لم تكتفي الأونورا بممارستها وقراراتها بقطاع غزة، بتخفيض المساعدات للاجئين المحاصرين، وغلق العديد من مؤسساتها، وخاصة التعليمية، ولم تكتفي بممارستها بحق اللاجئين بالمخيمات الفلسطينية، بالداخل أو الشتات، بالإهمال لحقوقهم، وكف المساعدات عنهم، بسياسة ممنهجة، كان من الأولى تسيرها لرفع معاناتهم، وتوفير الحياة الكريمة لهم .
قرار أخر جديد، كوقع الرصاص، على أهالي مدينة قلقيلية، بإغلاق مستشفي الوكالة، الشاهد على البدايات للنكبة الفلسطينية، والعديد من المعاناة لأبناء المدينة، وضحاياها وشهدائها وجرحاها ومرضاها .
مستشفى الوكالة بالمدينة، يقدم خدماته الطبية لجميع اللاجئين، أينما تواجدوا، فكل من يحمل بطاقة لاجئ، له حق العلاج به، ويأتي قرار الإغلاق، باللحظة التي يمارس فيها الإحتلال، مزيد عدوان وحصار، وقلع للإنسان، وسلب للأرض والأوطان، للفلسطيني أينما تواجد، وبالذات مدينة قلقيلية المحاصرة، المقطوعة الأوصال، مسلوبة الحق، معزولة الوجدان .
مدينة المدخل الوحيد، والبوابه المتحكمة بأيدي الإحتلال، محصورة الحدود، فاقدة الإمتداد، ترى أثرها بعينيك، يتنقل فيه المحتل، تلك الأراضي الجميلة، والتربة الخصبة، والساحل الجميل، الذي تكدس فيه كوم الإحتلال، وذرياته المتنوعة، فوق أرض هي للمدينة الخضراء أصلا، وتاريخيا، لم يعد يسمح لأهلها العبور، إلا بتصاريح الإرتباط، وحكايات الكبار، وأثار أقدامهم فوق تربة الرمال، كأنها جنة الصحراء، كما عدن، مدينة معزولة الإهتمام والخدمات، قليلية الزيارة للمسئولين والدوليين إليها، مدينة تحكي حكايات طويلة، عن ثوار تراكضو فوق ثراها، وتنصبوا في بوابيرها، وترقبوا المحتل تحت أشجارها .
هذه الميدينة الخضراء، تنال صدمة جديدة، لا تقل عما سببه ويسببه الإحتلال، بقرار وكالة الغوث، بإغلاق المعلم الطبي الوحيد، ليتدرج القرار خشية بعدها، للمؤسسات التعليمية، للتنصل الدولي من المسئولية، إتجاه القضية الفلسطينية، وحق اللاجئ الفلسطيني بالعودة، والإدعاء بمبررات لا قناعة فيها .
الشعب الفلسطيني، ما زال تحت الإحتلال الجاشم، على حياتهم كل يوم، ينال من أرضهم، وحقوقهم، ومقدساتهم، وأبنائهم، وكل شئ يملكه، لإفراغه من الإنتماء، والترابط مع وجوده، وتأتي وكالة الغوث بهذا القرار، وغيره من قراراتها السابقة، لتعين الإحتلال، وتسهل له مزيد ممارسات، في محاولة إذلال والسلب للحقوق، بدل أن تكون بهذه الحقبة التاريخية، الشاهدة العادلة على الحق الفلسطيني، والجهة المطالبة بحمايته، والداعية نحو استرداده، والمتحدثه بإسم كل لاجئ فلسطيني، أن له حق العودة، ورد كرامته ووجوده، والإعتراف المنصف أن الإحتلال لا حق له، وأن الأصل للاجئ، وأنه لا يعال عليها، إنما هذا جزء من قليل، يحق له من المجتمع الدولي، بتعويضه عما خسره، سنين طوال، تحت المعاناة والظلم والتشريد، وفي لحظة أن قدمت المنظمة الدولية دورها العادل، وأعادت للاجئ الفلسطيني حقه، لن يحتاج لمساعدتها، فالفلسطيني عزيز كريم، اعتاد بناء ذاته، وترميم حياته، ولكنه في هذه اللحظة، لن يتنازل عن حق قضيته، بتلك المعالم الشاهدة على نكبتها، فالتعيد وكالة الغوث قرارها، نحواغلاق مستشفى قلقيلية لوكالة وتشغيل اللاجئين، وأن تعيد جميع قراراتها المقصرة بحق الشعب الفلسطيني .
بقلم/ آمال أبو خديجة