عندما ذهبت في الأمس القريب إلى إحدى مؤسسات التعليم الحكومية وحصلت على وثيقة كان عنوانها الرئيسي "دولة فلسطين" ومن ثم وزارة التربية والتعليم العالي . شعرت بأنني أقراءها لأول مرة . وتسربت الفرحة إلى قلبي . وكانت لحظات سعيدة بالنسبة لي . وتوقفت قليلا عند هذا العنوان ."دولة فلسطين" وسألت نفسي . هل الدولة تحتاج إلى مساحات واسعة وشاسعة ؟ هل الدولة تحتاج إلى نفوذ وصلاحيات مطلقة ؟ هل الدولة تحتاج إلى حدود مفتوحة ؟ هل الدولة تحتاج إلى قوة إقتصادية هائلة ؟ بالطبع نعم ولكن قبل كل هذا نحتاج أن نتقبل هذا الأمر معنويا ونشعر بالفخر عندما نراها على الأوراق الثبوتية متمسكين بهويتنا الوطنية على خلفيتها الإسلامية . فيجب أن نعلم جميعا أن الدولة الفلسطينية ليس بالأمر السهل فنحن حصلنا عليها عبر محطات كثيرة ومعاناة أكثر. ووسط صراع تاريخي وعقائدي يترتب عليه وجود عدو شرس هدفه الوحيد طمس الهوية الفلسطينية بكل ما تعنيه الكلمة .
بعض السياسيين المتشائمين يقولون أننا ليس دولة ولا زلنا تحت الإحتلال . وهذا لأنهم ينظرون إلى الدولة من زاوية واحدة وضيقة . ومن وجهة نظري أن مفهوم الدولة الأساسي هو معنويا قبل أن يكون ماديا لأنه يمثل الإنتماء الروحاني والوجداني وعلاقة الإنسان بالأرض حتى لو كانت ليس تحت سيطرته . وهذا ما حصل معي عندما قرأت الوثيقة ووجدت عليها "دولة فلسطين" شعرت وكأنني أملك فلسطين التاريخية . وسنتذكر سويا فلسفة الرئيس الراحل "ياسر عرفات" في تعريف الدولة عندما أعلن عن إقامة دولة فلسطين معنويا . وهو إعلان إستقلال دولة فلسطين في الجزائر عام 1988م . ومن قبلها كانت محطة تاريخية أيضا وهي دخول حركة فتح في منظمة التحرير في أواخر الستينات وعندما إنتخب "ياسرعرفات" رئيسا للمنظمة عام 1969م إستطاع "ياسرعرفات" أن يحول خلفية المنظمة من خلفية قومية إلى وطنية . وهذه كانت بداية التحرر الوطني الحقيقية . إن الإنجاز الحقيقي الذي نراه جميعا هو أن يتردد إسم "دولة فلسطين" في جميع المحافل الدولية . وأن نرى علم فلسطين في جميع عواصم العالم . وأن حصلنا على إعتراف رسمي من المجتمع الدولي والأمم المتحدة . وأصبح القاسي والداني يسمع "بدولة فلسطين" بعدما كانت مشتته بين العواصم العربية والدولية وسط مأمرات لطمس هويتنا معنويا وماديا .
فأنا لا أنكر وجود الإحتلال الذي يسيطر على معظم أراضي فلسطين . ولا أنكر الحواجز والمستوطنات وتهويد مدينة القدس . ولا أنكر فصل غزة عن الضفة . ولا أنكر الوضع الإقتصادي القاتل والممارسات اليومية . ولا أنكر حالة الإنقسام والصراع الداخلي وكثير وكثير من المشاكل اليومية . ومع كل هذا لا أنكر أن "دولة فلسطين" عنوانا عريضا على أوراقنا الثبوتية بعد ان كنا بلا أرض وبلا قيادة وبلا هوية .
لنفخر جميعا بدولتنا الجامعة والشاملة"دولة فلسطين"
الكاتب الصحفي : أشرف صالح