة يُفهم منها رجاء الكف ، بل أصبحت في المملكة المغربية بمثابة الأمر بالتوقف ، ما دام التوسل لاحترام ما ترمز إليه حكمة "إنما للصبر حدود" لم يأت (منذ سنوات) بالحل المتفق عليه من طرف جميع عناصر الدولة التي تنادي علناً بتكريس الحق والقانون، وفي السر، "المبذولُ" يؤكد التدبير الغريب الصادر (متى جد البحث) عن المجهول .

... حتى الحكومة فَقَدَ رئيس الدولة الثقة فيها، أليست مكونة في غالبيتها من الأحزاب السياسية الموصوفة بمثل الصفة ؟، إذن كان على رئيسها (العثماني) تقديم استقالته والانسحاب في صمت تاركاً المسؤولية بين يدي الملك يفعل بها ما شاء .

... الأيام رتيبة مر منها ما مر، ولا شيء تغير، كأن خطاب عيد العرش الثامن عشر، بمثابة فاصلة بين جملتين إحداهما تجسم ما مضى، وأخراهما تحسد ما سيمضي ، وكلتاهما تصلحان لحاضر عن التقدم تعثر، كي لا يصبح مستقبلاً بوضعه الطبيعي بل زمنا يُسمى حسب هَوَى حاكم يملك تصريف الشأن العام المغربي كما خطَّطَ له بعيداً عن الواقع، وما هو واقع، لأجَلٍ غير محدد بمرسوم أو قانون يستمد صلاحيته من أسمى توقيع .

... بعد أسابيع قليلة سيعقد أخر حزب في قائمة الأحزاب الفاشلة مؤتمراً وطنياً من أجل إعادة ترسيخ الزعيم الكهل (البالغ عمره 85 عاما) رئيساً مدى الحياة لحزب يظهر نشاطه من الانتخابات إلى الانتخابات ليحصد نفس "الخيبة" وبامتياز، المهم عنده التمتع بملايين الدراهم دعم وزارة الداخلية ابقاءا على واجهة حضوره في المناسبات الوطنية بلا أجهزة تسييرية ملموسة، ولا تأطير للمواطنين سياسياً، ولا مشاركة ميدانية أساسها خدمة الصالح العام ، ولا برامج تثقيفية وطنية تسعى لجلب الجيل الصاعد من شباب الأمة للاشتراك في العمل السياسي الهادف ، فقط استعمال الهاتف "المدفوع الأجر" لاصطياد عناصر يُظهرها إبان المؤتمر ثم يستغني عنها في اليوم الموالي ، فعلى وزارة الداخلية مراقبة مثل المؤتمرات والعمل على اتخاذ ما يلزم تحصيناً للساحة السياسية المغربية وإبعادها عن أصحاب استغلال مثل المؤسسة السياسية لقضاء مآربهم وذويهم لا غير، لم يكتف الكهل المذكور بتكريس نفسه رئيساً مطلق الصلاحيات لحزب أكل عليه الدهر وشرب، بل يحاول توريث "ابنه" منصب الأمين العام بصورة تنفي أنه حزب حرية وما جاورها من شعارات لا أساس لها "داخله" من الصحة

... الحزم المفقود العمود الفقري لما حصدته المملكة المغربية من زرعها اللامبالاة وعدم الاكتراث مما تتلاقاه من إشارات جريئة مفعمة بمحبة الوطن والوفاء لمكتسبات سلفه الصالح ، العناد ما وَلَّد اتقاء مكروه، ولا تغلب على عزيمة شعب ، بل أجج المشاعر، وانهض الهمم، وقوَّى الإرادات، ودفع لسكب الثلاثي في كاس الوحدة على قرار، يشربه عقل كل مغوار ،لا يخشى لومة لائم لا ليلاً ولا بالنهار ، العناد مُنتهي من قاموس الراغبين في إدراك ما فات بإصلاحات فورية قبل فوات الأوان ، العصي لن تسكت فماً يُصرخ الجوع صاحبه ، ولن يرضي جسداً معلولا لا مستشفى بالقرب يداويه، ولا يُثنى عاطلا عن مداومة البحث عن فرصة يعبر بها عن وجوده . الضرب المبرح، ليس بالمباح، في دولة تراقب فجر الصباح، لترى نفسها نقية من جراح أساليب الجاهلية حيث الحكم قائم على الفتك والذبح .

بقلم/ مصطفى منيغ