تحية لكوبا في عيد ثورتها

بقلم: عباس الجمعة

تثبت كوبا يوما بعد يوم إن الهيمنة الأمريكية ليست قدراً و أن المقاومة ممكنة و بشروط مادية بسيطة إن امتلك الإنسان الإرادة ، فعلى مدار اربعة وستون عاماً بقيت كوبا عصية على محاولات التركيع و التدجين و التخريب ، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تترك وسيلة لم تجربها لإسقاط النموذج الكوبي من الاجتياح العسكري إلى التخريب الاقتصادي إلى الحصار الذي لا يرحم إلى استنزاف الكفاءات البشرية إلى الغزو الإعلامي بواسطة الإذاعات والمحطات الموجهة التي تبث سمومها على مدار الساعة ، وبالرغم من كل ذلك بقيت كوبا شامخة تتحدى الغطرسة الأمريكية .

واليوم تأتي الذكرى الرابعة والستون لانتصار الثورة الكوبية ، هذا الانتصار الذي تحقق بفعل صمود الشعب الكوبي وقيادته ، ، على دروب الاستقرار والازدهار والتقدم الاجتماعي، والصمود والنصر في مواجهة تحديات التنمية والانتعاش الاقتصادي، وفي الخلاص من المؤامرات والاستفزازات والحصارات والمشاريع العدوانية الإمبريالية، التي تستهدف النيل من إرادة وسيادة واستقلالية الثورة الكوبية، التي تمكنت بشعبها البطل وحزبها الطليعي والمقدام وقيادتها المناضلة، في الثبات والتواصل والتمسك بالأهداف، وتطلعات وقيم الثورة الكوبية، المتصادمة بالضرورة مع الرأسمالية المتوحشة، بكل تعبيراتها وممارساتها العدوانية في الهيمنة والسيطرة وشنّ الحروب.

وهنا لا بد ان نؤكد على الدور العظيم للزعيم الكوبي فيدل كاسترو بخطاباته التي صنعت له وللثورة شعبيتها، حيث اعتبر الكوبيون فيديل هو القلب والروح والصوت والوجه الملتحي لكوبا الحالية، وراوول هو القبضة التي تمسك بخنجر الثورة، وغيفارا هو دماغها.

الثورة الكوبية تعتبر مثالاً لجميع دول العالم الثالث فقد استطاعت كوبا الحصول على استقلالها بالاعتماد على الشعب الكوبي وحده الذي أمدّ هذه الثورة بجميع الإمكانيات المادية من أجل نيل الاستقلال ، فلم تُقدِم أية دولة على تقديم المساعدات العسكرية أوالمادية للثورة الكوبية قبل انتصارها ، وهي اليوم تعتبر مثالاً نظراً لأنها لا تسمح للتدخل الأجنبي أكان سياسياًّ أم إقتصادياًّ في شؤون كوبا الداخلية .

ومن هنا لقد حققت الثورة الكوبية إنجازات مهمة على الصعيد الاجتماعي ، فقد عمدت إلى مكافحة الأمية وقامت بإنشاء مدارس وجامعات وفرضت إلزامية التعليم ، كذلك قامت بتقديم الخدمات الطبية ، ولم يعد هناك تمييز بين مختلف فئات الشعب ، وانتشرت حرية التعبير وحرية ممارسة الشعائر الدينية ، كذلك قامت ببناء المساكن الشعبية ، وقدمت المنح الدراسية المجانية إلى شعوب العالم .

وفي هذه اللحظات نؤكد ان كوبا ما زالت تقف الى جانب النضال الفلسطيني، وتواصل دعمها للشعب الفلسطيني حتى قيام دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ، بينما المتخاذلون من أبناء أمتنا العريقة ، الغنية بمواردها النفطية والمعدنية و البشرية ، ذات الجغرافيا الهائلة مساحة وموقعاً وذات الديموغرافيا الضخمة والتي تملك كل المؤهلات لتكون أمة عظمى في هذا العالم

يلحون علينا صباح مساء بضرورة العودة الى المفاوضات والموافقة على تسويات مذلة ، فهم ضد خيار المقاومة للشعب الفلسطيني لأن ميزان القوى غير متكافيء ، ويريدون للشعوب العربية ان تستسلم للمشاريع الامبريالية والاستعمارية والارهابيه التكفيرية ، لكن نقول لهم اننا نواجه المؤامرة بصدور عامرة بالايمان ، ونأخذ من اقول الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مقولة ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ، ونأخذ من ثورة كوبا الصغيرة الفقيرة عزيمة مقاومة ووحدة وصمود بمواجهة ما رسمته سياستها الإمبريالية، فهي من وقفت مع شعب فلسطين في المحافل الدولية، وانتصرت للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، ورفضت العدوان الإجرامي على سوريا، واكدت دعمها لكل المقاومين في كل مكان من عالمنا، وفي المقدمة المقاومة في فلسطين، ولبنان، كما وقفت الى جانب سورية في مقاومتها للمؤامرة الاستعمارية والارهابية التكفيرية ، برعاية أمريكية، ومال عربي ، فاليوم تنتصر لكوبا، وشعب كوبا، وهو انتصار لكل الشعوب التي عانت، أو ما تزال تعاني، من أشكال الاستعمار العنصري مثلما هو حال الشعب الفلسطيني، آخر الشعوب الخاضعة للاستعمار بشكله العنصري الصارخ.

ختاما : لا بد من القول ان الجمهورية الشعبية الفتية، وزعيمها التاريخي فيديل كاسترو، و رفيقه الخالد غيفارا الذين قدموا حياتهم من اجل ان تحيا كوبا، يستكمل مسيرتها الرئيس راؤول كاسترو الذي يحمل راية المواصلة والبناء ، بقيادة هذا الشعب الصامد في وجه العدوان والمؤامرات التي لم تتوقف يوما ضد كوبا التي صمدت وانتصرت، لأنها عرفت شروط الانتصار ، وها نحن نؤكد على اهمية انهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على المشروع الوطني وحماية منظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والمعنوي والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وتفعيل مؤسساتها على قاعدة شراكة وطنية حقيقية والتمسك بخيار المقاومة بكافة اشكالها النضالية بمواجهة الاحتلال ، وبهذه الوحدة والموقف سينتصر شعبنا العربي الفلسطيني كما انتصرت كوبا .

بقلم/ عباس دبوق "الجمعة "